الصين في صورة البعبع الاقتصادي «2 من 2»

يفترض عديد من علماء الاقتصاد الغربيين أن الحكومات لا تجيد تحديد الصناعات التي تستحق الدعم، وأن المستهلكين المحليين ودافعي الضرائب يتحملون الجزء الأكبر من التكاليف. وبعبارة أخرى، إذا كانت السياسة الصناعية الصينية مضللة وخاطئة، فإن الاقتصاد الصيني هو الذي عانى نتيجة ذلك.
وبالمنطق نفسه، إذا كان صانعو السياسة في الصين يستهدفون بصورة فعالة الأنشطة التي تتجاوز فيها المنافع الاجتماعية المنافع الخاصة، ما يؤدي إلى أداء اقتصادي محسن، فالسبب الذي يدفع الأجانب إلى الشكوى ليس واضحا. وهذا ما يسميه الخبراء الاقتصاديون حالة إصلاح إخفاقات السوق. ومن المنطقي أن يرغب الغرباء في منع الحكومة الصينية من اتباع مثل هذه السياسات مثلما تفعل لمنع منافس لها من تحرير أسواقها.
ويصح ذلك بصورة خاصة عندما تكون العوامل الخارجية المعنية عالمية، كما هو الحال، بالنسبة لتغير المناخ. فقد أنتجت الإعانات الصينية للألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، انخفاضا في تكلفة الطاقة المتجددة وهي فائدة هائلة لبقية العالم.
ويمكن أن تصبح اقتصادات السياسة الصناعية أكثر تعقيدا بوجود الاحتكارات والشركات المهيمنة على السوق. ويمكن تقييد السياسات الصناعية بصورة مبررة عندما تمكن من ممارسة قوة السوق على حساب بقية العالم.
لكن نادرا ما يتهم المنتجون الصينيون بدعم الأسعار، وهي السمة المميزة لقوة السوق. وفي أغلب الأحيان، تكون الشكوى عكس ذلك. وربما تنطبق هذه الاعتبارات أكثر على الشركات الأمريكية والأوروبية التي غالبا ما تكون العنصر المهيمن في أسواق التكنولوجيا العالية.
ولا يمثل أي من هذا حجة للدول الأخرى للوقوف مكتوفة الأيدي بينما تتقدم الصين إلى صناعات أكثر تعقيدا من أي وقت مضى. ولدى الولايات المتحدة - على سبيل المثال - تاريخ طويل من السياسة الصناعية الناجحة، ولا سيما في التقنيات المتعلقة بالدفاع. وهناك الآن اتفاق سياسي واسع النطاق في الطيف السياسي الأمريكي، على أن البلاد بحاجة إلى سياسة صناعية أكثر وضوحا، تستهدف الوظائف الجيدة، والابتكار، والاقتصاد الأخضر. ويقترح مشروع قانون قدمه تشاك شومر، كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، إنفاق 100 مليار دولار على مدى الأعوام الخمسة المقبلة على التقنيات الجديدة.
إن الدافع الرئيس وراء السياسة الجديدة في الولايات المتحدة وأوروبا، هو التهديد الصيني المتصور حدوثه. لكن الاعتبارات الاقتصادية تشير إلى أن هذا هو التركيز الخاطئ. فالاحتياجات والعلاجات تكمن في المجال المحلي. ويجب أن يكون الهدف هو بناء اقتصادات أكثر إنتاجية، وشمولا في الداخل وليس فقط التفوق على الصين، أو محاولة تقويض تقدمها الاقتصادي.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي