السعودية تعيد تمويل 43.5 % من ديون يحين موعد سدادها في 2022 .. خطوة استباقية

السعودية تعيد تمويل 43.5 % من ديون يحين موعد سدادها في 2022 .. خطوة استباقية

تمكنت السعودية خلال الأسابيع الماضية من إعادة تمويل 43.5 في المائة من ديونها التي يحين موعد سدادها في 2022، في خطوة استباقية قبل ارتفاع تكاليف التمويل المتوقعة خلال العام المقبل.
ويحل في 2022 أجل استحقاق لديون "محلية" تقدر بـ57.4 مليار ريال، غير أن جهة الإصدار السيادية فضلت انتهاز ظروف السوق الموائمة أواخر الشهر الماضي وقررت إعادة تمويل 32.9 مليار ريال من مبلغ الـ57.4 مليار ريال، وفقا لمصادر مطلعة.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" أن الديون المحلية التي يحين أجل استحقاقها في 2022 قد انخفضت بعد عملية الشراء المبكر الثانية من 57.4 مليار ريال إلى 24.4 مليار ريال.
ومن لم يشارك في عملية الشراء المبكر "من المستثمرين"، فضل الانتظار لحين أجل استحقاق السداد في العام المقبل.
وعلمت "الاقتصادية"، من عاملين في أسواق الدخل الثابت في السعودية، أن شريحة الـ15 عاما منحت عائدا بـ3.50 في المائة للمستثمرين، في حين وصل عائد شريحة الـ12 عاما إلى 3.20 في المائة، بينما شريحة العشرة أعوام عند 2.99 في المائة، وأخيرا الـثمانية أعوام عند 2.60 في المائة.
واستفاد حاملو السندات التنموية من ميزة الاسترداد الزكوي المطبق على الصكوك الادخارية، حيث إن تحمل الجهات المعنية للزكاة وضريبة الدخل على السندات قد توقف بنهاية 2019.
ومن المنتظر أن تقود منهجية "تحويل السندات إلى صكوك" السعودية إلى تعزيز معروضها من السندات الإسلامية وتعزيز مكانتها كرائدة في مجال صناعة الصكوك العالمية ومنصة لتقديم الحلول التقدمية للهيكلة المالية للسندات الإسلامية.
وبحسب الرصد، تمكنت السعودية بفضل عملية الشراء المبكر الثانية من تحقيق عدة أهداف، أولها أن عملية إعادة التمويل جاءت وفق أسعار فائدة متدنية مقارنة بـأسعار الفائدة المتوقعة في العام المقبل التي يرجح لها أن ترتفع.
والهدف الثاني هو أن عملية الشراء المبكر الثانية تؤثر إيجابيا في عمليات تمويل عام 2022 والخاصة بخفض مخاطر إعادة التمويل، إضافة إلى ذلك تسهم هذه الخطوة في توحيد الإصدارات المحلية – لا سيما من السندات - ضمن برنامج الصكوك الذي تم إنشاؤه منتصف 2017.
وبخلاف أن الشرائح الأربع ستساعد في إطالة آجال الاستحقاقات للديون المحلية، فإنها تقود لتطوير أسواق الدخل الثابت المحلية عبر توسيع خيارات التسعير للشركات والجهات الحكومية التي تطرح إصداراتها الخاصة وتسترشد بالجانب التسعيري لإصدارات الحكومة القائمة.
معلوم أن عملية الشراء المبكر الثانية قد تمت لبعض الديون "العامة" المحلية وكذلك الديون "الخاصة" المحلية. وشملت عملية إعادة التمويل، المتمثلة في "إدارة الالتزامات" أربعة إصدارات صكوك جديدة وذلك بقيمة إجمالية 33.48 مليار ريال، حيث توزعت بين 32.9 مليار ريال "كإعادة تمويل" ونحو 500 مليون ريال توزعت على الشرائح الأربع.
وتشكل علاوة الإصدار نحو 500 مليون ريال، لترتفع بذلك القيمة الإجمالية للصكوك الجديدة إلى 33.48 مليار ريال.
استند رصد وحدة التقارير في "الاقتصادية" حول آجال الاستحقاق المنتظر دنو أجل سدادها، إلى البيانات التي حصلت عليها من منصة "فاكتست" للخدمات المالية.
يذكر أن "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.

