رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أولويات اقتصاد كوفيد - 19 «2 من 2»

في الواقع، كانت الأولويات القصيرة الأمد واضحة منذ بداية الأزمة. وكان أكثرها وضوحا ضرورة الاهتمام بحالة الطوارئ الصحية مثل ضمان توفير الإمدادات الكافية من معدات الحماية الشخصية وتعزيز طاقة المستشفيات، فلا يمكن أن يتحقق أي انتعاش اقتصادي حتى يتم احتواء الفيروس. وفي الوقت ذاته، من الضروري تطبيق سياسات لحماية الأشخاص الأكثر احتياجا، وتوفير السيولة لمنع حدوث حالات إفلاس لا داعي لها، والحفاظ على الروابط بين العمال وشركاتهم، وذلك لضمان سرعة عملية إعادة التشغيل عندما يحين الوقت.
لكن حتى مع وضع هذه الضروريات الواضحة على جدول الأعمال، ثمة خيارات صعبة لا بد من اتخاذها. فلا ينبغي لنا أن ننقذ الشركات التي كانت بالفعل في حالة تراجع قبل الأزمة مثل بائعي التجزئة الذين يعملون على الطريقة القديمة، لأن هذا لن يؤدي سوى إلى إيجاد مجموعة من "الموتى الأحياء"، ما يحد في النهاية من حيوية ونمو الاقتصاد. ولا ينبغي لنا أن ننقذ الشركات التي كانت مثقلة بالديون، حيث لا تستطيع أن تتحمل أي صدمة. والحق أن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدعم سوق السندات غير المرغوب فيها، من خلال برنامج شراء الأصول الخاص بالمجلس، قرار خاطئ على الأرجح. صحيح أن هذه حالة يشكل فيها الخطر الأخلاقي مصدر قلق مهما، لكن لا ينبغي للحكومات أن تحمي الشركات من الحماقات التي اقترفتها في حق ذاتها.
يبدو من المرجح أن كوفيد - 19 سيظل بيننا لفترة طويلة الأمد، ولذلك لدينا متسع من الوقت لكي نضمن أن إنفاقنا يعكس أولوياتنا. عندما وصلت الجائحة، كان المجتمع الأمريكي ممزقا بفعل أوجه التفاوت العرقية والاقتصادية، وتدهور المعايير الصحية، والاعتماد المدمر على الوقود الأحفوري. والآن، بعد أن أطلق العنان للإنفاق الحكومي على نطاق واسع، يحق للجمهور مطالبة الشركات التي تتلقى المساعدة بالمساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والعرقية، وتحسين الصحة، والتحول إلى اقتصاد أكثر اخضرارا واستنادا إلى المعرفة. ولا يجب أن تنعكس هذه القيم في كيفية تخصيص الأموال العامة فحسب، لكن أيضا في الشروط التي نفرضها على المستفيدين منها.
بحسب ما أشرت أنا والمؤلفون المشاركون في دراسة أجريت أخيرا، فإن توجيه الإنفاق العام بشكل جيد، خاصة الاستثمارات في التحول الأخضر، يمكن أن يتسم بالكفاءة من حيث الوقت، والكثافة من حيث العمالة، وبذلك يساعد على حل مشكلة البطالة المتزايدة، كما يمكن أن يكون محفزا للغاية من الناحية الاقتصادية من خلال توفير قيمة أكبر مقابل المال مقارنة بالتخفيضات الضريبية على سبيل المثال. وفي الواقع، لا يوجد سبب اقتصادي يمنع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، من تبني برامج انتعاش اقتصادي كبيرة ومستدامة من شأنها أن تؤكد الصورة المجتمعية التي تدعيها أو تقربها من تحقيقها.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي