رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إعادة تنشيط عملية تشغيل العمالة

إن مستويات البطالة تسجل حالياً ارتفاعاً هائلاً، وذلك لأن الأعمال التجارية التي كانت لتتوسع وتوظف مزيدا من العمالة في الظروف الطبيعية, لم يعد بوسعها أن تفعل ذلك، أما الأعمال التي كانت لتتقلص وتسرح عمالها فإنها تفعل ذلك بسرعة بالغة. إن الشركات التي كان من المفترض أن تتوسع وأن توظف مزيدا من العمالة لم يعد بوسعها ذلك، لأن المستوى العام المحبط لأسعار الأصول المالية يمنعها من اقتراض المال أو بيع السندات بشروط مربحة.
وللتعامل مع هذا الوضع، يتعين على البنوك المركزية أن تشتري السندات الحكومية نقداً بالقدر اللازم لرفع أسعارها إلى أعلى مستوى ممكن, ذلك أن ارتفاع أسعار السندات الحكومية من شأنه أن يعمل على تحويل الطلب نحو سندات الرهن العقاري أو الشركات، على النحو الذي يساعد بالتالي على رفع أسعارها.
وحتى بعد أن تدفع البنوك المركزية أسعار السندات الحكومية لأعلى مستوى ممكن، يجب عليها الاستمرار في شراء السندات الحكومية نقداً، على أمل أن يبادر الناس بعد أن امتلأت جيوبهم بالسيولة النقدية إلى إنفاق مزيد من المال، وأن يؤدي هذا على نحو مباشر إلى انتشال الناس من البطالة وتوفير فرص العمل لهم.
إضافة إلى هذا، يتعين على الحكومات أن تدير عجزاً هائلاً في موازناتها. إن الإنفاق ـ سواء كان من جانب حكومة الولايات المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية، أو بعد التخفيضات الضريبية التي أقرها ريجان عام 1981، أو بواسطة شركات وادي السيلكون في أواخر التسعينيات، أو بواسطة مشتري المساكن في المناطق الجنوبية من الولايات المتحدة وعلى سواحلها منذ عام 2000 ـ من شأنه أن يعزز من عملية تشغيل العمالة, وأن يحد من مستويات البطالة, والإنفاق الحكومي ليس أقل قدرة من إنفاق أي جهة أخرى في هذا السياق.
وأخيرا يتعين على الحكومات أن تتخذ تدابير إضافية لدعم أسعار الأصول المالية، على النحو الذي ييسر لتلك الشركات التي لا بد من أن تتوسع وأن توظف العمالة, الحصول على التمويل اللازم بشروط تسمح لها بالتوسع وتوظيف العمالة.
وعند هذه النقطة نصل إلى خطة وزير الخزانة الأمريكية تيموثي غايثنر للاستعانة بما يقرب من 465 مليار دولار أمريكي من الأموال الحكومية، إضافة إلى 35 مليار دولار من أموال القطاع الخاص، واستخدامها لشراء الأصول المالية الخطرة. إن وزارة الخزانة الأمريكية تطلب من القطاع الخاص أن يودع 35 مليار دولار في هذا الصندوق الذي تبلغ قيمته 500 مليار دولار، حيث يشارك كل القائمين على إدارة الصندوق بقدر من المسؤولية، وبهذا لا يفرطون في خوض المجازفات بأموال دافعي الضرائب.
ولا بد من أن يكون مستثمرو القطاع الخاص على أتم استعداد للمساهمة بهذه المليارات الـ 35، وذلك بسبب الفرصة المتاحة لهم لجمع ثروة طائلة حين تتقلص بعض الفجوة في أسعار الأصول المالية بين قيمتها الحالية والطبيعية. وإذا نجح الصندوق خلال السنوات الخمس القادمة ـ فأدر ربحاً بقيمة 9 في المائة سنوياً ـ يحصل مستثمرو القطاع الخاص على معدل السوق للعائد على استثماراتهم في السندات التي تنطوي على مجازفات خطيرة وما يعادل "رسوم إدارية سنوية" بقيمة 2 في المائة من الأصول الخاضعة للإدارة.
