رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لماذا لا تنخفض الأسعار

تابعنا خلال الفترة الماضية كثيرا من الحديث حول بقاء أسعار كثير من السلع الاستهلاكية دون تغيير في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي أدت إلى انخفاض كثير من المواد الأساسية حول العالم وعلى رأسها النفط. واختلفت نسب تراجع أسعار المواد الاستهلاكية والأساسية، ولكن الأسعار اتفقت على أن انخفاض الطلب على تلك المواد هو السبب الرئيس لزيادة انخفاض الأسعار وهو ما تنص عليه النظرية الاقتصادية في العرض والطلب.
وخلال المتابعة لهذا الموضوع لاحظت أن هناك من يتبنى وجهات نظر مختلفة، وشخصيا أعتبرها نظريات جديدة في (علم الاقتصاد)، فقد اطلعت على بعض التحليلات التي تبرر عدم انخفاض الأسعار لدينا بأنه طبيعي وفق نظرية أو فرضية جديدة وهي أن انخفاض الطلب على السلع يزيد وهذا حديث يخالف أساسيات الاقتصاد الجزئي ولا يتطابق مع الواقع! ومن ذلك أن انخفاض الطلب على السيارات قد زاد من أسعارها على أساس أن انخفاض الطلب على السيارة كمنتج نهائي أدى إلى انخفاض في إنتاج السيارات وعليه فقد انخفض الطلب على أجزاء السيارة المكونة لها، ونذكر على سبيل المثال الإطارات. حيث إن انخفاض الطلب على السيارة أدى إلى انخفاض الطلب على الإطارات ولذلك فإن مصنع السيارات خفض من طلباته على الإطارات الذي كان يأخذه بسعر أرخص عندما كان يطلب كميات أكبر لمقابلة الطلب المتزايد على السيارات أيام التضخم الناتج عن النمو الاقتصادي. ويقوم هذا المثال على نظرية ناقصة من عدة جوانب أولها أن سعر الإطارات كان قد شهد ارتفاعا سببه ارتفاع في الطلب العالمي على السيارات مما جعل المصنع ينتج سيارات أكثر لمواجهة تلك الزيادة، كذلك فإن ارتفاع الطلب العالمي أيام الرخاء تزامن مع ارتفاع في أسعار المواد الأولية والأساسية وأهمها النفط لذات السبب وهو النمو الاقتصادي الكبير خلال السنوات الأخيرة قبل الأزمة وهذا يتبع بشكل كبير نظرية العرض والطلب التي تقول وفقا لنظرية الاقتصاد الجزئي, الذي يدرس السلوك الاقتصادي للأفرد والمؤسسات وتفاعلاتهم في الأسواق، حيث تأخذ النظرية في الحسبان إجمالي الكمية التي يطلبها المشترون والكمية التي يوّردها البائعون لأقرب سعر للوحدة. حيث يدمجهما الاقتصاد الجزئي معا ليصف كيف يصل السوق لحالة التوازن بين السعر والكمية ويستجيب للتغيرات الطارئة في السوق من وقت لآخر. وهذا يسمى عموما بتحليل العرض والطلب demand-and-supply analysis لصاحبه ألفريد مارشال، كما أنه يتم تحليل أساسيات السوق مثل المنافسة الكاملة والاحتكار لتطبيقات السلوك والكفاءة الاقتصادية وغيرها من المتغيرات التي لم تفرضها النظرية.
من جهة أخرى، فإن مصنع الإطارات لا يقوم في أسعاره على هامش الربح من المبيعات فقط، بل يقوم على التكلفة الحدية ومن ثم يحسب هامش الربح، والتكلفة الحدية للمنتج تقوم على أسعار المدخلات من المواد الأساسية وفي حالة إطارات السيارات فإن مشتقات النفط تعد عنصرا أساسيا في صناعة المنتج. ولذلك فإن انخفاض أسعار النفط يعني انخفاضا في تكلفة المدخلات ومن ثم انخفاض التكلفة الحدية للمنتج. وعليه فإن سعر الإطارات يجب أن ينخفض وفقا لذلك السبب. من جهة أخرى، فإن انخفاض الطلب على الإطارات يحتم على المصنع اتخاذ التدابير خاصة لمواجهة أزمة الانخفاض ومن تلك التدابير الدارجة في عالم الأعمال، زيادة المبيعات وتقليل التكاليف وإدارة المصروفات. وزيادة المبيعات تأتي على طريق تخفيض الأسعار لمواجه المنافسة أو إضافة تسهيلات إضافية لعملاء، كذلك فإن تقليل التكاليف يأتي عن طريق إيقاف أو تقليل المصاريف الإضافية على المنتج.
من جهة أخرى، فإن من العوامل التي يجدر التركيز عليها عند الحديث عن الانخفاض في أسعار السلع هو سعر صرف العملة إذا كان المنتج أو المواد الأولية المكونة له ترتبط بالاستيراد بعملات أخرى، وهذا الحديث ينطبق على التضخم زمن النمو الاقتصادي وكثيرا ما قام تجارنا بالحديث عن جميع الأسباب السابقة عندما ارتفعت الأسعار خلال الأعوام الماضية حيث عزوا الارتفاع إلى زيادة الطلب العالمي وسعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى.
أستغرب حقا أن الأسعار لم تنخفض وأستغرب عندما أجد من يقول إن الأسعار ارتفعت وأشعر بالقلق على الوطن والمواطن عندما أجد من يبرر ارتفاع الأسعار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي