8 قطاعات و 8 مجالات و8 شركات تميزت هذا الشهر في S&P 500
هناك دوما أسهم تستحق المتابعة، وهناك قطاعات تتحرك أسعار أسهم شركاتها بشكل أفضل من قطاعات أخرى، وهناك مجالات صناعية داخل هذه القطاعات كذلك تتحرك أسهم شركاتها بشكل لافت بين الحين والآخر. أحد أهم طرق التعرف إلى الأسهم يتم من خلال رصد الارتفاعات والانخفاضات الاستثنائية التي تحدث خلال مدة شهر واحد لمحاولة اكتشاف ما إذا كانت هناك شركات بدأ يلتفت إليها كبار المستثمرين والمتداولين النشطين، وبالتالي عمل دراسة لأوضاعها ومحاولة استكشاف مسببات تفوق أدائها خلال الشهر.
في هذا التقرير سنلقي نظرة على مكونات مؤشر إس آند بي 500 الشهير، الذي يرمز لكامل سوق الأسهم الأمريكية على الرغم من كون شركاته 500 شركة فقط من بين آلاف الشركات المدرجة أسهمها في الأسواق الأمريكية. سنتعرف إلى أفضل ثمانية قطاعات من حيث الأداء في أكتوبر، وأفضل ثمانية مجالات صناعية، وأخيرا أفضل ثماني شركات تميزت في أداء أسهمها خلال هذا الشهر.
وقد تم اختيار فترة شهر واحد - حتى 22 أكتوبر - لتكون مثالا لمتابعة تغيرات الأسعار على فترة زمنية قصيرة نسبيا، علما أن الأسعار تتغير بشكل سريع أحيانا، لذا هذه فقط أسعار للأسابيع الثلاثة الأولى من أكتوبر.
مؤشر إس آند بي 500
هناك آلاف الأسهم التي يتم تداولها في الأسواق المالية الأمريكية، ما يجعل من الصعب متابعتها جميعها، ويصعب مع ذلك تحديد أداء السوق ككل، إن لم يكن هناك مؤشر يختزل حركة هذه الأسهم في رقم واحد. لذا أطلقت شركة ستاندرد آند بورز في 1957 مؤشرا يضم أسهم أكبر 500 شركة أمريكية، التي تصل اليوم قيمتها السوقية إلى نحو 60 تريليون دولار، وهي قيمة تعادل نحو 70 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي.
ولم يكن تمثيل السوق بشكل أكبر هو الميزة الوحيدة للمؤشر بل كيفية التمثيل كانت إحدى أبرز صفات المؤشر، حيث يستخدم إس آند بي 500 طريقة القيمة السوقية الموزونة في حسابه، بخلاف مؤشر داو جونز الذي يستخدم أسلوب الترجيح السعري، هذا إلى جانب طريقة تصنيف الشركات إلى 11 قطاعا و69 مجالا صناعيا.
يشهد المؤشر هذه الأيام أعلى أداء له تاريخيا حيث وصل إلى أكثر من 4550 نقطة في أكتوبر الجاري، وكان أعلى نمو له في التسعينيات الماضية، حيث استهل العقد عند 353 نقطة وودعه عند 1469 نقطة، وفي 1998 تخطى المؤشر لأول مرة الألف نقطة. ومن بين العقود الخمسة الماضية، سجل المؤشر أكبر تراجع له في العقد الأول من الألفية الجارية، حيث تأثر المؤشر بعدد من الأزمات كحادثة مبنى التجارة العالمي في أول العقد، والأزمة الاقتصادية العالمية في آواخر العقد، ليتراجع وقتها بنسبة 24 في المائة. إلا أنه عاود الارتفاع في 2014 حيث تخطى مستوى الألفين نقطة، على الرغم من التراجع الشديد في أسعار النفط العالمية إلى ما يقارب النصف، ثم تخطى مستوى ثلاثة آلاف نقطة في 2019 ومستوى الأربعة آلاف نقطة في 2021!
قطاعات مؤشر إس آند بي 500
لم يشهد هذا الشهر تراجعا في أي من قطاعات المؤشر، عدا قطاع الرعاية الصحية بانخفاض قارب 4 في المائة، وهو القطاع الذي تبلغ قيمته السوقية أكثر من ثمانية تريليونات دولار، ويشتمل على ستة مجالات أقلها أداء كان تكنولوجيا الرعاية الصحية، الوحيد الذي سجل انخفاضا منذ بداية العام الجاري بحدود 9 في المائة. يأتي هذا الانخفاض رغم احتياج مقدمي الرعاية الصحية إلى خدمات تكنولوجيا المعلومات بشكل حيوي، ففي الـ12 شهرا الماضية تعرض 44 في المائة من مؤسسات الرعاية الصحية والصيدلانية إلى اختراقات لأنظمتها التقنية.
قطاع الطاقة يتفوق في أدائه لهذا الشهر وللأعوام الثلاثة الماضية
استطاع قطاع الطاقة أن يحافظ على ريادته في النمو خلال هذا الشهر بارتفاع بلغ 12 في المائة، بل ويحافظ على ريادته خلال عام كامل محققا نموا في أسعار أسهمه بنسبة 92 في المائة عن العام الماضي، وقد عانى القطاع البالغة قيمته السوقية ثلاثة تريليونات دولار منذ أواخر 2014 من الكثير الضغوطات التي أدت بدورها لخفض سعر النفط إلى أقل من نصف ما كانت عليه سابقا، إلا أن ذلك أخذ بالتغير نتيجة عدة تطورات على صعيد النفط والطلب عليه بعد أزمة كورونا وتفوق المنتجين في ضبط تدهور الأسعار الذي عاناه القطاع أوائل 2020.
تكنولوجيا المعلومات أكبر قطاع بالقيمة السوقية
بحصة تتجاوز الربع من المؤشر وبقيمة تبلغ 16 تريليون دولار استطاعت أسعار أسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات أن تنمو نحو 4 في المائة هذا الشهر، وهي كانت الأعلى نموا من بين أسهم جميع القطاعات خلال الأعوام الخمسة الماضية، بنسبة 250 في المائة، وخلال الأعوام الثلاثة الماضية بنسبة 127 في المائة. وهذا القطاع يشمل شركات تقنية كبيرة ومعروفة ومؤثرة، مثل شركات أبل وجوجل وفيسبوك وميكروسوفت وأمازون وغيرها.
4 قطاعات أخرى تنمو أقل من متوسط نمو المؤشر
بلغ نمو مؤشر إس آند بي خلال هذه الفترة 4.41 في المائة في حين حققت أسهم أربعة من قطاعاته نموا أقل من المؤشر، وهي قطاع العقارات الذي تبلغ قيمته السوقية 1.8 تريليون دولار، حيث نما بنحو 2 في المائة، رغم أدائه الجيد خلال الأشهر العشرة الماضية. كذلك قطاع المرافق العامة نما خلال الشهر بنسبة 1.7 في المائة، وهو قطاع قيمته السوقية 1.6 تريليون دولار، ويتميز بتوزيعات الأرباح العالية، لذا فإن ارتفاع أسعار أسهمه بنسبة 23 في المائة في الأعوام الثلاثة الماضية، يعد أداء أكثر من رائع.
ثم هناك قطاع السلع الاستهلاكية الذي نما بشكل متواضع خلال الشهر بنسبة 0.68 في المائة وهو الأضعف منذ بداية العام الجاري، وأخيرا جاء قطاع خدمات الاتصالات الذي يستحوذ على 11 في المائة من إجمالي قيمة المؤشر، بارتفاع بلغ نحو 0.50 في المائة.
شركات حققت ارتفاعات مميزة خلال الشهر
سجلت 395 شركة من شركات المؤشر نموا في أسعارها، ما يعني أن 79 في المائة من شركات المؤشر حققت ارتفاعا خلال هذه الفترة، وفي المقابل سجلت 104 شركات تراجعا في حين لم يتحرك أداء شركة واحدة فقط، خلال هذا الشهر.
شركة آفيس لتأجير السيارات AVIS
استطاعت أسهم شركة تأجير السيارات آفيس أن تسجل نموا خلال هذه الفترة بنسبة 67 في المائة وهو الأعلى من بين شركات المؤشر، وقد حققت الشركة التي لديها ثلاث علامات تجارية «بادجيت، وآفيس، وزيبكار» نموا ملحوظا في إيراداتها خلال الربع الثاني المنتهي بنهاية يونيو الماضي، حيث بلغ 73 في المائة على أساس ربع سنوي بإجمالي 2.4 مليار دولار، وبلغت أرباحها 400 مليون دولار، متفوقة على خسائر الربع الأول البالغة 170 مليون دولار.
وقد عانت الشركة التي لديها 165 ألف مركبة نشطة عالميا، خلال 2020 حيث لم تتخط إيرادات هذا العام ثلثي إيرادات أي من الأعوام الثلاثة السابقة لها، إلا أنه في الربع الثالث من العام الجاري كان الوضع مختلفا بشكل مطلق حيث تضاعف سعر السهم ليبلغ أعلى قيمة له على الإطلاق عند 173 دولارا، غير أن مكرر الربحية عال جدا عند 65.
دونليلي للاتصالات والتسويق RRD
حققت شركة التسويق ودعم الأعمال التي تعود أصولها إلى القرن الـ19 نموا في سعر سهمها بنسبة لامست الـ 50 في المائة، وهي شركة صغيرة تحرك سهمها خلال عام واحد بارتفاع بلغ نحو ستة أضعاف. بلغت إيرادات الشركة خلال الـ 12 شهرا الأخيرة 4.9 مليار دولار، بإجمالي ربح نحو مليار دولار، غير أن صافي الربح ضعيف بسبب ارتفاع تكلفة المبيعات والمصروفات التشغيلية، كونها شركة تسويق. حصلت هذه الشركة التي يعمل لديها 33 ألف موظف في 28 دولة منذ أيام على عرض من شركة إدارة الأصول "تشاتام" بالحصول على جميع أسهمها مقابل 7.5 دولار للسهم الواحد وهي قيمة لم يبلغها السهم منذ أبريل 2018، ورغم ذلك وصفت الشركة العرض بكونه غير مرغوب فيه، وهذا سبب ارتفاع أسهمها وعودة المضاربين إليها، حيث ارتفع متوسط كمية التداول اليومي بالضعف.
شركة نابورز لمقاولات التنقيب عن النفط والغاز NBR
نما سهم شركة نابورز بنسبة تماثل تقريبا نسبة نمو شركة دونليلي، على الرغم من تناقص في إيراداتها السنوية وعدم تحقيقها لأي ربحية منذ عدة أعوام. وسبب ارتفاع سعرها يعود إلى توقعات متفائلة بشأن تقنيات التنقيب التي تطورها الشركة لمصلحة قطاع الطاقة العالمي، وهي تقنيات تستخدم الذكاء الاصطناعي وأساليب الحفر الأفقي. وكغيرها من الشركات عانت الشركة في 2020 متأثرة بانخفاض الطلب الناجم عن حالة القيود الاحترازية، مسجلة خسائر تجاوزت 820 مليون دولار.
شركة خدمات التأمين MBI
إم بي أي أيه هي شركة لخدمات التأمين المالي للأسواق المالية العامة، تصدر في المقام الأول ضمانات مالية للسندات البلدية المدعومة بالأصول والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، حيث يعد التأمين المالي أو الضمانات المالية شكلا من أشكال تعزيز الائتمان. وقد نما سعر سهم الشركة بنسبة 42 في المائة خلال الشهر رغم تسجيل الشركة أسوأ أداء لها في الربع الثاني بنهاية يونيو الماضي، حيث بلغت إيراداتها فقط أربعة ملايين دولار وبخسارة بلغت 61 مليون دولار.
مثل هذه الأسهم تمر بموجات ارتفاع نتيجة مضاربات على حركة السهم، ولا سيما أن نسبة الأسهم المبيعة على المكشوف تبلغ 8 في المائة من أسهم الشركة، وبالتالي هناك من يضارب على إجبار أولئك المتشائمين بتغطية مراكزهم قريبا.
أباتشي للتنقيب عن النفط والغاز APA
حقق سهم أباتشي نموا بنسبة تخطت 36 في المائة، ورغم تراجع إيرادات الشركة خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 6 في المائة إلا أن إجمالي أرباحها ارتفعت 8 في المائة في الربع نفسه. أسباب جاذبية السهم يعود لارتفاع الأرباح في الفترات الأخيرة بدلا من خسائر بنحو خمسة مليارات دولار في 2020. وتعمل شركة أباتشي في ثلاثة أماكن مختلفة من العالم هي الولايات المتحدة وبحر الشمال في المملكة المتحدة والصحراء الغربية لمصر، إضافة إلى أنشطة الاستكشاف في سورينام.
شنيتزر ستيل للصلب وإعادة التدوير SCHN
نما سهم "شنيتزر" الرائدة في صناعة إعادة تدوير المعادن 36 في المائة، حيث نمت الإيرادات بالنسبة نفسها تقريبا، وقد مرت الشركة التي تأسست منذ 115 عاما بثلاثة أعوام مالية متدنية بداية من 2018 ومرورا بـ2019 و2020 كان أقلها إيرادا 2020، إلا أن إيراداتها البالغة 2.4 مليار دولار خلال الـ12 شهرا الأخيرة توحي بسنة مالية ستكون أقوى من مثيلتها السابقة، وهو ما يراهن عليه بعض المضاربين، ولا سيما أن الشركة عادت إلى الربحية بعد خسائر 2020. وتعمل الشركة في الخردة المعدنية الخام الحديدية أو غير الحديدية، في حين توفر المتاجر الخاصة بها قطع غيار ذات جودة منخفضة للعملاء.
ماراثون للبترول والغاز الطبيعي MRO
نما سعر سهم شركة ماراثون، التي تعمل في استكشاف وإنتاج النفط والغاز ولديها احتياطيات بإجمالي 972 مليون برميل من النفط المكافئ، بنسبة 36 في المائة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من أكتوبر، واستطاعت الشركة تحويل خسائرها البالغة 105 ملايين دولار في الربع الثالث من العام الماضي إلى نقطة التعادل في الربع الرابع، ومن ثم إلى أرباح تجاوزت 400 مليون دولار. ولدى الشركة 32 مرفقا مركزيا للتجميع والمعالجة ونظام تجميع يدعى شوجر لوف وهو خط أنابيب للغاز الطبيعي بطول يتخطى 67 كيلو مترا.
سالم ميديا للإذاعة والنشر SALM
نما سهم الشركة التي تستهدف الجماهير المهتمة بالمحتوى المسيحي والعائلي والقيم المحافظة بنسبة 35 في المائة، وذلك في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي السابق ترمب عزمه تشغيل منصة إعلامية تسعى إلى مواجهة وسائل الإعلام الليبرالية التي يتذمر منها نسبة كبيرة من المحافظين والجمهوريين في الولايات المتحدة. هذه الشركة أخذت أسهمها بالارتفاع وتزايدت كمية التداول اليومية إلى 32 مليون سهم، وذلك لاعتقاد بعض المضاربين أن هذه الشركة قد يكون لها نصيب من "ثورة" ترمب ضد الوسائل الإعلامية التقليدية.
تأرجحت إيرادات الشركة خلال الفصول الأربعة الماضية من السنة المالية ما بين خسارة ونمو بمعدلات تتراوح ما بين 6 و 8 في المائة، في حين أن أرباحها في الأعوام الأربعة الماضية كانت متقلبة. تمتلك شركة سالم ميديا 99 محطة إذاعية، وتعمل من خلال ثلاثة أقسام هي البث والوسائط الرقمية والنشر وتنتج وتوزع المحادثات والأخبار وخدمات الأقمار الصناعية فضلا عن بيع البث التجاري.
خاتمة
هذا التقرير عبارة عن استطلاع لأبرز القطاعات التي لديها ارتفاعات هذا الشهر، إضافة إلى أهم المجالات الصناعية المكونة لمؤشر إس آند بي 500 التي كذلك كانت لديها ارتفاعات مميزة في أسعار أسهمها. ثم قمنا بإلقاء الضوء على بعض الشركات التي حققت ارتفاعات مميزة في أسعارها، معظمها من شركات مؤشر إس آند بي.