وإذا كان الصندوق أقل نجاحاً ـ فأعطى أرباحا بنسبة 4 في المائة سنوياً ـ فسوف يظل بوسع المسؤولين عن الإدارة الحصول على عائد معقول, ولكن أقل من عائد السوق الذي يساوي 10 في المائة في السنة على أسهمهم. وإذا ساءت الأمور ـ فخسر الصندوق 1 في المائة سنوياً ـ فإن خسائرهم ستكون نحو 70 في المائة من استثماراتهم, وهذه احتمالات جذابة, والوقت وحده سيحدد ما إذا كان الممولون الذين استثمروا في هذا البرنامج وأداروه سيجنون ثروة معقولة. ولكن إذا حدث هذا فإنه يعني أن حكومة الولايات المتحدة ستجني ثروة أضخم. أما نسبة الـ 2 في المائة من الأصول الخاضعة للإدارة, فهي تشكل رسوماً سنوية كان عديد من المستثمرين المخضرمين على استعداد لتسديدها لصناديق الوقاء الخاصة ـ التي زاد عليها رسماً إضافياً بقيمة 20 في المائة من الأرباح السنوية، وهو ما لا تتحمله وزارة الخزانة.
أما حقيقة أن خطة غايثنر من المرجح أن تكون مربحة لحكومة الولايات المتحدة, فهي ليست أكثر من مسألة جانبية, ذلك أن الهدف الأساسي يتلخص في الحد من البطالة. وظهور 500 مليار دولار إضافية في الطلب على الأصول الخطرة, من شأنه أن يقلل من كمية الأصول الخطرة التي سيضطر مستثمرون آخرون من القطاع الخاص إلى الاحتفاظ بها. والظهور المفاجئ لنحو خمسة إلى عشرة صناديق مختلفة مدعومة من جانب الحكومة, من شأنه أن يمكن العطاءات العامة على الأصول من نقل المعلومات إلى الأسواق بشأن النماذج التي يستخدمها أناس آخرون لمحاولة تقدير قيمة الأصول في هذه البيئة.
وهذه المشاركة في المعلومات من شأنها أن تقلل المخاطرة نسبياً, وحين تبدو الأصول أقل خطراً فإن أسعارها سترتفع, وحين تقل الأصول التي يمكن الاحتفاظ بها فإن أسعارها سترتفع أيضا. ومع ارتفاع أسعار الأصول المالية، فإن تلك الشركات التي لا بد من أن تتوسع وتوظف العمالة, ستتمكن من الحصول على المال بشروط أكثر جاذبية.
المشكلة أن خطة غايثنر تبدو في نظري أصغر مما ينبغي ـ ما بين ثُـمن إلى نصف ما ينبغي أن تكون عليه. ورغم أن الحكومة الأمريكية تتخذ تدابير أخرى أيضا, التحفيز المالي، والتسهيلات الكمية، وغير ذلك من استخدامات الأرصدة المخصصة للإنقاذ, فإنها لا تفعل كل ما ينبغي عليها أن تفعله.
وفي اعتقادي أن السبب وراء عدم قيام الحكومة الأمريكية بعمل كل ما ينبغي عليها أن تقوم به يتلخص في ثلاث كلمات: "سيناتور جورج فوينوفيتش"، وهو صاحب الصوت الستين في مجلس الشيوخ, أو الصوت المطلوب لإنهاء النقاش وتفعيل مشروع القانون. ولعمل أي شيء يتطلب عملاً تشريعياً, فإن إدارة أوباما تحتاج إلى فوينوفيتش والأعضاء الـ 59 الآخرين الأكثر ميلاً لتأييدها. ويبدو أن المسؤولين عن التخطيط التكتيكي في الإدارة يعتقدون أنهم مستبعدون, وخاصة بعد فضيحة مكافآت مؤسسة AIG الأخيرة، بينما تعتمد خطة غايثنر على السلطة التي تتمتع بها الإدارة بالفعل. ومن الواضح أن تحقيق مزيد من النتائج الإيجابية يتطلب تحالفاً تشريعياً لم يظهر للوجود بعد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي