قراءات
العقل
من الكتاب: كنت أخوض نقاشا مع أحد معارفي حول موضوعية العقل، وذلك بعد انتهائي من العمل على المسودة الأولى لهذا الكتاب. وهو شخص يحب أن يطلق عليه لقب "مفكر"، وأذكر هذا اللقب هنا تلبية لرغبته.. لقد كان النقاش شيقا جدا، تداولنا فيه عديدا من المفاهيم والأفكار، على الرغم من أن كلا منا كان يتكلم من منظور مختلف. لكن لعل أهم ما تلقيت خلال هذا النقاش كان فكرة يمكن أن ألخصها في التالي: "لا يمكن نقد فيلسوف، فهذا عالم.. من نحن حتى ننتقد الفيلسوف هذا أو ذاك؟". أقول "أهم" كون هذا التعليق جاء في سياق إحدى الإشكاليات الأساسية التي أحاول طرحها من خلال هذا الكتاب.. لقد استحضرت هذه الملحوظة كل تهم الهرطقة التي كانت تطلق في القرون الوسطى ضد كل من خرج عن المنظومة الفكرية المهيمنة. إن العقل البشري الجماعي لم يتطور مهما تطور أو تغير شكل المعرفة، ومهما تغير من يقبض على مفاصل تلك المعرفة ومن يتكلم بصفته "قيّما" عليها. وتهم الهرطقة وشتى أنواع "التكفير" وإطلاق الحرم على مساءلة كل ما هو "مقدس" لا تزال هي هي. والمنطق الذي كان سائدا أيام كان الإكليروس يقبضون على "الحقيقة" وعلى الحق بادعاء امتلاك المعرفة لا يزال هو نفسه وإن تغيرت ملامحه.. وما ينطبق على الفلسفة ضمن هذا الإطار ينطبق على سائر المجالات العلمية والطب والفيزياء وما إلى هنالك من مجالات.
الطريق
من الكتاب: في بداية القرن السادس الهجري سافر راوي الحكاية مع قافلة إلى مدينة طوس في إقليم خراسان، وفي القافلة التقى الإمام أبا حامد الغزالي، الذي حكى له قصة حياته ورحلته من الشك إلى اليقين. في الوقت نفسه قتلت حركة الباطنية إمام مسجد في قرية قرب مدينة الري، فخرج ابنه في رحلة إلى قلعة آلموت "عش الصقر" مركز الباطنية، ليتعرف على عقائد هذه الطائفة وأسرارها. والباطنية حركة سرية عرفت فيما بعد باسم الطائفة الإسماعيلية أو طائفة الحشاشين، زعيمهم الحسن بن الصباح الذي يؤمن بالعنف والاغتيال وسيلة للوصول إلى أهدافه. سميت بالباطنية لأنها تقول إن للنصوص الدينية ظاهرا وباطنا، وإنها تتبع باطن الشرع، بعض الأماكن التي دارت فيها الحكاية: الري: مدينة قديمة هي اليوم جزء من مدينة طهران الحديثة. نيسابور: مدينة تاريخية في إقليم خراسان شرقي إيران، كانت مركزا ثقافيا واقتصاديا في العصر العباسي. طوس مدينة تاريخية في خراسان ولد فيها الإمام أبو حامد الغزالي، وتعرف اليوم باسم مدينة مشهد. آلموت: قلعة حصينة في جبال الديلم، مركز الحركة الباطنية ومقام زعيمها الحسن ابن الصباح، معنى الكلمة بالعربية عش الصقر، وهو الاسم الذي استعمل في الرواية.
السرديات
من الكتاب: فن الحكي وثيق الصلة بالمحاكاة والفعل "المحتوى" وبالحبكة mythos "صيغة تمثيلية غير مشفرة في علامات"، إنه هو المشترك والعام، أما السرد narration فيرتبط بطريقة التعبير اللفظية عن المحتوى. إن السرد اللفظي هو أحد الصيغ العديدة الممكنة للتعبير عن المحتوى "أو الفعل"، ونعثر عليه في الملحمة، والقصة القصيرة، والرواية، والتقرير الصحافي، والسيرة الشعبية، والسيرة الذاتية... إلخ. بينما تتجلى فنون أخرى مثل السينما والمسرح والبانتومايم، عبر وسائط سيميوطيقية تنتمي إلى أنظمة أخرى للعلامات: الصورة، الحركة، الإيماء، الإيقاع... إلخ. يرتبط السرد بمستوى التعبير وله ارتباطات من ناحية جذوره بالنظم أو طريقة التنظيم والنسج، ولذا هو الأقرب إلى طريقة التقديم أو التعبير، إنه يرتبط بالحياكة والصنع والتشكيل، وتحويل المادة الأولية السابقة عليه "خيوط الغزل" إلى شكل من أشكال النسيج. وبناء عليه سنتحدث في هذا الكتاب عبر أقسامه الخمسة عن فنون حكائية سردية مثل الرواية، أو القصة القصيرة والسيرة الذاتية... إلخ، وفنون حكائية درامية مثل المسرح، وفنون حكائية صورية مثل السينما... إلخ.