رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التماسك الاجتماعي والتعافي الشامل «1من 2»

نواصل مواجهة أزمة لا نظير لها، الأمر الذي يجعل تعاوننا الوثيق ضروريا – ومن ثم فإن تركيز هذا المنتدى على الدعم الحيوي اللازم في هذا السياق أمر منطقي تماما. وقد أوضح العالم العربي العظيم ابن خلدون كيف يمكن للتماسك الاجتماعي أن يدفع الناس نحو التقدم. ويمكنه أن يكون مصدر إلهام لنا اليوم ونحن نعمل على تحقيق تعاف شامل للجميع وغني بفرص العمل عبر الدول العربية وعلى مستوى العالم.
إذن، ما الآفاق المتوقعة حاليا؟ لا يزال العالم في مواجهة أسوأ ركود منذ حقبة "الكساد الكبير"، حيث يتوقع أن يصل النمو العالمي إلى معدل 4.4 في المائة بالسالب في 2020. وبالنسبة للعام المقبل نتوقع حدوث تعاف جزئي وغير متوازن يصل بالنمو إلى 5.2 في المائة. وبالنسبة للعالم العربي، نتوقع انكماشا بنسبة 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2020، تعقبه عودة إلى النمو في 2021 بمعدل 3.2 في المائة. ولا يتوقع أن تصل المنطقة إلى مستوى إجمالي الناتج المحلي الذي كان سائدا في 2019 حتى نهاية 2022، كما أن الخسائر تتجاوز 900 مليار دولار حتى نهاية 2025، مقارنة بتوقعات ما قبل الجائحة. ويسهم في هذه التنبؤات الأثر المجمع لتباطؤ الطلب على النفط، ومعوقات التجارة والسياحة، وبالطبع الإغلاق العام.
ولذلك فبالنسبة للمنطقة العربية والعالم، ستكون هذه رحلة صعود طويلة شاقة محفوفة بعدم اليقين ومعرضة للنكسات. وتشير البيانات الواردة إلى تباطؤ الزخم في الدول التي تشهد فيها الجائحة طفرة جديدة. ولكن هناك تقدما ملحوظا فيما يتعلق باللقاحات، ونحن نواصل الدعوة لإتاحة فرص الحصول عليها أمام كل دول العالم. ويمكننا أيضا البناء على الإجراءات الاستثنائية التي اتخذت على صعيدي المالية العامة والسياسة النقدية لإرساء أساس صلب يرتكز عليه الاقتصاد العالمي.
ومن المهم مواصلة العمل في هذا الصدد، لأن الأثر الاقتصادي المترتب على الأزمة يمكن أن يكون عميقا على المدى المتوسط. ذلك أن تعرض المنطقة الكبير للمخاطر في قطاع الخدمات الأشد تضررا، والضغوط الواقعة على الميزانيات العمومية للشركات، والقدرة المحدودة على العمل من المنزل، والاعتماد على تحويلات العاملين في الخارج، يمكنها جميعا أن تؤثر سلبا في مسيرة التعافي. ومن شأن تعطل الأنشطة التعليمية أن يحد من إنتاجية الطلاب في المستقبل.
فكيف يمكن لصناع السياسات أن يقاوموا الأزمة؟ مرة أخرى، يمكن أن نتعلم من التاريخ. فبالبناء على تقاليد التضامن العربية، كان ابن خلدون من أوائل من كتبوا بالتفصيل عن دور الحكومة في الاقتصاد. وتظهر هذه الروح في التحرك السريع والقوي الذي اتخذته الدول العربية بالفعل من خلال سياساتها لدعم مواطنيها وتخفيف الآثار المباشرة للأزمة:
فقد وفرت حزم الإجراءات المالية ودعم السيولة الحماية المطلوبة للدخول والأرزاق، وللقطاع المالي. وتضمنت الإجراءات المبتكرة في هذا السياق تأجيل الضرائب مع إجراءات إدارية أخرى، والتحويلات النقدية، وتقديم الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كذلك استفادت الأسر من هذا الدعم. فالمغرب، على سبيل المثال، نفذ حلولا تكنولوجية مبتكرة، بما في ذلك المدفوعات عبر الأجهزة المحمولة، للوصول إلى العاملين في القطاع غير الرسمي. وسارعت مصر بتوسيع نطاق برنامج المدفوعات النقدية وزيادة الشمول المالي من خلال خدمات رقمية لإجراء المعاملات المالية إلكترونيا. وقامت تونس بزيادة الإعانات، وتوسيع نطاقها، وتحسين قدرتها على توجيه المعونة للفئات الأشد احتياجا لها... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي