رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


هيئة سوق المال.. مرت عليها خمس وتدخل في خمس!!!

في شهر تموز (يوليو) المقبل، ستكمل هيئة سوق المال عامها الخامس، ومن مفارقات الحياة، أن الهيئة ومنذ اليوم الأول لتشكيل مجلسها الموقر كانت حياتها صاخبة وساخنة. كما أن ما مرت به السوق خلال تلك الفترة كان أيضا شبه حلم طويل فيه أفراح وطموحات وكذلك أحزان ومطبات شكلت الكثيرين كوابيس لم يفيقوا منها حتى الآن. آمل أن يكون هناك توثيق لتلك المرحلة للاستفادة من التجربة. رغم أننا لو كنا في أمكنة أخرى لربما رأينا عشرات المؤلفات حول تلك الأزمة ومسبباتها وتأثيراتها، ولكن هذا حال الإنتاج الثقافي العربي.

المختص يعلم دور الهيئة وحدود عملها، ولكن المجتمع أيضا وبحكم توقيت إنشاء الهيئة وأحداث شباط (فبراير) 2006م وما تلاها حتى اليوم، وكذلك التعليقات الإعلامية حول ما جرى ويجري لسوق الأسهم جعلت "الحابل يختلط بالنابل" وطبيعة عمل هيئة سوق المال، ودورها حيال ما يجري! كذلك كانت هناك علامات استفهام كثيرة حول ردة فعل هيئة سوق المال نفسها حيال المطالبات وحيال ما حدث لسوق المال، الأمر الذي أفقد الهيئة توازنها لفترة. وقد أدى فقدان التوازن إلى وجود حساسية مفرطة في تعاطي الهيئة مع المتغيرات وحالة السوق التي في نظر البعض لا تسر عدوا ولا صديقا، مع فكر تطوير السوق.

نستطيع كتابة الكثير عما أنجز منذ تأسيس هيئة سوق المال فيما يخص سوق الأسهم تحديدا، سواء فيما يتعلق بتعميق السوق، فقد وصل عدد الشركات من 76 شركة قبل مزاولة الهيئة أعمالها إلى أكثر من 125 شركة تتداول أسهمها حالياً. من سوق بلا تنظيم تقريبا إلى ما يزيد على 12 تنظيماً ما بين لائحة وقواعد عمل. الترخيص لأكثر من 100 رخصة للوساطة مالية والاستثمارية. وكثير مما أنجز، وكما أكدنا أننا لسنا في صدد عرض لإنجازات هيئة سوق المال. ولكن في معرض القول إن التحديات التي تواجه القطاع المالي كبيرة وأصبحت اليوم مختلفة بنسبة 180 درجة عما كانت عليه عندما أسست الهيئة، وأخاف أن الفكر الذي تقوم عليه أسواق المال تغيير كثيرا وسوف يتغير أكثر أيضا مع قادم الأيام.

أهم التحديات من وجه نظري أنه علينا اليوم إعادة النظر فيما تم اتخاذه من إجراءات سابقاً، تتمثل في الرقابة والإشراف على أعمال شركات الوساطة المالية والاستثمارية التي منحت تراخيص من قبل هيئة سوق المال والتي يتجاوز عددها حسب موقع الهيئة اليوم نحو 110 شركات، ما بين شركات متكاملة الخدمات (خمسة أعمال رئيسية) وشركات ذات طبيعة محددة، أقلها المشورة، وكانت الفكرة أن تلك الشركات ذات طبيعة معينة وبحاجة إلى أسلوب رقابي وإشرافي معين. اليوم ومع الأزمة المالية العالمية وما ظهر من مسببات لتلك الأزمة وأهمها الفجوة التي كانت قائمة ما بين الجهات المسؤولة عن الرقابة والإشراف على أعمال تلك الشركات والعلاقة مع القطاع المالي بشكل عام ومع المصارف وشركات التأمين والتمويل بشكل خاص، مما أدى إلى استغلالها من قبل الشركات الاستثمارية العالمية التي أدت إلى الأزمة المالية اليوم، نعلم أن أساس الأزمة لم تكن الرهونات العقارية وليس الرهن العقاري، حيث مع الأسف بدأنا نسمع بعض الأصوات التي تطالب بإعادة النظر في الرهن العقاري وكأنه المسبب لتلك الأزمة.

أعتقد أن الرقابة على أعمال تلك الشركات أعقد وأصعب من الرقابة على القطاع المصرفي وبحاجة إلى رؤية واضحة من قبل قيادات هيئة سوق المال في الأهداف التي تنشدها من ضبط أعمال تلك الشركات، حيث التداخل في أعمالها كبير والضبابية عالية في تحديد المصالح وتعارضها. وأعلم أن الهيئة ومسؤوليها يعلمون ما جرى لبعض تقييمات الشركات التي كانت تنوى طرح أسهمها للاكتتاب العام، والذي أدى إلى اختفاء بعضها بعد افتضاح أمرها! ويعلمون تداخل مصالح المستثمرين مع مصالح الشركات المقيمة أيضا! كذلك حالات زيادات رأس المال لبعض الشركات المتداول أسهمها! وأنا هنا لا أشكك في النوايا، ولكن التشريع لا يتم بناؤه على حسن النوايا، وكذلك الحال في الرقابة على تطبيق النظام أيضا. كذلك في قضية تداخل العلاقات ما بين الشركات ومجالس إدارتها! ومع المستثمرين ودور الجمعيات العمومية فيها! وكذلك العلاقة الأكثر تعقيدا بسبب حداثة التجربة مع الإعلام الاقتصادي المتخصص! والذي في تصوري كان إحدى الأدوات التي عقدت وساعدت من حيث لا تدري في تدهور الأوضاع على المستوى الاجتماعي العام، حيث قد يكون هذا الإعلام مخترقا من قبل أصحاب مصالح. وإن ننسى فلا ننسي التقارير التي تصدرها بعض الشركات المحلية والإقليمية وفي بعض الأحيان "عالمية" الاسم، التي تدعي معرفتها بالسوق السعودي والشركات العاملة فيه. ومع الأسف لا يزال الإعلام يحتفي بتلك التقارير لشركات أعلن تأميمها في بلدها وخسرت كل شيء ولا يزال إعلامنا لا يعلم تلك الحقائق على ما يبدو أو أنه لا يكترث ويأخذ ما تقوله تلك الشركات على أنه حقائق!
في الختام جهود هيئة سوق المال مشهودة ومشكورة وبالذات لقيادات هيئة سوق المال والمسؤولين فيها، ونعلم وتعلمون أن المسؤولية كبيرة والتحديات المقبلة لن تكون أقل مما مر من ظروف خلال الأعوام الخمس السابقة. ولكن مع الثقة بالنفس وضبط التوازن والعمل المرحلي المتدرج، يمكن تحقيق الطموحات. ولدي طلب بسيط جداً، نود ونتعشم أن نرى خطة لهيئة سوق المال للأعوام الخمسة المقبلة وأين سوف تكون سوقنا المالية؟ وما الخطوط العامة للتوجهات في هذا الخصوص؟ وحدود المسموح وغير المسموح! وعلى سبيل المثال لا الحصر، هل سيصل عدد الشركات في سوق الأسهم إلى ألف شركة مثلا؟ آمل ذلك. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي