التوقعات المتشائمة تصيب سوق الصكوك الخليجية في مقتل
التوقعات القاتمة تتكالب على أسواق السندات الإسلامية من كل حدب وصوب
فهل الخليجيون مستعدون لسماعها؟
فوجئ العاملون في صناعة المال الإسلامية مطلع الأسبوع الماضي بما وصفوه بـ "الحقيقة المرة" التي طالما أرادوا تجاهل سماعها حول مستقبل سوق الصكوك الخليجية. تلك السوق التي عمل فيها الخليجيون مع الماليزيين جنبا إلى جنب وأنشأوها من العدم قبل ثماني سنوات، ليجعلوا قيمة إصداراتها تلامس الـ 100 مليار دولار بعد أن كانت ملازمة للمنطقة الصفرية مع مطلع الألفية الحالية.
ولفت عبد الله الشويطر، المدير العام لقسم العمليات المصرفية الاستثمارية والشركات في بنك الإمارات الإسلامي، الأنظار إليه عندما أعلن صراحة أن سوق الصكوك هذا العام "شبه ميتة". وتابع في حديثه لخدمة داو جونز "ونحن لا نتوقع أية عمليات جماعية على القروض أو بيع السندات. من الذي لديه الاستعداد للبيع في ظل هذه الفروق الواسعة؟ وأشار إلى أنه لا توجد لدى البنوك سيولة في السوق بهدف الاستثمار. وقال: "البنوك الآن في مرحلة أداء الأعمال الروتينية لتنظيم أوضاعها الداخلية".
ولم تذهب توقعات وكالة ستاندرد آند بورز بعيداً هي الأخرى عن توقعات الشويطر، حيث كشفت وكالة التصنيف الدولية أنها تتوقع "أن تبدأ السوق في الانتعاش قبل النصف الثاني "من السنة الحالية في إشارة ضمنية إلى أن سوق السندات الإسلامية قد تعاني الكثير خلال الأشهر الستة المقبلة في ظل تقلبات أسواق السندات العالمية. و يرتكز تفاؤل ستاندرد على ما يتداوله أهل هذه الصناعة من أن قيمة الصكوك المؤجلة التي يجري الإعداد لها تزيد على 45 مليار دولار. ويرى محمد دمق، اختصاصي تصنيف لدى ستاندرد، أن السعودية تملك في جعبتها ما يربو على خمسة مليارات دولار هي عبارة عن صكوك مؤجلة ينتظر لها أن ترى النور بعد أن تتحسن أحوال الأسواق.
السيولة الجافة
تراجعت سوق الصكوك بشكل حاد في عام 2008 نتيجة للفوضى التي عمت الأسواق العالمية، وجفاف السيولة، واتساق نطاق الفروق في الفائدة على السندات، وموقف المستثمرين الذي يقوم على مبدأ الانتظار والترقب. ورغم صعوبة قياس هذا التراجع، فلعل جزءاً منه يرجع إلى الجدل الفقهي الذي دار حول عدم تقيد بعض الصكوك بأحكام الشريعة الإسلامية. وكانت نسبة تزيد على 45 في المائة من الصكوك التي صدرت في عام 2008 صكوك إجارة (التمويل التأجيري) الأمر الذي يحتمل أن يكون نتيجة مباشرة للجدل الدائر بين علماء الدين الذين أجازوا هذا النوع من الصكوك وتحفظوا على الأنواع الأخرى.
معلوم أن حركة السيولة في بلدان الخليج تعرضت إلى تحول جوهري إبان الأزمة المالية. فقد بدأت حركة السيولة الداخلة إلى المنطقة تأخذ منحنى عكسياً اعتباراً من النصف الثاني لعام 2008 عندما غادر المستثمرون الذين كانوا يراهنون على إعادة تقييم العملات المحلية المنطقة. وقد أدى ذلك إلى حدوث انكماش كبير في أسواق الدين والأسهم المحلية والإقليمية، بما فيها سوق الصكوك. وهذا ما أدى إلى تراجع الرغبة في الاستثمار بالصكوك بشكل كبير، إلى جانب التراجع في الاستثمار بإصدارات الدين العالمية، والقروض الجماعية وغيرها من ديون الجملة.
نادي الصكوك
السعودية لم تكن هي الأخرى محصنة من تبعيات الخلاف الفقهي الذي شاب سوق الصكوك. حيث أظهرت بعض البيانات المالية التي خصت بها ستاندرد آند بورز "الاقتصادية" مدى التراجع المفجع في قيمة إصدارات الصكوك السعودية والذي وصل إلى ستة مليارات ريال سعودي في السنة الماضية بعد أن لامس حاجز الـ 21 مليار ريال في 2007. ولم يمنع هذا التراجع من دخول السعودية إلى نادي "مصدري الصكوك العالمي" باستحواذها على 11 في المائة من إجمالي إصدارات الصكوك في 2008. لتحافظ بذلك على مركزها وتأتي ثالثة بعد ماليزيا والإمارات. حيث إن أكثر من 70 في المائة من إجمالي الإصدارات جاءت من هذين البلدين. وتعزى هذه الأرقام إلى دعم السلطات في هذين البلدين لنظام التمويل الإسلامي ولانفتاحها على المستثمرين الأجانب. ومن المتوقع أن تزيد البلدان الخليجية والآسيوية الأخرى من إسهامها في نمو السوق في المستقبل بسبب الحاجات التمويلية والاستثمارية الضخمة في منطقة الخليج.