براون يعد العالم بصفقة "كبرى" في قمة العشرين
وعد رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون بصفقة كبرى لكن آماله في التوصل إلى اتفاق شامل لانتشال العالم من الركود تبدو محكوما عليها بالتعثر حتى قبل أن يبدأ اجتماع قمة مجموعة العشرين. ولا يمكن أن تعلو المخاطر أكثر من ذلك عندما يجتمع زعماء أكبر دول العالم في لندن الثاني من نيسان (أبريل) المقبل. فقد تبخرت بالفعل ملايين الوظائف وقد تضيع ملايين أخرى في وقت يواجه الاقتصاد العالمي أكبر تباطوء له منذ الكساد العظيم. ولا يزال من المتوقع التوصل إلى اتفاقات في الاجتماع الثاني من نيسان (أبريل) على زيادة موارد صندوق النقد الدولي وتوفير الائتمان من أجل تيسير حركة التجارة - وكلاهما على قدر كبير من الأهمية حسبما يقول الخبراء - فضلا عن التزامات خطابية بحرية التجارة. لكن الاجتماعات التحضيرية للقمة كشفت عن انقسامات عميقة بشأن الخطوات اللازمة لوقف الانحدار وإصلاح نظام مالي معطل منذ آب (أغسطس) 2007 تحت وطأة الأصول الفاسدة للبنوك.
اختفى الآن الحديث الطموح عن بريتون وودز جديدة على غرار المؤتمر الشهير الذي أعاد تشكيل النظام المالي العالمي عام 1944. وبدلا من ذلك يتحدث المسؤولون عن إحراز تقدم تدريجي في نظام إشراف جديد لتفادي الأزمات مستقبلا. وفي غضون ذلك ترفض دول أوروبا عموما دعوة براون والرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى مزيد من الانفاق الحكومي. وقال وزير مالية ألمانيا بير شتاينبروك الجمعة إن عدم الانضباط المالي قد يلحق الضرر باليورو. في المقابل يبدي الأمريكيون تحمسا أقل من أوروبا تجاه استحداث قواعد رقابة مالية جديدة أكثر صرامة. ويقول جيمس نايتلي كبير الاقتصاديين لدى أي إن جي "يبدو بصورة متزايدة أن اجتماعات مجموعة العشرين ستقدم على الأرجح الشيء القليل لتعزيز الثقة بل والتوقعات الاقتصادية في الآجل المتوسط نظرا للتعارض بين موقف الولايات المتحدة/ بريطانيا وجل سائر الاقتصادات الرئيسية".
ومن المنتظر التوصل إلى اتفاق لزيادة موارد صندوق النقد الدولي البالغة 250 مليار دولار إلى أكثر من مثليها لمساعدة الدول التي تعصف بها الأزمة ولاسيما في ضوء تحمس بكين للخطة. وينتظر أيضا أن يوافق الزعماء على حزمة بمليارات الدولارات لتمويل التجارة وتقديم تعهدات جديدة بتجنب الحماية التجارية وتشديد السيطرة على الملاذات الضريبية. لكن كل هذا قد لا يكون كافيا لإنعاش الثقة الهشة للمستهلكين والشركات وبخاصة مع استمرار التساؤلات حول الوقت الذي ستستغرقه البنوك لتنظيف ميزانياتها العمومية من استثمارات تكاد لا تساوي شيئا. وحتى بعض الوزراء في حكومة براون رغم تأكيدهم أن قمة لندن ليست سوى خطوة واحدة على درب طويل صوب التعافي العالمي يحذرون من مخاطر تغليب التصريحات الطنانة على المضمون.
وقال مارك مالوك براون وزير الدولة للشؤون الخارجية في نقاش على الإنترنت يوم الجمعة إن الهدف المحوري لقمة الخميس المقبل ينبغي أن يكون إعادة الثقة للمستثمرين والمستهلكين.
وقال "ما لم يفعلوا (الزعماء) ذلك فإنهم سيزيدون بوضوح مشاعر الانجراف والأزمة"، مؤكدا في الوقت نفسه أن القمة لن تقدم علاجا فوريا. وقال مالوك براون "لن نرى الاقتصاد العالمي يتغير إلى الأحسن في الثالث من نيسان (أبريل).. لذا قد تعتبر (القمة) بداية انتهاء الأزمة واللحظة التي استطاع فيها الزعماء التحرك في اتجاه جديد وبنفوذ جديد". ويبذل براون جهدا كبيرا بلا ريب. فقد سافر وزير المالية السابق البالغ من العمر 58 عاما في أنحاء العالم محاولا حشد الدعم. لقد زار ستراسبورج يوم الثلاثاء ونيويورك يوم الأربعاء وبرازيليا الخميس وسانتياجو الجمعة. تسأله إن كان يعتقد أن بوسعه الحصول على اتفاق كاسح فيجيبك قائلا إنه ما كان ليبذل كل هذه الجهود لو لم يعتقد ذلك. أنه العزم ذاته الذي حقق له مبتغاه في 2005 عندما استطاع التوصل إلى اتفاق لمجموعة الثماني على إسقاط ديون دول العالم الأشد فقرا بعد شهور من معارضة أطراف كثيرة من بينها الولايات المتحدة واليابان. لكن الخبراء يقولون إن المواقف متصلبة جدا ولا حل سريعا لإنهاء الأزمة. فمن المستبعد أن تغير ألمانيا وفرنسا موقفيهما فجأة وتتعهدان بإنفاق مليارات الدولارات الإضافية لإنعاش اقتصاديهما. بل إن براون نفسه لا يستطيع تطبيق ما يدعو إليه سوى بدرجة محدودة. وقد حذره محافظ بنك إنجلترا (المركزي) هذا الأسبوع من أن عجز ميزانية بريطانيا مرتفع جدا بالفعل وسيحد من قدرته على اتخاذ خطوات تحفيز مالي جديدة. كانت شعبية براون قد تلقت دفعة كبيرة في تشرين الأول (أكتوبر) عندما محا تقريبا 20 نقطة كان زعيم حزب المحافظين المعارض يتقدم بها عليه في استطلاعات الرأي وذلك إثر محاكاة خطته لإعادة تمويل رؤوس أموال البنوك في أنحاء العالم.
لكن مع تفاقم الركود البريطاني وسع المحافظون الفارق مجددا ويتطلع مساعدو براون إلى قفزة جديدة مماثلة قبل الانتخابات التي يجب إجراؤها بحلول حزيران (يونيو) 2010.