رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لا يسلم من الأذية وهو صامت

لم يكن يدر بخلدي عندما سمعت عن خلافات تقع بين الجيران أو قطيعة متعمدة بينهم أن يصل الأمر إلى ألا يعرف الجار جاره، وهذه (والله) مصيبة أن تمر الأيام والسنون وجيران لا يلقون بعضهم بعضا حتى في ملتقى المسلمين اليومي "المسجد" لأنه للأسف بعض الجيران لا يكلف نفسه مئونة السؤال عن جاره الذي يقطن بجواره أو قريبًا منه، بل إن بعضهم لا يرى أهمية لأن يتعرف على جيران حتى وإن حاول الآخر التقرب منه أو محاولة التعرف عليه!! فلماذا يحدث مثل هذا في مجتمعاتنا الإسلامية؟
وهل أصبحت أهمية الاهتمام بالجار إلى هذا الحد معدومة؟
إن ما جعلني أطرق الحديث في هذا الموضوع المهم هو ما ألاحظه شخصيًا وما ألمسه من جيران تجاه جيرانهم من تجاهل، وليت الأمر انتهى عند هذا الحد؛ لكن نجد أن بعض الجيران لا يتورع عن أذية جيرانه وتهديدهم غير أبه بالعاقبة يوم المعاد، وكأنه نسي أو تناسى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "وما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، وهو لا يعلم عن تلك العظمة التي جسدها صلى الله عليه وسلم، وهو يسعى لإدخال ابن يهودي الإسلام رغم عداوته للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى تحقق ذلك الأمر لليهودي ودخل الإسلام بنطقه الشهادة وهو على فراش الموت، ولعل استعراض بعض المواقف المبكية المخزية التي تحصل من جار تجاه جاره لهو أمر يدعو للشفقة على ذلك الجار المعتدي، فهذا رجل فاضل يشتكي دومًا من أذية جاره، وهي أذية مشاهدة أمام ناظر الجميع، ورغم محاولة الجار أن يطلب من جاره كف الأذى المتمثل في الأوساخ التي تخرج من المجاري التابعة له إلا أنه يرفض الامتثال لذلك، بل إنه رفض وساطة آخرين وأصبح يواصل أذاه ليل نهار، وذلك صابر محتسب الأجر عند رب العالمين.
وآخر مرة التقيته وهو يصرخ من أذية أبناء جاره له بأساليب متنوعة، وهو يقول: لو لا الخوف من الله لجعلت أبنائي يبادلون أبناءه الأذية؛ لكن تظل الضحية الأسرة والآباء، ولكن للأسف بعض الآباء لا يكون صارمًا مع أبنائه.
وثالث يتحدث بحرقة عن عدم زيارة جيرانه له، ويقول أمضيت أكثر من عام بجوار جيراني لم أجد أحدًا منهم يطرق بابي، بل إنني أتحين الفرصة لزيارتهم ولكن الأبواب موصدة.
ولعل أروع القصص التي تؤكد حرص السلف الذي علم أن أحد جيرانه يمر بضائقة مالية ويفكر في بيع منزله فما كان منه إلا أن ذهب وأعطى المال الذي يريد جاره وقال: "نحن نشتري الجار ولا نبيعه"، أو قريبًا من هذه العبارة، فكان موقفًا رائعًا ينم عن حرص السلف على تفقد الجيران والقيام بحقوقهم بقدر ما يستطيعون.
فما أحوجنا إلى أن نقتدي أولاً بالمصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب، وفي غيره من جوانب الحياة وكل أمورنا التي يجب أن نزنها بميزان الشرع حتى نكون سائرين على الطريق الصحيح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي