الكويت تتجه إلى إقرار الخطة الاقتصادية لدعم الاستقرار المالي بمبالغ تصل إلى 7 مليارات دينار

الكويت تتجه إلى إقرار الخطة الاقتصادية لدعم الاستقرار المالي بمبالغ تصل إلى 7 مليارات دينار

يشكل الثالث من آذار (مارس) المقبل منعطفا مهما ومصيريا في مسار الاقتصاد الكويتي حيث يناقش مجلس الأمة مشروع خطة دعم الاستقرار المالي التي أقرها مجلس الوزراء بعد إعدادها من قبل الفريق المكلف بمعالجة انعكاسات الأزمة الاقتصادية برئاسة الشيخ سالم الصباح محافظ البنك المركزي الكويتي وعضوية عدد من الكفاءات الاقتصادية التي نصت على دعم الشركات الاستثمارية المتعثرة وتوفير السيولة اللازمة للبنوك الكويتية بمبالغ من المتوقع أن تصل إلى سبعة مليارات دينار كويتي.
وإن كانت اللجنة المالية في المجلس قد باشرت دراسة الخطة إلا أن معارضة نيابية تعترض طريق اللجنة وقد تكون حجر العثرة أمام خروج الخطة إلى النور حيث يصر عدد من النواب على ربط خطة الإنقاذ بإسقاط قروض المواطنين التي يرون أنها جزء من الأزمة الاقتصادية ويجب أن تكون ضمن خطة الإنقاذ إضافة إلى فريق نيابي آخر يرى أن في الخطة المنتظرة تعديا على المال العام لمصلحة عدد محدود من أصحاب النفوذ والتجار في البلاد.
الاعتراض النيابي لا يقتصر على خطة الدعم وإنما يصل أيضا إلى ما يطالب به النواب بإسقاط القروض حيث يرى عدد من النواب وفي مقدمتهم نواب التيار الإسلامي أن هذه المطالب لا يمكن الموافقة عليها وذلك لوجود موانع شرعية تحول دون ذلك واستند النواب وفي مقدمتهم النائب السلفي خالد السلطان إلى فتوى تعود للشيخ الراحل محمد بن عثيمين تنص على عدم جواز شراء الدين بالدين .
النائب عبد الواحد العوضي رئيس اللجنة المالية المكلفة بدراسة الخطة تمهيدا لإقرارها، أكد في تصريح صحافي أن القانون لمصلحة الكويت وسيحفظ المكانة الاقتصادية للبنوك الكويتية، مشيرا إلى أن المشروع يحتاج إلى دراسة مستفيضة ومقارنته بمشاريع أخرى، ولفت إلى أنه في حال تطلب الأمر مزيدا من الخبرات الاقتصادية فإن اللجنة ستستدعي البنك الدولي واقتصاديين كويتيين ومكاتب استشارية متخصصة لدراسة الخطة والوصول إلى ما يخدم الاقتصاد بشكل عام.
المعارضة للمشروع لم تقتصر على النواب إنما امتدت إلى عدد من الشركات التي رأت في الخطة قصورا في معالجة الأزمة بالشكل المطلوب حيث لم يلتفت المشروع إلى الانخفاض الحاد في الأصول العقارية كما لم يحسم المشروع كيفية تدخل الدولة من أجل وقف الانهيار الحاصل في أسعار الأسهم في سوق الكويت للأوراق المالية إضافة إلى عدم إيضاح كيفية تقييم أصول الشركات الاستثمارية المتعثرة الراغبة في الاستفادة من المعالجات التي يطرحها المشروع حيث يثير تمكين الشركة المتعثرة من ترشيح الجهة المقيمة لأصولها الشكوك حول إمكانية استغلال أي من الشركات لعلاقاتها مع بعض المقيمين للحصول على تقييمات عالية لأصولها لا تتفق مع الواقع الفعلي لهذه الأصول وبالتالي تستفيد من المعالجات ومن الخطة بشكل عام رغم عدم انطباق شروط الملاءة عليها.
في سياق إنقاذ الوضع الاقتصادي، يرى تقرير الشال الاقتصادي وهو أحد أهم التقارير الاقتصادية في الكويت أن إقرار مجلس الوزراء خطة دعم الاستقرار المالي وإدارة المشروع على نحو محايد ومهني تحت مظلة القانون والدستور وبشفافية تامة ربما لا يكلف المال العام شيئا .
وأشار التقرير إلى حق مجلس الأمة في الاختلاف حول المشروع ولكن مع المحافظة على صلب أهدافه ومحتواه ولا يفترض أن ينزع النقاش إلى أسلوب المقايضة _ " في إشارة إلى إسقاط قروض المواطنين مقابل موافقة المجلس على إقرار الخطة"_ فالمطروح إما قناعة وإما رفض وينبغي تحمل المسئولية في الحالتين كما يجب ألا يعمي الغضب المتناقشين عما يمكن أن يحدث للدولة والمال العام .
ويؤكد التقرير أن اتخاذ الموقف أمر حساس ومؤلم لكن معظم أثر الأزمة حتى الآن إما نفسي وإما سوء إدارة كما حدث بالإعلان عن صندوق بملياري دولار لشراء الأسهم وغياب الحكومة لفترة طويلة وحاسمة ولكن الوضع وخطاياه لا يعفي أحدا من اتخاذ موقف، والشفافية المطلقة ومبدأ من يستفيد من المال العام لابد من قبوله للعلانية المطلقة والحساب مهما كان عسيرا ويفترض أن تكون شروطا أساسية للتدخل المباشر أو غير المباشر فالبلد يظل أبقى وأهم من الجميع ويحتاج إلى قرار سريع وموقف.
في هذا السياق، أكد هيثم الشخص المحلل المالي في شركة جلوبل أن التأخير في مواجهة المشكلة الاقتصادية يؤدي إلى تفاقم المشكلة وبالتالي ارتفاع تكاليف المعالجة، مشيرا إلى أن هذه التكاليف الآن أكثر مما كانت عليه قبل شهرين خصوصا بعد تراجع أسعار النفط الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي .
وأضاف الشخص لـ "الاقتصادية" قائلا على الرغم من وجود ملاحظات حول خطة دعم الاستقرار المالي من قبل بعض الشركات إلا أن لها كثيرا من الجوانب الإيجابية ويجب أن تعطى هذه الخطة الفرصة لزيادة السيولة في البنوك وتحريك الركود الاقتصادي التي تشهده البلاد وذلك من خلال دعم المشاريع الاقتصادية بإشراك القطاع الخاص إضافة إلى دعم الشركات المتعثرة وضخ مزيد من السيولة في البنوك لحمايتها من أي تعثر في المستقبل .
وزاد هناك تأييد واسع للخطة التي تستحق الدعم ونأمل من النواب في مجلس الأمة الإسراع في إقرارها حتى لا تتفاقم المشكلة وتدفع الدولة مزيدا من الأموال لتكلفة المعالجة مطالبا الساسة بالعمل على تغيير الاتجاه السابق في التعامل مع الأزمة الاقتصادية للوصول إلى توافق وجهات النظر لدعم الاقتصاد الذي ستنعكس أضراره على كل بيت كويتي ولن تقتصر على الشركات الاستثمارية كما يحدث الآن .
وحول ربط إقرار الخطة الاقتصادية لدعم الاستقرار المالي بإسقاط قروض المواطنين قال إن هناك أولويات ويجب عدم الربط غير المنطقي بين الأمرين ويجب أن تعطى الأولوية لدعم الاستقرار المالي قبل مناقشة أي موضوع آخر ومنها إسقاط القروض مشيرا إلى أن من هذه الخطوة قد يزيد من المشكلة نظرا للتكلفة المالية إضافة إلى دعم النظريات الاستهلاكية لدى المواطن الأمر الذي قد تنتج عنه مشاكل مالية في المستقبل تشكل ضررا للأسرة الكويتية وللمجتمع .
وعلى الرغم من الاختلافات النيابية حول الخطة وقضية إسقاط قروض المواطنين فإنه من المتوقع أن تستطيع الحكومة إقرار خطة الدعم المالي خلال جلسة مجلس الأمة المقبلة حيث تمتلك إضافة إلى أصوات الوزراء أصوات عدد من النواب المؤيدين للخطة والداعمين للخطوات الحكومية الهادفة إلى إنقاذ الوضع الاقتصادي.

الأكثر قراءة