رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


وثائق التأمين الوهمية .. آخر العلاج الكي

حينما صدر نظام الضمان الصحي التعاوني قبل نحو 10 سنوات حدد هدفه بتوفير الرعاية الصحية وتنظيمها لجميع المقيمين غير السعوديين في المملكة، وذلك عن طريق شركات تأمين مؤهلة ومرخصة، وأناط بمهمة الرقابة على سوق التأمين الصحي وتطبيق أحكام النظام إلى مجلس الضمان الصحي التعاوني.
هذا المجلس في حقيقة الأمر بذل جهوداً حثيثة يشكر عليها لضبط سوق التأمين الصحي في المملكة، كما أن المراقب للسوق السعودية للتأمين الصحي يلحظ التطور المتسارع الذي تعيشه السوق والذي يعزى السبب فيه إلى انضباط التطبيق المرحلي للنظام وللخطط التي اتبعها المجلس، وذلك من أجل تعميم تجربة الضمان الصحي ليستفيد منها جميع المقيمين في المملكة ومن ثم المواطنون في مرحلة لاحقة كما أشار النظام إلى ذلك بشكل صريح.
ودون أدنى شك فإن هذا الحراك الذي تعيشه سوق التأمين الصحي في المملكة لابد أن تصاحبه قرارات حاسمة تقود إلى ضبط إيقاع السوق وتردع المتلاعبين به. ولقد أعلن مجلس الضمان الصحي التعاوني الشهر الفائت إيقاف أربع شركات للتأمين الصحي التعاوني ومنعها من إصــدار أي وثيقـــة تأمــــين جديدة، وبرر المجلس على لسان أمينه العام الدكتور عبد الله الشريف سبب إيقاف هذه الشركات لارتكابها مخالفات منها إصدار وثائق تأمين وهمية، حيث ذكر أن أمانة المجلس ضبطت الشركات الموقوفة على خلفية قيامها برفع أسماء بعض من العمال المقيمين عبر شبكة المجلس الإلكترونية بطريقة غير نظامية، مما ترتب عليه وحسب بيان المجلس، أضرار جسيمة بنظام الضمان الصحي الناشئ وبحقوق العمال المرتبطة بالتأمين الصحي.
طبعاً تبريرات المجلس واضحة ورسالته كذلك واضحة وهو أنه لن يسمح بالتلاعب بنظام الضمان الصحي وأنه عازم على تطبيق العقوبات التي نص عليها النظام أو تلك التي أعطى النظام للمجلس صلاحيات تقدير مناسبتها كعقوبات رادعة تتلاءم مع حجم المخالفة وتكفل الالتزام الأمثل من قبل المعنيين بالتأمين الصحي ومنهم بالطبع شركات التأمين.
هذه الشركات في الواقع قامت بأمر جلل وبعمل أقل ما يقال عنه إنه لا يتفق مع أخلاقيات المهنة، وهي التي يُفترض فيها أن تسهم بشكل فاعل في إنجاح نظام الضمان الصحي لا العمل على تقويضه وتفريغه من الغايات والأهداف التي جاء من أجلها. خصوصاً وأن العامل يعد الحلقة الأضعف في منظومة التأمين الصحي فهو يحتاج إلى وقت ليس بالقصير حتى يدرك حقوقه النظامية التي تترتب على إقامته بالمملكة، وكذلك تلك الحقوق التي تترتب على علاقته العقدية مع الكفيل، بل ويبقى رهين ما يتخذه رب العمل من إجراءات قد يغلّب فيها الكفيل مصالحه الشخصية والمادية على حساب حقوق العامل.
والمسألة تكون أخطر حينما تتفق مصلحة شركة التأمين مع مصلحة رب العمل فيتحول التأمين إلى مطلب شكلي نظامي لا تتحمل تبعاً له شركة التأمين بأية التزامات تجاه العامل بحيث تمنح الكفيل ورقة مرور شكلية للحصول على الإقامة للعامل دون أن يجني العامل منها أية فائدة، فهي وبكل بساطة وثيقة تأمين وهمية.
لذلك فإن ترك مسألة التأمين لضمير رب العمل وشركة التأمين ودون رقابة من المجلس هو أمر خطير، فالأمر لا يتعلق برسوم تستقطعها الدولة لإصدار إقامة كما يفهمها البعض، بل حقوق مهمة للعامل قررها النظام وقبضت شركة التأمين حقها المتمثل في القسط والتزام رب العمل بدفعه من أجل أن يستفيد العامل من الحصول على رعاية طبية لائقة عن طريق التأمين الصحي، فهي عملية لها أهدافها وغاياتها الاقتصادية والإنسانية النبيلة وأنا أشد على يد المجلس على هذا الإجراء الحازم وعلى هذه الرسالة الواضحة وضوح الشمس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي