المواطن والتأمين الصحي
الكثير منا يؤمن بأن تعيين الدكتور عبد الله الربيعة على رأس وزارة الصحة جاء نتيجة طبيعية لسلسلة النجاحات التي حققها خلال مسيرته العلمية والعملية، وقد نال الربيعة ثقة خادم الحرمين الشريفين بتعيينه على رأس وزارة الصحة وهي ثقة يستحقها.
هذه الوزارة التي ينظر إليها المواطن بعين العتب بعدما كان يأمل منها الشيء الكثير، ولعل في تعيين الدكتور الربيعة ما يعيد الأمل للمواطن وأن تكون هذه الوزارة بمستوى تطلعاته باعتبارها من أهم الوزارات التي توجه خدماتها لصحة وحياة المواطن والمقيم.
وبمناسبة هذا التغيير الوزاري، فقد أثار إعجابي مستوى وعي المواطن ووضوح رؤيته فيما يخص تطلعاته وآماله من وزير الصحة الجديد، فقد قرأت في كثير من الصحف لقاءات مع المواطنين بمناسبة تعيين الوزير الجديد، وأفصح عدد كبير منهم بأنه يأمل من الوزير الجديد تفعيل نظام الضمان الصحي التعاوني وتطبيقه على المواطن.
طبعاً هذه الرغبة تأتي بعدما أدرك هؤلاء المواطنون فائدة التأمين الصحي بالنسبة للمقيمين، وفي المقابل رأوا بأم أعينهم أن الخدمات العلاجية التي يحصل عليها المواطنون من المستشفيات الحكومية التي تشرف عليها وزارة الصحة هي دون المستوى المطلوب، وذلك بالرغم من تخصيص مبلغ مالي كبير لميزانية هذه الوزارة والذي كاد أن يلامس الثلاثين مليار ريال. كما أن هذا المواطن رأى وبأم عينه أيضاً مستوى الخدمة الذي يحصل عليه المقيم وأسرته، وبأن مبلغاً بسيطاً يدفعه رب العمل أو الكفيل كقسط تأميني لشركة التأمين يفتح الأبواب المغلقة في وجه هذا المقيم أياً كان مستواه الوظيفي أو جنسيته، بل وتمتد هذه الخدمة حتى في بلده طالما بقي متمتعاً بإجازته هناك.
فهذا المقيم ما إن يعترضه عارض إلا ويلاقي من العناية الشيء الكثير. وفي المقابل قلّما يجد المواطن مثل هذه المعاملة في مستشفى حكومي، وبل وفي كثير من الحالات الحرجة تكون احتمالية الحصول على سرير في المستشفيات الحكومية المتقدمة مثل احتمالية الحصول على لبن العصفور. والسيناريو الغالب هو أن يدفع في النهاية من جيبه الخاص أو يلجأ للاقتراض لكي يستطيع علاج نفسه أو عزيز عليه عن طريق المستشفيات الخاصة.
من حق الإخوة المقيمين الحصول على الرعاية الصحية اللائقة، ولكني أتحدث هنا من باب المقارنة بين ما يحصل عليه المقيم نتيجة تطبيق التأمين الصحي عليه وتمتعه بثمرات هذا النظام الفعال وبين ما لا يطوله المواطن نتيجة عدم تفعيل تطبيق نظام التأمين الصحي عليه، بالرغم من صريح النظام وما تضمنته توجيهات خادم الحرمين الشريفين بتوفير الرعاية الصحية اللائقة للمواطن والمقيم على حد سواء.
على كل حال فالحديث يطول في هذا الشأن، ولكنني آمل أن يكون التأمين الصحي على رأس أجندة وزير الصحة الجديد الدكتور الربيعة، بحيث يتم البدء بوضع أساس لاعتماد نظام تأمين صحي اجتماعي يتم من خلاله تفعيل الآليات اللازمة لتطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني على المواطنين وذلك وفق خطة مدروسة بعناية. ولا يكون ذلك من وجهة نظري مفيداً إلا من خلال إنشاء جهاز قوى للقيام بمتطلبات تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني وبما يتناسب وإمكانات السوق بحيث يناط بهذا الجهاز وبالتعاون مع مجلس الضمان الصحي تحضير القطاع الصحي العام للتحول إلى قطاع يقدم خدمة مميزة بمقابل مالي يتم دفعه لشركات التأمين عن طريق هذا الجهاز، وكذلك تحضير القطاع الصحي الخاص وبالتدريج لاستيعاب الأعداد اللازمة من المؤمن عليهم من المواطنين.
الأمر يحتاج إلى خطة زمنية مدروسة بعناية واستقراء متمعن للظروف والمؤثرات جميعها.. دعواتنا للدكتور الربيعة بالتوفيق في عمله الجديد وأن ينفع الله به الوطن والمواطن.