لماذا الكتابة بأسماء نسائية؟
إن التخفي وراء أسماء مستعارة ليس جديدا، بل قديم قدم تاريخ الكتابة. فالشاعر الفرزدق عرف بهذا الاسم المستعار أكثر من اسمه الحقيقي همام بن غالب التميمي، وتأبط شرا للشاعر ثابت بن جابر، وأدونيس للشاعر علي أحمد سعيد والأمثلة كثيرة، ولشيوع ذلك قام بعض الكتاب بتأليف كتب في هذا المجال مثل "معجم الأسماء المستعارة وأصحابها" ليوسف داغر، وليس ببعيد عن الأذهان كتاب الأديب السعودي محمد القشعمي عن "الأسماء المستعارة للكتاب السعوديين" الذي رصد فيه أكثر من 450 اسما مستعارا على مدى قرن من تاريخ الكتابة في المملكة. فعلى سبيل المثال، كتب أحمد السباعي مقالات حول المرأة تحت اسم مستعار هو "زوجة أحمد". وأحيانا يكون العمل الرسمي سببا في التخفي وراء أسماء مستعارة، ومثال ذلك الكاتب السعودي عبدالعزيز السالم الذي كتب لسنوات طويلة تحت اسم مستعار هو مسلم عبدالله المسلم، وكذلك الدبلوماسي السوداني محمد بشير أحمد الذي كان يكتب تحت اسم عبدالعزيز حسن الصاوي لسنوات طويلة.
إلى جانب ذلك، هناك عديد من الأسباب وراء التخفي وراء أسماء مستعارة، منها التهرب من القيود الاجتماعية والدينية، والعادات والتقاليد، وحساسية التعبير بصراحة عن المشاعر لبعض الفئات، كالنساء مثلا. ومن الغريب أن هناك عددا قليلا من الكتاب والشعراء في الثقافة الغربية الذين كتبوا تحت أسماء أنثوية، ولكن العكس صحيح، فهناك كثير من الروائيات والكاتبات اللواتي كتبن باستخدام أسماء ذكورية مستعارة، مثل الروائية والناقدة الإنجليزية ماري آن إيفانز التي استخدمت اسما ذكوريا هو "جورج إليوت"، واستخدمت الروائية الفرنسية أمانتين دوبين اسم "جورج ساند"، وكذلك الأخوات برونتي استخدمن أسماء ذكورية، والروائية ج. رولنج استخدمت اسم روبرت جالبريث وغيرهن كثيرات. ويعود ذلك لاعتقادهن أن أعمالهن ستؤخذ بجدية أكبر عندما توقع بأسماء رجال، علاوة على التقاليد السائدة قبل قرنين من الزمن في الدول الغربية.
وفي الثقافة العربية نجد أن كثيرا من الشعراء والكتاب استخدموا أسماء أنثوية أمثال الشاعر أحمد السباعي، ولكن السؤال الكبير: لماذا يلجأ بعض الكتاب إلى الكتابة تحت أسماء نسائية على خلاف ما كان يحدث في الثقافة الغربية؟! وهل هذه الظاهرة عربية أكثر منها عالمية؟
لا شك أن الرغبة في التعبير عن الآراء والمشاعر بحرية كبيرة بعيدا عن النقد أو القيود الأسرية أو الاجتماعية أو الدينية قد تكون من الأسباب، وربما يضاف إلى ذلك الرغبة في الشهرة أو الاعتقاد بجاذبية الكتابة النسائية لدى كثير من القراء، وخاصة لدى فئة النساء، أو الرغبة في التأثير في بعض فئات المجتمع، علاوة على سهولة نشر المواد الثقافية والأدبية التي تحمل أسماء أنثوية!