التماسك الاجتماعي والتعافي الشامل «2 من 2»
هنا يطرح سؤال كبير ومهم هو: كيف ندفع مقابل هذه البرامج وغيرها مما يمثل شريان حياة رئيسا؟ وكيف نحافظ عليها؟ والإجابة تتضمن في النقاط التالية:
أولا، تعبئة مزيد من الإيرادات على المدى المتوسط. ومن شأن زيادة الامتثال الضريبي، وزيادة تصاعدية الضرائب، ودعم إدارة الإيرادات المساعدة على تحقيق ذلك. ففي مصر والمغرب والأردن والسودان، على سبيل المثال، تم تعزيز إدارة الإيرادات لتحسين الامتثال وتعبئة الإيرادات.
ثم تأتي زيادة كفاءة الإنفاق. ويتضمن هذا إلغاء دعم الوقود تدريجيا على غرار ما تقوم به عدة دول في مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى ترشيد فاتورة أجور القطاع العام، والعمل قدر الإمكان، على إعادة توجيه مزيد من الإنفاق في حدود الميزانيات القائمة والحد من الإنفاق على غير الأولويات.
والصندوق على أهبة الاستعداد لمد يد المساعدة. فنحن نشجع الدول التي تتحمل أعباء ديون غير مستدامة أن تتعامل مع هذه المشكلة مبكرا وبشكل حاسم. وتحت قيادة المملكة العربية السعودية، اتفقت مجموعة العشرين منذ فترة وجيزة على إطار مشترك لمعالجة الديون بخلاف مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الديون. وهذه خطوة لها أهميتها، إلى جانب استمرارنا في تشجيع المقرضين والمانحين على دعم الدول منخفضة الدخل والدول الهشة. وقد عزز الصندوق تركيزه على مساعدة الدول الأعضاء على تحسين شبكات الأمان الاجتماعي وجعلها مستدامة ماليا، إلى جانب سياسات أخرى طويلة الأجل تدعم تحقيق النمو الاحتوائي.
وفي أثناء الجائحة، قمنا بـ 145 بعثة مساعدة فنية للدول العربية، بما في ذلك البعثات التي تمت من خلال مركزنا للمساعدة الفنية الذي يقع مقره في بيروت، ومركزنا للاقتصاد والتمويل في الكويت. وقدمنا دعما لسبع دول عربية بقيمة 14 مليار دولار أثناء الأزمة - بزيادة قدرها 47 في المائة في إقراض الصندوق للمنطقة. كذلك قدمنا تخفيفا لأعباء خدمة الديون بقيمة 42 مليون دولار لثلاث دول عربية من خلال "الصندوق الاستئماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون". ونحن على استعداد لتقديم مزيد.
وأخيرا، أعود إلى حيث بدأت إلى عمل ابن خلدون. فلم يكن ابن خلدون مفكرا يتطلع إلى العالم من برج عاج، بل هو رجل شغل وظائف حكومية متعددة، وأعمل فيها رؤاه الرائعة حيال التحديات الاقتصادية والاجتماعية في زمنه. وتقتضي مسؤوليتنا اليوم التأكد من ترجمة أفكارنا إلى سياسات تحسن حياة الناس.