التجارة والحرب والاقتصاد العالمي في الألفية الثانية

التجارة والحرب والاقتصاد العالمي في الألفية الثانية

بينما تزدهر الهند والصين ويزداد ترابط الاقتصاد العالمي قد تبدو العولمة ظاهرة جديدة، إلا أن هذه رؤية قاصرة لتاريخ الاقتصاد العالمي، حيث إن التجارة الدولية معروفة منذ قرون وغالبا ما كانت تسهم في تشكيل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويسجل التاريخ اندلاع كثير من الحروب بسبب التجارة.
عام 1000 كانت التجارة الدولية أمرا واقعا وكانت هناك ثماني مناطق تشارك في التجارة الدولية بدرجات متفاوتة، وهي: أوروبا الغربية، أوروبا الشرقية، شمال إفريقيا، جنوب غرب آسيا، جنوب الصحراء الغربية الإفريقية، وسط آسيا، جنوب آسيا، جنوب غرب آسيا، وشرق آسيا.
في الفترة من عام 1000 إلى 1500 ميلادية، كان العالم الإسلامي هو رائد التجارة والتكنولوجيا، وكانت الحملات الصليبية التي أثارت صراعات طويلة بين المسلمين والمسيحيين تساعد على نقل التكنولوجيا من الشرق الإسلامي إلى الغرب المسيحي. في هذه الفترة حلت الأرقام العربية محل الأرقام الرومانية، ما أعطى لرجال الأعمال الأوروبيين في هذه الحقبة طريقة أفضل لحفظ سجلاتهم.
ذهل المستكشف ماركو بولو عندما سافر إلى الصين بثرواتها الهائلة، وصارت التجارة البرية من أوروبا إلى الشرق الأقصى أكثر أمنا في القرن الثالث عشر عندما استولى المغول على رقعة شاسعة من العالم حيث قاموا بغزو الصين عام 1211 بقيادة جنكيز خان، ولضمان سيطرتهم على مقاليد الأمور قام المغول بذبح الملايين من الصينيين وبعد وفاة جنكيز استمر أبناؤه في غزواتهم حتى وصلوا إلى هنغاريا في عام 1241.
في ذروة مجدهم، بسط المغول هيمنتهم على الصين والعراق ومعظم روسيا، وأحكموا قبضتهم على وسط آسيا وأمنوا طرق التجارة وهو ما كانوا يحتاجون إليه ليتمكنوا من جمع الضرائب وفرض الرسوم على القوافل التجارية. وهكذا صار بمقدور التجار شراء الحرير من الصين وبيعه في إيطاليا بثلاثة أضعاف قيمته.
يوضح الكتاب أن لانتعاش حركة التجارة أثرا كبيرا في نقل الأمراض والأوبئة بين الدول، مثل الطاعون الأسود الذي قتل نحو ثلث سكان أوروبا في الفترة بين عامي 1348 و1351. تسبب هذا الطاعون في انهيار أسوق العمالة والأنظمة الاقتصادية. ففي معظم مناطق أوروبا تسبب الطاعون في زيادة قيمة الأيدي العاملة وانخفاض أسعار الأراضي.
شجع هذا النقص في العمالة الكثير من الطفرات التكنولوجية مثل المطبعة التي ابتكرها جوتنبرج. كما زادت مستويات المعيشة في أوروبا وتحولت أوروبا الغربية إلى قوة لا يستهان بها في مجال التجارة العالمية.
يتناول الكتاب الفترة التي ازدهرت فيها التجارة في أيبريا وهولندا ما بين 1500 و1650، وكذلك صعود بريطانيا ما بين 1650 و1780. ثم يتناول الثورة الصناعية والتي كان لها أكبر الأثر في تشجيع حركة التجارة ثم الفترة التي تم فيها اكتشاف قوة البخار واستخدامها في تسيير القطارات والدور الذي لعبته خطوط السكك الحديدية في التجارة ما بين 1780 و1914 ثم الحرب العالمية الأولى وفترة الكساد الكبير الذي اجتاح أوروبا والعالم الغربي حتى الحرب العالمية الثانية وعصر العولمة.

الأكثر قراءة