«بيتكوين» .. فقاعة مثالية «2 من 2»
هناك التوازن الأساسي الفريد من نوعه الذي عنده يكون مستوى السعر وقيمة العملة موجبا ولا ينفجر أو ينهار. ويبدو أن معظم العملات الورقية التي تصدرها الحكومات صادفت هذا التوازن الأساسي وبقيت هناك. يتجاهل تلامذة جون ماينارد كينز هذه التوازنات المتعددة، ويرون أن مستوى السعر وبالتالي سعر النقود يتحدد بشكل فريد بواسطة التاريخ ويجري تحديثه تدريجيا من خلال آلية مثل منحنى فيليبس، الذي يفترض وجود علاقة مستقرة وعكسية بين التضخم غير المتوقع والبطالة.
بصرف النظر عن المنظور الذي يتبناه المرء، فإن حالات التضخم المفرط في العالم الحقيقي، ولنتأمل هنا حالة فايمار في ألمانيا أو الحالات الأخيرة في فنزويلا وزيمبابوي التي تعمل فعليا على تقليص قيمة المال إلى الصفر ليست أمثلة لتوازنات غير أساسية، بل لتوازنات ساء مآلها. في هذه الحالات، انفجرت مخزونات المال واستجاب مستوى الأسعار وفقا لذلك.
تشترك العملات المشفرة الخاصة والعملات الورقية العامة في النطاق ذاته غير المتناهي من التوازنات المحتملة. فيشكل السعر صفرا احتمالا دائما، مثله في ذلك كمثل التوازن الأساسي المهذب الفريد.
من الواضح أن عملة بيتكوين لا تعرض أيا من هذه التوازنات في الوقت الحالي. يبدو أن ما لدينا بدلا من ذلك هو شكل مختلف من توازنات الأسعار المتفجرة غير الأساسية. وهو شكل مختلف لأنه يجب أن يسمح لعملة بيتكوين بعمل قفزة ممكنة، وإن كانت غير متوقعة، من مسارها السعري المتفجر الحالي إلى التوازن الأساسي اللطيف أو سيناريو سعر الصفر غير اللطيف. لا شك أن منظور التوازن المتعدد هذا يجعل الاستثمار في أصول عديمة القيمة جوهريا مثل "بيتكوين" أو غير ذلك من العملات المشفرة الخاصة يبدو محفوفا بالمخاطر.
العالم الحقيقي ليس مقيدا بطبيعة الحال بنطاق التوازن المحتمل المدعوم بالنظرية الاقتصادية السائدة الموضحة هنا. لكن هذا يجعل عملة بيتكوين أكثر خطورة بوصفها نوعا من الاستثمار.
الواقع: إن شراء شركة تسلا أخيرا لعملة بيتكوين يظهر أن دخول مشتر إضافي كبير إلى السوق من الممكن أن يعزز سعر العملة المشفرة بشكل كبير، سواء بشكل مباشر عندما تفتقر الأسواق إلى الأصول السائلة أو غير مباشر من خلال تأثيرات العرض والمحاكاة. لكن خروج لاعب واحد مهم من شأنه أن يخلف في الأرجح تأثيرا مماثلا في الاتجاه المعاكس. كما ستخلف الآراء الإيجابية أو السلبية التي يعرب عنها صناع السوق تأثيرات كبرى في سعر "بيتكوين".
إن تقلب أسعار العملات المشفرة بهذه الدرجة المذهلة ليس مفاجئا. ويجب أن تذكرنا تقلبات السوق غير المنطقة العميقة كتلك التي دفعت سعر سهم شركة جيم ستوب إلى ارتفاعات غير مسبوقة في كانون الثاني (يناير) التي أعقبها تصحيح كبير أن عملة بيتكوين، التي تفتقر إلى أي مرساة أساسية واضحة للقيمة، من المرجح أن تظل مثالا نموذجيا للتقلب المفرط. لن يتغير هذا بمرور الوقت. وستظل عملة بيتكوين تشكل أصلا بلا قيمة جوهرية وقد تكون قيمته السوقية أي شيء أو لا شيء. وأولئك الذين يتمتعون بشهية صحية لخوض المجازفة، وقدرة قوية على استيعاب الخسائر، هم فقط من ينبغي لهم أن يفكروا في الاستثمار فيها.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.