رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التأمين الصحي والمواطن .. شيء من الشجاعة في القرار

لو سألت مواطنا بسيطا عما يأمله بخصوص الرعاية الطبية له ولمن يعولهم لأجابك دون تردد بأن التأمين الصحي هو الشيء الذي ينبغي أن يستفيد منه المواطن، ولاسيما في ظل تردي الخدمات العلاجية في المستشفيات الحكومية وصعوبة الحصول عليها كذلك.
وهذا غير مستغرب وقد رأى هذا المواطن وبأم عينه الخدمات العلاجية التي يحصل عليها المقيم بمجرد دخوله أراضي المملكة نتيجة تطبيق التأمين الصحي الإلزامي. هذا إضافة إلى أن لجوء المواطن إلى العلاج في القطاع الصحي الخاص على حسابه الشخصي أصبح أمراً شاقاً جداً خصوصاً أن التأمين الصحي على المقيمين في المملكة قد رفع من تكُلفة فاتورة العلاج الصحي في المستشفيات الخاصة وأصبحت المستشفيات في القطاع الخاص لا تعير بالاً حتى لمن يأتي على حسابه الشخصي لمعرفة هذا المستشفى أو المركز الصحي الخاص بمحدودية قدرات الأفراد على الدفع من حساباتهم الشخصية، وأصبحت تركز على المراجعين المؤمن عليهم وتخطب ودهم نظراً لمعرفتها بقدرة شركات التأمين على الدفع ومعرفتها بنطاق تغطيات هذه الشركات للمؤمن عليهم.
بل ووصل الأمر حتى في المستشفيات الحكومية التي تستقبل المقيمين المؤمن عليهم وتقدم لهم خدماتها العلاجية على حساب شركات التأمين أن تميز في معاملتها بين هؤلاء (الزبائن) وأولئك المراجعين من المواطنين الذين يستجدُون العلاج لدى هذه المستشفيات، فرأينا بعضاًً من هذه المستشفيات تنشئ مراكز خدمية لائقة بهؤلاء (الزبائن) وبمسميات ذات "بريستيج" عال مثل مركز رجال الأعمال وغيرها من المسميات التي تليق بهؤلاء (الزبائن)، وأصبحت هذه المستشفيات بقدرة قادر تعطي المواعيد بأسرع من الممكن ومن المُتخيّل، وتبدلت الوجوه الواجمة لمنسوبي مقدمي الخدمة بابتسامات عريضة تليق بالعائد الذي تتلقاه هذه المستشفيات مقابل الخدمات التي تقدمها.
أنا لست ضد هذه الفلسفة الجديدة التي يتبناها كل مقدمة خدمة مأجورة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، فهذه فلسفة اقتصادية مقبولة وتحكمها نظريات اقتصادية مُبرََّرَة.
ولكني أريد أن يتحول المواطن من وصف مراجع يتفضل عليه هذا المستشفى أو ذاك بإسداء خدمة ما إلى وصف زبون مرحب به، ولكن دون أن يتحمل هذا المواطن مسألة دفع المقابل المالي نتيجة هذه الصفة، فهو غير قادر مالياً على أن يتحمل عبء التأمين الصحي له ولمن يعولهم من ماله الخاص، والحل المناسب من وجهة نظري هو اعتماد برنامج تأمين مختلط تتحمل بموجبه الدولة أقساط التأمين بدلاً عن مواطنيها، ومن المناسب أن يكون ذلك وفق برنامج تدريجي من حيث الشرائح التي يتم التأمين عليها، حيث يتم البدء بالفئات ذات الحاجة الشديدة إلى الحصول على خدمات صحية مناسبة وأن يكون التأمين كذلك على بعض الأمراض أو الخدمات التي يستطيع القطاع الخاص تقديمها بشكل فعّال مع بقاء الدولة لتقديم الخدمات العلاجية الأخرى عن طريق مستشفيات القطاع الحكومي مجاناً للمواطن ثم يتم التدرج بتحويل هذه الخدمات إلى خدمات مغطاة تأمينياً وبذلك تصبح كافة الخدمات مشمولة بالتأمين الصحي، ولكن بعد اعتماد تعرفة مالية لكل هذه الخدمات على اختلافها.
وصدقوني سيستفيد المواطن وستستفيد الدولة وستصبح المستشفيات الحكومية ومستشفيات القطاع الخاص على مستوى عال من المهنية بل ستجني الدولة إيرادات مهمة نتيجة تقديم هذه الخدمات عن طريق مستشفياتها الحكومية وستعوض خسارتها لجزء كبير من الأقساط المدفوعة لشركات التأمين، ولكن علينا أن نتحلى بشيء من الشجاعة في القرار وشيء من الوضوح والتخطيط السليم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي