رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مسؤول ومسؤولية

لم يكن مستغربا أن يلقى تعيين الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء، كل هذا الترحيب الواسع والعريض من كافة الشرائح وعلى كل المستويات من رسميين وأعيان وعموم الناس، الذين عبروا عن ذلك بالتقاطر عليه للشد من أزره وتأييد وتأكيد لثقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بشخصه.
هذا الترحيب وهذا التأييد لم يأتيا من فراغ، ولم يكونا بالقطع مجرد تعبير عاطفي أو عادة تعودناها، بل عكسا أهمية شخصية الأمير نايف بن عبد العزيز القيادية في اختياره لهذا المسؤولية في هذه المرحلة تحديدا، فهو من قاد سفينة الأمن على مدى عقود واجهت بلادنا في بعض مراحلها عواصف هوجاء استطعنا خلالها تجاوزها, بل وتحقيق إنجازات أمنية نوعية ومفصلية فيها، فلا يخفى على أحد أن بلادنا تعرضت لسنوات عدة ماضية لأخطار أمنية وتهديدات لاستقرارها أبرزها هجمة ومخطط إرهابي سعى مغذى من الخارج لضرب أمننا واستقرارنا، إلا أن يقظة الحس الأمني بقيادة الأمير نايف كوزير للداخلية والمسؤول الأول عن الأمن كان له – بعد توفيق الله ودعم القيادة والتفاف الشعب وحسه الديني الصحيح والوطني المتجذر – دور فاعل ومؤثر في حماية بلادنا من آثارها السلبية المدمرة. والأمن كما نعرف وكما تقرر جميع الدراسات والتجارب، يعد الركيزة الأهم، خصوصا إذا ما واجه تهديدا حقيقيا، في تأمين البلد من تداعياته الخطيرة على الاستقرار الذي هو بدوره مفتاح التنمية الحقيقية وما تتطلبه من ثقة بالنفس، والشهادات كلها تؤكد أن أجهزتنا الأمنية على مختلفها بقيادة الأمير نايف كانت دوما حاضرة وقادرة على احتواء أي تهديدات أمنية لاستقرار بلادنا.
الأهم من تأمين الأمن وحفظ الاستقرار بفاعلية وقدرة ونجاحات لجعله أساسيا وليس مجرد حالة طارئة، هو الفكر الأمني الذي أرساه الأمير نايف للتصدي لمخططات الإرهاب ولكل أهدافه للنيل من أمن واستقرار بلادنا، وهذا الفكر تميز فعلا بميزة فاعلة ومؤثرة وهي أخذه بالجانب الإنساني في التعامل مع العناصر التي روي أنه غرر بها وأنها ضحية ومجني عليها قبل أن تكون جانية، وتطبيقا لهذا المفهوم الأمني الإنساني، أرسى ما عرف بالمناصحة والمعالجة قبل التجريم والعقاب والمحاسبة، وانعكس خصوصا على كيفية التعامل مع العائدين من معتقل "جوانتنامو" حيث تم استقبالهم بنظرة حانية لا نظرة التجريم، ومهد الطريق لهم للعودة لمجتمعهم وأسرهم وحياتهم العادية واعتبروا تائبين وليسوا إرهابيين، ولم يحجزوا في السجون بل في مواقع سميت مراكز الرعاية، وهذا فكر نجح في سحب البساط من تحت فكر الإرهاب الذي سعى لتجنيد من يمكن احتواؤه وتجنيده وغسل مخه بأفكار التكفير لاستخدامه كقنابل بشرية من أبناء بلدنا ومجتمعنا، وشاهد نجاعة هذا الفكر الأمني الإنساني هو تراجع عديد منهم بعد أن استعادوا وعيهم وانكشفت أمامهم حقائق كانت غائبة أو مغيبة عنهم.
لقد بنى الأمير نايف رؤيته لمواجهة الفكر الإرهابي والمتطرف على الحس الإنساني، الذي هو جزء أصيل في شخصيته، فهو وبالرغم من توليه مسؤولية وزارة الداخلية، وهو منصب مخيف عموما، إلا أن صرامة وقسوة هذا المنصب لم تؤثر في الشخصية الأساسية المتمثلة بحسن تعامله وأدبه الجم وروحه الأبوية. ويمكن القول هنا إن شخصية الأمير نايف الإنسانية هي التي غيرت من تصورنا لهذا المنصب المخيف، حتى بات الناس عندما يحتاجون لتسهيل أمورهم لا يترددون في الذهاب إليه وفي مقر وزارة الداخلية.
إن المسؤولية الكبيرة تحتاج إلى مسؤول كبير أيضا، كبير في قدراته وخبراته وحسه الإنساني بصلابة دون عنف, ورقة دون ضعف، وهذه صفات القيادة الموفقة والقادرة على تحمل أعباء المسؤوليات، وحين نعلق على تعيين الأمير نايف بن عبد العزيز نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء إلى جانب مهامه وزيرا للداخلية، فلن نهنئه بهذه المسؤولية، بل نهنئ المسؤولية بمثله، وله ولقيادتنا ولبلدنا كل الدعاء الصادق بالتوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي