رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


هل الركود التضخمي آت؟ «2 من 2»

تكمن المشكلة اليوم في أننا نتعافى من صدمة عرض كلي سلبية. وعلى هذا فإن السياسات النقدية والمالية المتساهلة من الممكن أن تؤدي حقا إلى التضخم، أو ما هو أسوأ من ذلك، الركود التضخمي "ارتفاع التضخم المصحوب بالركود". الواقع أن الركود التضخمي في سبعينيات القرن الـ 20 جاء بعد صدمتين سلبيتين ارتبطتا بالمعروض من النفط عقب حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 ثم الثورة الإيرانية عام 1979.
في سياق اليوم، ينبغي لنا أن نقلق بشأن عدد من صدمات العرض السلبية المحتملة، سواء باعتبارها تهديدا للنمو المحتمل أو بصفتها عوامل محتملة قد تدفع تكاليف الإنتاج إلى الارتفاع. وهي تشمل العقبات التجارية مثل تراجع العولمة وزيادة تدابير الحماية، واختناقات العرض بعد الجائحة، والحرب الباردة الصينية - الأمريكية متزايدة الحدة، وما سيتبع ذلك من تفتت سلاسل التوريد العالمية وإعادة الاستثمار المباشر الأجنبي إلى الديار من الصين منخفضة التكلفة إلى مواقع أعلى تكلفة.
ما يثير القلق بالقدر ذاته البنية الديموغرافية في كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة. ففي حين تعمل مجموعات من المسنين على تعزيز الاستهلاك عن طريق إنفاق مدخراتهم، ستفرض القيود الجديدة على الهجرة ضغوطا تدفع تكاليف العمالة إلى الارتفاع.
علاوة على ذلك، يعني اتساع فجوات التفاوت في الدخل والثروة أن التهديد المتمثل في حدوث ردة فعل شعبوية عنيفة سيظل قائما. من ناحية، قد يتخذ ذلك هيئة سياسات مالية وتنظيمية لدعم العمال والنقابات، وهذا مصدر إضافي للضغط على تكاليف العمالة. ومن ناحية أخرى، قد يكون تركز قوة احتكار القلة في قطاع الشركات أيضا سببا للتضخم، لأنه يعزز قدرة المنتجين على تحديد الأسعار. وبطبيعة الحال، قد تفضي ردة الفعل العنيفة ضد شركات التكنولوجيا الضخمة والتكنولوجيات الموفرة العمالة التي تعتمد على رأس المال بكثافة إلى تقليص الابتكار والإبداع في عموم الأمر.
يزعم السرد المضاد لفرضية الركود التضخمي هذه أن الإبداع التكنولوجي في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والروبوتات قد يستمر في إضعاف العمالة رغم ردة الفعل الشعبية العنيفة، وأن التأثيرات الديموغرافية يمكن التعويض عنها من خلال رفع سن التقاعد "ما يعني ضمنا زيادة المعروض من العمالة".
على نحو مماثل، قد ينقلب تراجع العولمة في الاتجاه المعاكس مع تعمق التكامل الإقليمي في عديد من أنحاء العالم، في حين يساعد تحويل الخدمات إلى الخارج على توفير حلول بديلة تلتف حول العقبات التي تحول دون هجرة اليد العاملة "المبرمج في الهند ليس مضطرا إلى الانتقال إلى وادي السيليكون لتصميم تطبيق يستخدم في الولايات المتحدة".
أخيرا، أي تضييق لفجوة التفاوت في الدخل ربما يعمل ببساطة ضد الطلب الفاتر والركود المزمن الانكماشي، بدلا من كونه تضخميا بشدة.
في الأمد القريب، سيعمل التباطؤ في أسواق السلع والعمالة والسلع الأساسية، وفي بعض أسواق العقارات، على منع حدوث طفرة تضخمية مستدامة. لكن على مدار الأعوام القليلة المقبلة، ستبدأ السياسات النقدية والمالية المتساهلة في إحداث ضغوط تضخمية وفي نهاية المطاف ركودية تضخمية بسبب نشوء أي عدد من صدمات العرض السلبية المستمرة.
لا شك في أن عودة التضخم ستخلف عواقب اقتصادية ومالية وخيمة. إذ إننا سننتقل بذلك من الاعتدال الكبير إلى فترة جديدة من عدم الاستقرار الكلي. وسينتهي أخيرا الاتجاه الصاعد المزمن في أسواق السندات، ويؤدي ارتفاع عائدات السندات الاسمية والحقيقية إلى جعل ديون اليوم غير مستدامة، فيؤدي هذا إلى انهيار أسواق الأسهم العالية. وفي الوقت المناسب، ربما نشهد حتى عودة الوعكة والفتور على غرار ما حدث في سبعينيات القرن الـ 20.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي