بناء الحكاية التاريخية
ليست هذه الدراسة إلا محاولة لاستكشاف حقل بكر لم يسبق أن درس في ثقافتنا العربية خارج الدائرة الضيقة لأصحاب الاختصاص من المؤرخين، ولم تكن غايتنا إلا المشاركة في إثراء هذا المجال بفتحه على مناهج السرد التي شهدت تطورا كبيرا أفاد منه كثير من العلوم الإنسانية، وبتنا نسمع عمن يتحدث عن سردية العلوم الطبيعية. لكن يبقى لما قدمه جيرار جينيت الأثر الأكبر في الدراسات الفنية اللاحقة، فيما كان لسيمياء غريماس فاعليتها، التي امتدت لتشمل كثيرا من المعارف المعاصرة في دراسة الدلالة، أي شكل المحتوى، ولاعتقادنا أن أحد المنهجين يكمل الآخر سعينا إلى الإفادة من الاثنين من دون قسر للمادة المدروسة، وكان منهج غريماس قد تخلل معظم الفصول، من خلال اعتماد المربع الدلالي، وما يقدمه من إعادة نظر في تشكل المجال المعرفي عموما، ولا سيما تشكل مجال المتن التاريخي المدروس، على أن الإطار العام للبحث كان يسير بتوجيه من بول ريكور، الذي عد السرد المكون الأساس للذات الإنسانية.