الشراء المبكر الثاني

أعلنت السعودية، ممثلة في وزارة المالية (المصدر) في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) 2021 اكتمال عملية شراء مبكر لجزء من سندات وصكوك المصدر القائمة المستحقة في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) من العام المقبل 2022، بقيمة إجمالية تجاوزت 33 مليار ريال، إضافة إلى إصدار صكوك جديدة ضمن إطار برنامج إصدار الصكوك بالريال السعودي.
وتعد هذه العملية إحدى مبادرات المركز الوطني لإدارة الدين التي تهدف إلى توحيد الإصدارات المحلية للمصدر ضمن إطار برنامج إصدار الصكوك بالريال السعودي.
وتعد هذه الخطوة هي المرحلة الثانية من مراحل المبادرة التي بدأت في عام 2020، والتي سيتبعها مراحل أخرى وصولا إلى توحيد كامل الإصدارات المحلية والسماح لجميع حاملي الصكوك بالاستفادة من الاسترداد الزكوي المطبق في برنامج إصدار الصكوك بالريال السعودي.
كما تعد هذه المبادرة استمرارا للجهود التي يبذلها المركز لتعزيز السوق المحلية، ومواكبة تطورات السوق التي انعكست في ارتفاع حجم التداولات في السوق الثانوية، كما أنها تفعيل لدور المركز في إدارة التزامات الدين الحكومية والاستحقاقات المستقبلية، وضمان وصول السعودية إلى أسواق الدين بسعر عادل، ولتتكامل الجهود مع المبادرات الأخرى لتعزيز المالية العامة على المدى المتوسط والطويل.
وقام المركز بتقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى أربع شرائح بلغت قيمتها الإجمالية 33.48 مليار ريال، حيث جاءت الشريحة الأولى بقيمة 11.11 مليار ريال وبأجل استحقاق يحل في 2029، والشريحة الثانية بقيمة 5.57 مليار ريال وبأجل استحقاق يحل في 2031، فيما جاءت الشريحة الثالثة بقيمة 11.36 مليار ريال وأجل استحقاق يحل في عام 2033، والشريحة الرابعة بقيمة 5.44 مليار ريال وتستحق في عام 2036.

الشراء المبكر الأول

كانت السعودية قد أعلنت في تموز (يوليو) 2020 اكتمال عملية الشراء المبكر لجزء من السندات القائمة المستحقة في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) للعام نفسه بقيمة إجمالية بلغت 34.26 مليار ريال "نحو 9.14 مليار دولار".
وقالت وزارة المالية، حينها، في بيان إن المملكة أصدرت أيضا صكوكا جديدة في إطار برنامجها للصكوك المحلية. وجرى تقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى أربع شرائح بقيمة إجمالية 34.645 مليار ريال.
وأظهرت وثيقة حصلت عليها "الاقتصادية" حينها، أن الحكومة السعودية أصدرت صكوكا "رباعية الشرائح" متوسطة وطويلة الأجل وتراوحت عوائدها ما بين 1.64 في المائة إلى 3.10 في المائة.
وجاءت الطروحات الأربعة الجديدة دفعة واحدة وتضمنت آجال استحقاق تطرح للمرة الأولى في تاريخ المملكة، خلال تلك الفترة، كشريحة الأربعة والثمانية أعوام.
وجاءت عملية الإصدار الثانية خلال تموز (يوليو) كحدث استثنائي نظرا لكونه يأتي ضمن أول عملية شراء مبكر لسندات قائمة خمسية يحين أجل استحقاقها هذا العام.
وبحسب وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة "الاقتصادية"، فإن إصدار الـ34.6 مليار ريال، التي تم إدراجها وتداولها في السوق المحلية أواخر تموز (يوليو) 2020، يعد أضخم إصدار في تاريخ أسواق الدخل الثابت في السعودية خلال ستة أعوام.
وبحسب معلومات "الاقتصادية" حينها فإن ما نسبته 80.8 في المائة من حاملي السندات التنموية للحكومة السعودية قد حولوا ممتلكاتهم السابقة من السندات المقومة بالريال إلى صكوك ادخارية.
وفي الإطار ذاته قال مصدر قريب من المستثمرين للصحيفة، إن الاسترداد الزكوي المطبق على الصكوك الادخارية، منذ 2019، دفع بحاملي السندات التنموية للطلب من جهة الإصدار تحويل حيازتهم من السندات التي يحين أجل استحقاقها إلى صكوك جديدة، للاستفادة من هذه الميزة.
يأتي ذلك بعد تشريعات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في أوائل 2019 التي أشارت فيها إلى أن تحمل الدولة الزكاة وضريبة الدخل سيتوقف عن السندات الحكومية بنهاية 2019، إلا أن الدولة ستستمر بتحمل زكاة الصكوك الحكومية منذ شروع القرار في 2019.

نسبة المشاركة

بحسب وحدة التقارير في "الاقتصادية"، فإن إصدار الـ34.6 مليار ريال، الذي تم في 2020، قد شهد نسبة مشاركة من المستثمرين، بالسندات القائمة، تراوحت ما بين 80.8 في المائة إلى 82 في المائة وهذه النسبة أعلى من المعدل العالمي مع الإصدارات الدولارية التي تصل فيه نسبة المشاركة إلى نحو 40 في المائة في المتوسط وفي الأسواق المحلية بشكل عام إلى 60 في المائة في المتوسط.
وتعني "نسبة المشاركة" بين المتخصصين في أسواق الدخل الثابت، نسبة حائزي السندات الذين على استعداد للتخلي عن حيازتهم واستبدالها بأداة دين صادرة من جهة الإصدار نفسها.
وكون السعودية حصلت على نسبة مشاركة عالية من المستثمرين، أعلى من النطاق الدولي المعهود، فإن هذا يعطي دلالة واضحة على ثقة المستثمرين بالجدارة الائتمانية للأوراق المالية الصادرة عن حكومة المملكة.

المعالجة الزكوية

تشهد المملكة منذ إطلاق "رؤية 2030" سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي مست أسواق الدخل الثابت المحلية. كان أولها التشريعات الخاصة بزكاة الصكوك الحكومية، التي صدرت من الهيئة العامة للزكاة والدخل في آذار (مارس) من 2019.
وبخلاف ما يجري مع بعض الدول الأخرى عندما يضطر الأفراد لدفع ضرائب على الأرباح المتحصلة من الدفعات الدورية للسندات الحكومية، فإن السعودية قد تكفلت بتحمل الزكاة على الصكوك الحكومية التي تصدرها وزارة المالية محليا "المقومة بالريال السعودي". إلا أن آلية استرداد المبالغ المدفوعة للزكاة تكمن في تقدم المستثمرين بطلب الاسترداد من وزارة المالية، بحسب توضيحات مصدر مسؤول للصحيفة.
مع العلم أن الزكاة ستكون مقتصرة على العوائد السنوية للسندات الإسلامية، التي يتسلمها المستثمرون، وليس على قيمة الإصدار ككل.
وجاء تحمل الدولة للزكاة المترتبة على الصكوك ليعزز الاستثمار المحلي والدولي فيها، وهذه المسألة تحظى بأهمية كبرى لدى المستثمرين؛ حيث إنها تؤثر في نسبة ما يتحصلونه من الأرباح الدورية للصكوك. ويتماشى ذلك التوجه مع وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي التي كان من أهم مبادراتها معالجة المعاملة الزكوية، وطريقة الاحتساب، وكذلك ضريبة الاستقطاع الخاصة بأدوات الدين.
وتشير قواعد حساب زكاة أنشطة التمويل إلى أنه سيتم التوصل للأصول الزكوية للمكلف بحسم الأصول "غير الزكوية" من إجمالي الأصول.
وعند النظر للأصول غير الزكوية سيتضح أنها تنحصر على الصكوك الحكومية، التي يتبقى من مدة أجل استحقاقها أكثر من عام، التي ستتحمل الدولة زكاتها. كما تتمثل في القروض التي توجهها البنوك نحو مشاريع البنية التحتية، وكذلك القروض التمويلية الطويلة الأجل، وهي في الأغلب منتجات الإسكان، التي يتم توجيهها في العادة للأفراد.

زكاة الصناديق المتخصصة

في الإطار ذاته تتباين المعالجة الزكوية للصناديق المتخصصة بالصكوك الحكومية والمطروحة في السوق السعودية، فعلى سبيل المثال، أفادت وثيقة لأحد مديري الصناديق، أنه يحق لمدير الصندوق إخراج زكاة الوحدات الاستثمارية عن المستثمرين، وتقع على مالك الوحدة مسؤولية إخراج زكاة ما يملك من وحدات استثمارية، وذلك في حال عدم القيام بالربط الزكوي، كما نص القرار الوزاري رقم (2218) والصادر في 2019.
ونص القرار الوزاري على توقف تحمل الدولة عن أي أداة من أدوات الدين الحكومية عدا الصكوك المصدرة ضمن برنامج إصدار الصكوك بالريال السعودي لدى وزارة المالية بدءا من 2020.

أكبر سوق لأدوات الدين المحلية

من ناحية أخرى، أظهرت بيانات حصلت عليها "الاقتصادية"، بالتعاون مع منصة "ماكرو بوند" السويدية، أن السعودية بات لديها أضخم سوق في المنطقة العربية لأدوات الدين المقومة بالعملة المحلية، في خطوة تظهر مدى عمق أسواقها المالية.
وبذلك تجني السعودية ثمرة إصلاحاتها الاقتصادية والخاصة في أسواق الدين التي بدأت منذ ستة أعوام وذلك مع تأسيس المركز الوطني لإدارة الدين في 2015.
استندت بيانات الرصد إلى التقرير الدوري لأدوات الدخل الثابت الصادر من "بنك التسويات الدولية" ومنصة "ماكرو بوند" التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على إثرها بيتكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين بربط تلك البيانات مع بعضها بعضا وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.
وتطلب شركات إدارة الأصول العالمية من المديرين الذين يتولون إدارة صناديق الدخل الثابت بأن يستثمروا في سندات الأسواق الناشئة وبعض تلك الصناديق لا تستطيع الاستثمار في أسواق معينة بسبب عدم ضمها لمؤشرات السندات.
أما الآن فسيتمكن المستثمرون الدوليون من دخول السعودية، أكبر سوق لأدوات الدين المقومة بالعملة المحلية في المنطقة، من خلال مؤشر "فوتسي راسل".
وبحسب رصد وحدة التقارير الاقتصادية، فإنه حتى الآن لم يسعر المتداولون في سوق الدين المحلية إمكانية الترقية وما تحمله من زيادة في المكاسب الرأسمالية.

المرابحات

كانت شركة "مركز إيداع الأوراق المالية" قد أعلنت في 2017 الانتهاء من تسجيل إصدارات الدين العام الحكومية. وتضمن الإعلان الكشف عن أدوات مرابحة، وهي أدوات دين تم إصدارها من أجل التسهيل على البنوك الإسلامية شراء الدين السيادي، ما بين الفترة 2015 و2016.
والمرابحات الحكومية مسجلة، لكنها غير متداولة بسبب أن الشريعة تمنع تداول ديون المرابحات. وإذا تم التداول، فلا بد أن يتم التداول بالقيمة الاسمية. لكن في العادة عندما يكون هناك تداول فإن ذلك يعني أنه سيكون هناك ارتفاع وانخفاض في قيمة هذه الأوراق المالية، ولو تحقق ذلك، فهذا يعني تداول الديون، وهذا ما تحرمه الشريعة.

تباين العائد للإصدارات المحلية

تتميز الإصدارات الحكومية بكونها مرت بفترتين من حيث العائد وذلك خلال ستة أعوام. الأولى كانت إبان تولي البنك المركزي السعودي "ساما" إصدارات السندات الحكومية ما بين الفترة من 2015 إلى 2016 التي تميزت بدنو نسبة العائد على الإصدارات.
فبخلاف السندات التي كانت بالفائدة المتغيرة، التي تتبع حركة السايبور، كان يتم طرح سندات بالفائدة الثابتة، كإصدار شهري جديد من دون إعادة فتح إصدارات قديمة. وبعد ذلك تولى المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، زمام مبادرة إدارة الدين للحكومة السعودية.

مؤشر فوتسي وايبوكس تداول

بخلاف المؤشر الدولي الخاص في الأسواق الناشئة الذي تنصب عليه أعين المستثمرين، فإن "فوتسي راسل" لمؤشرات الأسواق، قد دشن أواخر آب (أغسطس) 2020 مؤشر سندات للسعودية يقيس أداء السندات الحكومية بالعملة المحلية ذات معدل الفائدة الثابت، لتنضم بذلك إلى شركة "آي إتش إس ماركت" التي دشنت هي الأخرى سلسلة مؤشرات "ايبوكس تداول".
إلا أن تلك المؤشرات الفردية تفيد أكثر المستثمرين المحليين، مقارنة بالدوليين في مؤشرات تجمع عدة دول ضمن مظلة واحدة لقياس الأداء.
ويغطي مؤشر فوتسي راسل للسندات الحكومية السعودية، الصكوك والسندات الحكومية بأجل لا يقل عن عام وقيمة مستحقة لا تقل عن مليار ريال "266.65 مليون دولار".

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة