مخاوف من انسحاب شركات إعادة تأمين عالمية من منطقة الخليج
سرت مخاوف بين أوساط قطاع التأمين الخليجي من إمكانية انسحاب شركات إعادة التأمين العالمية من المنطقة في ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية، مما دفع بعض شركات التأمين الخليجية للسعي مبكرا باتجاه الاعتماد بصورة أكبر على شركات إعادة التأمين الإقليمية.
وأفاد ياسر البحارنة الرئيس التنفيذي للمجموعة العربية للتأمين "أريج" ـ مقرها المنامة ـ في حديث له مع "الاقتصادية" أن انهيار مجموعة التأمين الأمريكيةAIG والخسائر الجسام التي سجلتها المؤسسات المالية الكبرى دفع شركات التأمين للمراجعة المتأنية قبل إسناد حصة من محافظ تأميناتها إلى أي معيد تأمين، وهي تعمل على توزيع أخطارها في ضوء سقوط الشركات الكبرى، مشيرا إلى أن "أريج" تقوم كغيرها بالاستفادة من وراء ذلك.
وفيما توقع البحارنه أن يؤدي تراجع أنشطة التأمين للتأثير في طلب تغطيات الإعادة، ألا أنه قال: "نحن ننظر إلى أن أسعار التأمين في الوقت الحاضر سترتفع حيث إن جميع شركات التأمين تسعى للعودة إلى الأسس الرئيسة في تقييم المخاطر في ضوء انحسار عوائد الاستثمار، أي أن الوضع الحالي سينتج عنه زيادة في أسعار التأمين". إلى الحوار:
كيف تنظرون إلى سوق إعادة التأمين في المنطقة العربية خلال العام الجاري في ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية؟
سيؤثر الكساد العالمي دون شك في صناعة التأمين وإعادة التأمين عالميا وداخل منطقتنا، حيث إن تراجع أنشطة التأمين سيؤثر بالتأكيد في حاجة وطلب تغطيات الإعادة، فربما يمكن مجابهة هذا الانخفاض في الطلب على التأمين بزيادة الأسعار ولكن ذلك ليس من الأرجح. ونحن نتوقع أن يؤدي التسعير المجزي لمنتجات التأمين إلى عوائد أجدى على الخطر في المدى المتوسط، كما شاهدناه بُعيد أزمة الأسواق عقب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وسيكون 2009 عاما صعباً ولكننا نتوقع أن يشهد عودة صناعة التأمين إلى الارتكاز على المبادئ الأساسية.
انسحاب شركات إعادة التأمين العالمية
ما مدى تأثير انهيار مجموعة التأمين الأمريكيةAIG والمؤسسات المالية الكبيرة، وانعكاس ذلك على شركات التأمين في المنطقة جرّاء الأزمة المالية؟
أدى انهيارAIG والخسائر الجسام التي سجلتها المؤسسات المالية الكبرى إلى أن تقوم شركات التأمين بالمراجعة المتأنية قبل إسناد حصة من محافظ تأميناتها إلى أي معيد تأمين، وتعمل شركات التأمين على توزيع أخطارها في ضوء سقوط الشركات الكبرى وتقوم المجموعة العربية للتأمين "أريج" كغيرها بالاستفادة من وراء ذلك، وتعتري بعض شركات التأمين المخاوف من إمكانية انسحاب شركات إعادة التأمين العالمية من المنطقة، لذا تسعى الشركات المحلية للاعتماد بصورة أكبر على شركات إعادة التأمين الإقليمية التي لن تنسحب من موطن أسواقها، وهذا أيضا يمثل فرصة كبيرة لشركة مثل "أريج" ذات الجذور التقليدية في المنطقة.
تقييم أفضل للمخاطر
رغم الخسائر التي تكبدتها المحافظ الاستثمارية لشركات التأمين وإعادة التأمين، إلا أن تلك الشركات تقول إن قطاع التأمين هو الأقل تعرضا للخسائر مقارنة ببقية القطاعات الاقتصادية، إلى أي مدى يبدو ذلك دقيقا؟
لقد منيت معظم القطاعات المالية بخسائر من جراء الأزمة المالية الحالية، وقد تأثرت إجمالا شركات التأمين وإعادة التأمين بالموجودات والمطلوبات في الميزانية العمومية، وبما أن عائد شركات التأمين يأتي من دخل اكتتابي وآخر استثماري، فقد تمكنت بعض شركات التأمين من إعادة تركيز جهودها على تقييم أفضل للمخاطر في محافظها، وقد نتج ذلك من تحقيق نموذج أعمال معدل والذي ساعد الكثيرين على تفادي تفاقم تأثير الأزمة الحالية، أما تلك الشركات التي استمرت في سياسة التركيز على السيولة النقدية وعوائد الاستثمار فإنها ستعاني أكثر من غيرها.
هل يمكن أن تتأثر العمليات الفنية لشركات إعادة التأمين من خلال تقلص المشاريع الكبرى في المنطقة؟
حتما سيتأثر الهبوط في أنشطة التأمين (المشاريع الكبيرة أو الصغيرة على حد سواء) بالنسبة للحاجة والطلب على التأمين وبالتالي إعادة التأمين، فقطاع التأمين الهندسي على المنشآت الحديثة سيكون من أوائل المتضررين بالأزمة الراهنة.
إن أي ركود في الاقتصاد سيؤثر في النتائج الفنية للتأمين، فعلى سبيل المثال ستتأثر الصناعة من التأخر في سداد الأقساط بسبب معاناة عملاء التأمين صعوبات في توفير السيولة النقدية، إضافة إلى ذلك هناك دوما خطر افتعال خسائر مادية من هؤلاء الذين يمرون بضائقة مالية، فيتحتم على شركات التأمين الحذر كي لا تؤثر مثل تلك هذه التداعيات في تقليص هامش ربحيتها.
أسعار التأمين سترتفع
إلى أي مدى يمكن أن تتأثر أسعار إعادة التأمين في ظل الوضع الحالي؟ وكيف ترون الأسعار في العام 2009؟
تسعى أسواق التأمين إلى أن تكون دورية في شروط وأحكام التسعير، وتتأرجح الأسعار على مر السنين في الارتفاع والانخفاض حسب الطلب على التأمين، ونحن ننظر إلى أسعار التأمين في الوقت الحاضر على أنها سترتفع، حيث إن جميع شركات التأمين تسعى للعودة إلى الأسس الرئيسية في تقييم المخاطر في ضوء انحسار عوائد الاستثمار، أي أننا نتوقع إلى حد ما أن الوضع الحالي سينتج عنه زيادة في أسعار التأمين.
هناك دعوات لتعبئة أموال إعادة التأمين في شركات تأمين عربية، غير أن البعض يقول إنها لا تمتلك الإمكانات .. كيف تعلقون على ذلك؟
تعتمد صناعة إعادة التأمين بشكل عام على استقطاب وتوظيف الرساميل، فمثلا تسعى حالياً ثاني أكبر شركة إعادة تأمين على مستوى العالم لزيادة رأسمالها، وبالمثل تقوم جميع شركات الإعادة العربية بتقييم رساميلها بعد هذه الأزمة واتخاذ التدابير اللازمة، وفي هذا السياق ونظرا لعدم إعلان النتائج المالية السنوية لعديد من شركات التأمين العربية حتى وقتنا الحالي، فيصعب التكهن بمدى تأثير الأزمة في تآكل رأس المال، وعلى سبيل المثال، فقد أعلنت "أريج" عن نتائجها المالية وإننا في موقف أفضل بسبب متانة رأس المال ووجود فائض والذي يمكننا من استخدامه بشكل أفضل وأن ننظر إلى فرص النمو حتى في ظل هذه الظروف الصعبة.
ما نصيب "أريج" في سوق إعادة التأمين؟
تعد "أريج" من رواد مكتتبي الأعمال في المنطقة العربية، وإذا استثنينا أعمال إعادة التأمين "الاختياري" الذي يرتكز على تأمينات الطاقة والطيران، تقدر حصة "أريج" من أعمال الإعادة "الاتفاقية" نحو 10 في المائة من إجمالي أقساط الأسواق، ويعد التنوع الجغرافي في إدارة المخاطر أحد الإيجابيات في انتقائها لمحفظة متزنة من الأعمال.
ما خططكم المستقبلية على صعيد التوسع الإقليمي أو العالمي؟
لقد كانت سياسة التوسع من أهم الاستراتيجيات لدينا في أريج، وإنني على يقين بأن ذلك سيكون الهم الأكبر لشركات أخرى في المنطقة أيضا، حتى في ظل الوضع الحالي العالمي، و"أريج" لديها وجود فعلي في عديد من الأسواق منذ سنين، وليست لدينا طموحات حالية للتوسع عالميا كسابق العهد، ولا تزال هناك عديد من فرص النمو بالتركيز على الأعمال من دول الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا.
ويعد التوسع الجغرافي أداة تنويع المخاطر بالنسبة لأي شركة إعادة تأمين، ونحن في صدد دراسة مجالات التوسع في الصين مثلاً في السنوات المقبلة، ونسعى "أريج" لخدمة أسواق شتى فلدينا فرع اكتتابي في سنغافورة ولأبوان.
فرص نمو التأمين الصحي
كيف تنظرون إلى تطوير منتجات التأمين الصحي في السوق الخليجية؟
قامت غالبية دول مجلس التعاون الخليجي بمراجعة نظم تقديم الرعاية الصحية لمواطنيها وللأجانب المقيمين على أراضيها، وقد كان أحد الخيارات التي تم البت فيها في بعض دول مجلس التعاون الخليجي هو إلزامية التأمين الصحي، وتم تطبيق ذلك بدرجات متفاوتة في السعودية والإمارات، ويتوقع أن تقدم الدول المجاورة على الخطوة نفسها، وقد أدت هذه التطورات إلى خلق فرص للنمو في مجال التأمينات الصحية.
ولإحداث تطور أكبر يفوق ما تحققه ترتيبات إلزامية هذا التأمين، يتوجب على شركات التأمين وشركات إعادة التأمين استيعاب اتجاهات السوق والتعاون الوثيق مع المستشفيات ومقدمي الخدمات الصحية لمواءمة تطوير منتجات التأمين الصحي مع حاجات السوق ومتطلباته وتنويع التغطيات الفردية أو تلك الخاصة بالعمال محدودي الدخل أو ذوي الدخول العالية، وسيتمكن هذا المجال من تبوؤ حيز مهم في صناعة التأمين.
وبالنسبة للتأمين على الحياة؟
لا تزال تأمينات الحياة التي تزاولها شركات التأمين المحلية في المنطقة محدودة، أما منتجات حماية الأسرة والادخار فهي مغطاة في المقام الأول من قبل المكاتب التمثيلية لشركات التأمين العالمية المعروفة لهؤلاء الأجانب في بلادهم الأصلية، ورغم أن عديدا من شركات التأمين المحلية تطرح برامج تأمين فردية على الحياة، فقلة منها تسوق هذه المنتجات بقوة أو تقوم باستخدام قنوات تسويق مناسبة لإنجاح هذا المنتج، ويتعين على شركات التأمين المحلية إعطاء الموضوع ما يستحقه من اهتمام، إجمالا يمكن القول إنه يستلزم مرور بعض الوقت قبل أن تشهد أسواق المنطقة نموا قويا في القطاع.
يعد معدل انتشار تأمينات الحياة في منطقة الشرق الأوسط محدودا مقارنة ببعض الدول النامية أو المتقدمة، وهناك تباين في الأسواق فيبرز مثلاً سوق الإمارات ومصر بنمو ملحوظ مقارنة بشقيقاته في المنطقة، أما السعودية فهي الأدنى بمتوسط أربعة دولارات فقط يصرفه الفرد على تأمينات الحياة (المتوسط في دول مجلس التعاون الخليجي يراوح بين 4 دولارات و164 دولارا).
كيف هي نسبة النمو في أسواق التأمين العربية؟
إن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في التأمينات العامة أكبر بكثير من تأمينات الحياة، ولكنها تتمتع بإمكانات النمو الكبير، فعلى سبيل المثال بلغ متوسط النمو في السنوات من 2005 حتى 2007 (18 في المائة في قطر و29 في المائة في السعودية)، ونحن متفائلون جدا بالنسبة للسوق السعودية الذي نتواجد فيها منذ تأسيس الشركة في عام 1980، لوجود السيولة والمشاريع الضخمة والحرة الاقتصادية النشطة في تلك السوق.