التحول الرقمي في صناعة الكهرباء
يعد التحول الرقمي ممكنا رئيسا لتحقيق رؤية المملكة 2030 لوطن طموح ومجتمع حيوي واقتصاد مزدهر. وتسابقت الجهات الحكومية إلى تفعيل المبادرات والإنجازات الرقمية في مختلف القطاعات، من خلال تبنيها التحول الرقمي في مختلف المجالات. تعد صناعة الكهرباء من أهم الصناعات في المملكة، ولبنة رئيسة لكثير من الصناعات، وسيسهم تفعيل التحول الرقمي في صناعة الكهرباء في إيجاد فرص عمل رقمية مستدامة، إلى جانب زيادة المحتوى المحلي وزيادة إسهام الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي بصورة عامة. ينطوي التحول الرقمي على إمكانات هائلة بقيمة تقدر بنحو 1.3 تريليون دولار لقطاع الكهرباء إلى عام 2025، حسب أرقام منتدى الاقتصاد العالمي الأخيرة، بحيث تتبنى صناعة الكهرباء أنظمة الرقمنة المختلفة. إن قطاع الكهرباء عالميا جاهز لتحقيق القيمة من التحول الرقمي السريع. ساعد التحول الرقمي عديدا من مقدمي الخدمة على تحسين كفاءة وحدات الأعمال التشغيلية، وتحسين تجربة العملاء بشكل كبير، ودفع عجلة الابتكار من أجل رفع مستوى خدمة العملاء. يلعب مقدمو التكنولوجيا دورا رئيسا في رقمنة صناعة الكهرباء، وتعد سوق الكهرباء المنزلية، مزدهرة بالمنافسة من الجهات خارج صناعة الكهرباء، التي تستمتع بالقيمة المتبادلة مع شركات الكهرباء. ومع ارتفاع قيمة الأعمال المتبادلة، تحذو الصناعات الذكية وأسواق المدن الذكية حذوها إلى معاملات الشركات Business-to-Business، وعليه توجد القيم بين الشركات من داخل صناعة الكهرباء وخارجها. وكذلك المعاملات بين المستهلك والشركة Consumer-to-business، ويمثل ذلك اتجاها متصاعدا في صناعات كثيرة، بحيث يوجد المستهلك قيما تستفيد منها الشركات، من خلال مراجعة التقنيات المتوافرة أو طرح أفكار مبدعة.
تخضع صناعة الكهرباء عالميا إلى تحول رقمي مرتقب، لكنه يعد مقارنة بغيره الأبطأ والأقل حظا. وعلى الرغم من أننا لم نصل إلى مرحلة التمزيق أو الزعزعة الرقمية digital disrupting، كما هو الحاصل في صناعة الفندقة أو صناعة سيارات الأجرة، يجب أن تقدم شركات الكهرباء على خطوات عملية لتحويل عملياتها ونماذج أعمالها رقميا، وحقن التحول الرقمي في استراتيجية الشركة وإدارتها من أجل أن تكون الحمض النووي الجديد لها. قد ينشأ ابتكار يزعزع disruptive innovation صناعة الكهرباء خلال الأعوام المقبلة، لتتوافر بذلك قيم جديدة تفعل هذه الصناعة وترفع أهميتها، لكن قد تبعد عمالقة مثلما حصل في صناعة السفر مع شركة توماس كوك، التي كانت يوما أعرق شركة سفر في العالم، لكن أعلنت إفلاسها في 2018 من جراء العالم الرقمي. على الصعيد المحلي، وعلى الرغم من أن صناعة الكهرباء محتكرة بنسبة كبيرة، يظل التحول الرقمي عاملا أساسا للمستقبل. ويعني الحاجة إلى إقدام الشركة السعودية للكهرباء على تحسين الكفاءة التشغيلية وتطوير دورة إدارة الأصول وخدمة المستهلكين بشكل أفضل، والوصول إليهم من خلال القنوات الرقمية، والقدرة على تحسين الحلول وتطويرها. قد نجد من الشائع قولا إن المحتكر لا يهتم عادة بخدمة عملائه جيدا، لكنه يقدم اهتماما على الاستدامة والبقاء في خريطة الصناعة في المرحلة الرقمية. تحتاج الشركة السعودية للكهرباء إلى التطور مع بيئتها، والتأقلم مع الظروف الحالية والتحديات المتراكمة، وسيدعم التحول الرقمي هذا الهدف والتوجه المنشود.