التغلغل الأسيوي في أوروبا يلقي ظلالا قاتمة على صناعة السيارات الألمانية
الصانعون الآسيويون يقدمون سيارات اقتصادية جدا ذات تقنيات عالية مع أداء مقنع للمستهلك الأوروبي
المشاكل الإدارية وقوانين العمل والفائض في حجم العمالة من أكبر المشاكل التي تواجهها المصانع الألمانية..
كانت صناعة السيارات الألمانية و لازالت تعتبر المرجع الرئيس في هذا القطاع من حيث التقنية المتطورة والجودة العالية التي شكلت بطريقة أو بأخرى مصدر الهام للكثير من الصانعين في بقية العالم.
كما تميزت هذه الصناعة في الفترة الماضية بانتهاج أساليب جديدة لناحية الاستراتيجيات العامة فعلى سبيل المثال نلاحظ أن الكثير من عمليات الاندماج والصفقات بين صانعي السيارات تشهد حضورا ألمانياً طاغيا كالصفقة الأشهر في عالم صناعة السيارات بين مرسيدس بنز و كرايسلر الأميركية، كذلك الصفقات المتنوعة بين بي أم دبليو و عدد من الصانعين.
غير أن العديد من المتاعب والمشاكل بدأت تطفو على السطح واصبحت تلقي ظلالا قاتمة على الصناعة الألمانية، فعلى الرغم من قوة الاقتصاد الألماني بشكل عام وقطاع السيارات بشكل خاص إلا أن الضغوط الخارجية أصبحت تمثل عبئا كبيرا بالدرجة الأولى مع التغلغل الأسيوي في أوروبا وتقديم طرازات وفئات متنوعة تتحلى بتقنية عالية إضافة إلى تجهيزات وفيرة مع فارق بالسعر يصل إلى 30 % لصالح السيارة الآسيوية.
ومن العوامل التي ساعدت على التغلغل الآسيوي في هذا القطاع الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار الطاقة عالميا، حيث يقدم الصانعون الآسيويون سيارات اقتصادية جدا ذات تقنيات عالية مع أداء مقنع للمستهلك الأوروبي.
فعلى سبيل المثال تقوم الشركات اليابانية بطرح سيارات هجينية (Hybrid) مزودة بمحركين الأول يعمل بالاحتراق الداخلي والثاني يعمل بالطاقة الكهربائية وخير مثال على ذلك سيارة تويوتا بريوس التي تحقق مبيعات ملحوظة في القارة الأوروبية وفي عقر دار الألمان أنفسهم.
من ناحية أخرى تعاني شركات السيارات الألمانية كل على حدة من مشاكل متنوعة اغلبها إداري إذا صح التعبير، حيث شهدت الفترة الماضية فضائح متنوعة طاولت رؤوسا كبيرة في الكثير من مجموعات السيارات الألمانية مثل فولكس فاجن ومرسيدس، واصبحنا نسمع كثيرا عن استقالات وتعيينات جديدة في المراكز المهمة في هذه الشركات.
ومن المشاكل الإدارية أيضا مسألة قوانين العمل في الدول الأوروبية التي يصفها الكثير من الخبراء والمحللين بالبيروقراطية والروتينية.
كما تعاني العديد من الشركات أيضا من فائض كبير في حجم العمالة، وهو الأمر الذي لا يتناسب في كثير من الأحيان مع حجم الإنتاج والمبيعات، وهذه المشكلة بالذات من بين مجموعة من المشاكل عانت منها شركة فولكس فاجن مؤخرا وجعلتها تدخل في صراع مرير مع نقابات العمال بسبب نيتها التخلي عن مجموعة كبيرة من الموظفين والعمال.
ويقترح المحللون والخبراء الاقتصاديين مجموعة من الحلول لتخليص صناعة السيارات الألمانية من مشاكلها، ومنها مثلا تخفيض كلفة الإنتاج واتباع استراتيجيات جديدة في مجال الطرازات والفئات المنتجة تراعي مجموعة التجهيزات المتوفرة في الطراز وكلفتها والعمل على موازنة ذلك مع سعر بيع السيارة للمستهلك.
كما يقترح الخبراء أيضا استخدام تقنيات جديدة تساعد على خفض استهلاك الوقود والاستفادة من التجربة اليابانية وهو ما حصل بالفعل حيث تتعاون بعض شركات السيارات الألمانية مع نظيراتها اليابانية في مجال تطوير محركات اقتصادية ذات تقنيات جديدة تعمل على تخفيض استهلاك السيارة للوقود بدرجات كبيرة.
ومن الحلول المقترحة أيضا إقرار قوانين جديدة تنظم قطاع صناعة السيارات الألمانية تكون اكثر شفافية وتعمل على جذب المستثمرين.
وتعمل كل شركة من الشركات الألمانية على معالجة مشاكلها كل على حدة، فمرسيدس قامت بأجراء تغييرات مهمة على صعيد المناصب القيادية في الشركة، كما أنها خفضت المكونات الإلكترونية في سياراتها والتي جعلتها في الفترة الماضية عرضة للعديد من المشاكل وحملات الاستدعاء.
كما أعلنت الشركة أنها لن تقوم بعمليات تطوير جديدة لسيارات (سمارت) بسبب عدم تحقيقها أي أرباح مما قد يهدد وجودها أصلا.
أما فولكس فاجن فتعلن أنها تخطط لتسريح مجموعة كبيرة من عمالها والعمل على تخفيض أسعار سياراتها، إضافة إلى تغييرات إدارية في المناصب العليا والمتوسطة سببها فضائح ورشاوى.
في الختام لابد من التأكيد أن صناعة السيارات الألمانية لا تزال في نظر الكثيرين من افضل الصناعات العالمية على الإطلاق على الرغم من جميع المشاكل التي تواجهها، وهي تمثل بطريقة أو بأخرى أسلوبا في الحياة عند البعض على اعتبار ما تتميز به السيارة الألمانية من جودة عالية وتقنيات رفيعة وتميز كبير.