العلوم الهندسية الحديثة توجد عديد من البدائل الجديدة للقيم المعمارية

العلوم الهندسية الحديثة توجد عديد من البدائل الجديدة للقيم المعمارية
العلوم الهندسية الحديثة توجد عديد من البدائل الجديدة للقيم المعمارية
العلوم الهندسية الحديثة توجد عديد من البدائل الجديدة للقيم المعمارية

على عكس ما هو متوقع مبدئياً من فنون التصميم والعمارة، لجهة القدرة على التغيير والابتكار ومسايرة العصر، فإن تصاميم معظم المساجد في عالمنا الإسلامي ما زالت تراوح مكانها، إذ ما زال معظم مهندسي ومصممي المساجد يتمسكون بالقيم المعمارية الإسلامية التراثية، على الرغم من أنها قد وجدت في الأصل لغايات إنشائية بحتة، وهو ما أوجدت لها العلوم الهندسية الحديثة عديدا من البدائل الجديدة والمناسبة، لكن وعلى الرغم من أن هذه الحقيقة تعمل على تحقيق الكثير من الفوائد الاقتصادية والجوانب الشرعية إلا أن طائفة من المهندسين والمصممين يرون عكس ذلك على الأقل فيما يخص القيم الإسلامية التي يرون أنها تحقق ما نادى به الإسلام وعمل المهندسون الأوائل عليه من بساطة للمظهر وعدم الإسراف في الزخرف واستثمار المكان بأقصى قدر ممكن سواء للصلاة أو لغير الصلاة من الأنشطة المرتبطة بالتعليم الإسلامي.
تباين الآراء حول هذا الجانب دفعنا للبحث عن عدد من النقاط والمحاور المتصلة بهذا الموضوع والتي هي في رأي من تحدثنا معهم من مهندسين ومعماريين يتصل بجوانب عديدة تأتي في مقدمتها الجوانب الشرعية والاقتصادية وهي ما سيركز عليها تباعاً في حلقات.
#2#
الأعمدة وتكنولوجيا البناء الحديث
تعد الأعمدة طابعا معماريا تراثيا يلتزم به عديد من المهندسين في عمارة المساجد منذ فجر الإسلام فلماذا ترى أن عدم وجودها من القيم المعمارية الإسلامية؟!
ذكر الدكتور عبد الباقي إبراهيم أحد أشهر المهندسين الذين اهتموا بالعمارة الإسلامية، ومن خلال تنفيذه لمسجد الزهراء في القاهرة أن ظهور الأعمدة في المساجد الأثرية كان لسبب إنشائي بحت وهو استعمال العقود من الحجر، لعدم توافر تقنية مناسبة في ذلك الوقت، ويضيف الدكتور في حديث له مع مجلة "الجمعة" المصرية أن الأعمدة غير مستحبة لأنها تقطع صفوف المصلين، ويرى أن تكنولوجيا البناء الحديث قد وفرت لنا نظما إنشائية تغطي مساحات كبيرة دون أعمدة، ويدعو للاستفادة منها وبناء مساجد بمساحات واسعة للمصلين دون وجود شيء يقطع على المصلين صفوفهم.
ويفسر الدكتور عبد الباقي إبراهيم إصرار مصممي المساجد على إقامة هذه الأعمدة إلى قناعة البعض أن الشكل التراثي القديم مهم لا يجب المساس به أو تغييره، مع أن التكنولوجيا المعاصرة التي توفر لنا فراغات كبيرة داخل المسجد دون حاجة إلى أعمدة يمكن تطبيقها دون فقدان التأثير التراثي القديم.
#3#
قطع الصفوف
وفي السياق ذاته يتحدث الدكتور نوبي محمد حسن أستاذ العمارة في كلية العمارة والتخطيط جامعة الملك سعود في الرياض، ويقول إنه ليس من المستحب أن تكون الأعمدة عاملاً في قطع صفوف المصلين والفصل بينهم، ولذا ينبغي أن تكون الأعمدة قليلة، وللحاجة فقط، وتترك إذا لم تدع إليها حاجة، وهو كما يقول أكثر استحباباً من الناحية الشرعية حتى لا تنقطع الصفوف، وتتفرق الجماعة التي من الأهداف الرئيسة في الصلاة في المسجد، وهذا ما يراه بعض العلماء المعاصرين، وخصوصاً مع تقدم هندسة عمارة المساجد وإمكان الاستغناء عن الأعمدة، وفي هذه النقطة يستند الدكتور نوبي إلى الأحاديث النبوية التي تنادي بذلك فيقول إنه رويت بعض الأحاديث عن الصلاة بين السواري (الأعمدة والركائز الإنشائية)، منها ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: "أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما دخل الكعبة صلى بين الساريتين"، وكان سعيد بن جبير وإبراهيم التيمي وسويد بن غفلة يؤمون قومهم بين الأساطين (الأعمدة)، وأما المؤتمون فتكره صلاتهم بينها عند السعة بسبب قطع الصفوف ولا تكره عند الضيق، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: "كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها".
كما روى النسائي والحاكم وابن خزيمة عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "من وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله".

رحابة الفكر الإسلامي
في الإطار ذاته يتحدث المهندس سليم معين عرب، ولكن من ناحية أخرى يرى أن على المعماري المسلم أن يفكر في تصميماته دائما من ناحية إسلامية، بمعنى أن تكون القيم الإسلامية هي الموجه لفكره وعمله باستحضارها دائما في كل أعماله.
ويرى أن رحابة الفكر الإسلامي وتنوعه وعمقه الفكري، إضافة إلى ما يؤديه الجامع من مهام أعطت المعماري الأفق الواسع والخيال لابتكار وتجريب وإغناء الفن المعماري بنوع شديد الخصوصية ومتميز وفريد في خواصه، ويرى أن هذه الرحابة مكنت المعماري المسلم من إيجاد الحل لكل المشكلات الهندسية والأفكار التي من شأنها تحقيق المزيد من المزايا للمسجد الذي هو دار العبادة، ويقدم مثالاً في هذا الإطار من أن المعماري المسلم قد تمكن – مثلاً – من بناء فتحات معمارية أوسع وإضافة المنظر الجمالي الروحاني من خلال بعض الحلول الهندسية من إزاحة الأعمدة، فهو يرى أنه كلما كانت المساحات في المسجد واسعة والفراغ أبعد حجما وتناسقا أعطى ذلك الجامع والمسجد منظراً جمالياً وروحانياً ومساحة للتأمل وساعد في الوقت نفسه المصلين على الخشوع في صلاتهم.
وهذا الجو الروحاني في رأيه يتوافر في الفراغ الداخلي للمسجد ومن الإقلال من الأعمدة التي تقطع صفوف المصلين, وهذا كما يتفق عليه عديد من المهندسين يمكن تحقيقه بتطبيق تكنولوجيا وتقنية البناء التي تساعد على ذلك.

الأكثر قراءة