تظاهرة لتحديد موقع "التأمين التعاوني" من الأزمة العالمية والتحديات التي تواجهه
يبحث تجمع من الخبراء والمختصين غداً في الرياض عدداً من التحديات التي تواجه صناعة التأمين التعاوني والتي فرضتها ظروف الأزمة المالية العالمية التي شملت تأثيراتها كل قطاعات الاقتصاد في العالم، إلى جانب استشراف مستقبل التأمين التعاوني في المملكة والعالم.
ومن أبرز ما يتطرق إليه هذا الملتقى الذي من المقرر أن يفتتحه الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد رئيس مجلس الشورى، المعوقات والصعوبات والتحديات التي تواجه صناعة التأمين التعاوني، وذلك بالاستفادة من تجارب الدول والمختصين والتي سيتم عرضها من خلال أوراق العمل التي سيتم مناقشتها في الملتقي، وهذا يأتي في الوقت الذي تلاقي فيه صناعة المصرفية الإسلامية نجاحاً كبيراً، وهو ما يتوقع كثيرون تطبيقه على صناعة التأمين بشكل عام.
وضمن الأوراق التي ستتم مناقشتها في الملتقي ورقة بعنوان "معوقات صناعة التأمين التعاوني في السعودية"، حيث سيتحدث الدكتور فهد العنزي عميد كلية الأنظمة والعلوم السياسية في جامعة الملك سعود، عن أبرز معوقات صناعة التأمين في السعودية في عدد من النقاط أبرزها المعوق الشرعي المتعلق بضوابط التأمين التعاوني الإسلامي، والمعوق الثقافي أو المعرفي، والمعوق الفني والتنظيمي أو الرقابي لسوق التأمين التعاوني، ثم المعوق التشغيلي لسوق التأمين التعاوني (المعوقات الإدارية والبشرية لشركات التأمين التعاوني).
ويتناول العنزي خلال ورقته التحدي الكبير الذي تواجهه صناعة التأمين التعاوني الإسلامي في المملكة والتي تم تلخصها في أربعة أوجه يلزم تفعيلها على أرض الواقع وهي إيضاح الضوابط الشرعية المتعلقة بالتأمين التعاوني ومحاولة التفرقة بينها وبين الضوابط التي تحكم أنواع التأمين الأخرى والتي تحتمل الحل والحرمة.
وهنا يؤكد العنزي ضرورة تأسيس هذه الضوابط على التخريجات الشرعية المقبولة والتي يمكن تطبيقها بشكل سلس وعملي في السوق السعودية للتأمين. ويضيف أنه لابد من الإشارة إلى أن هناك عدم اتفاق فيما يتعلق بالضوابط الشرعية للتأمين التعاوني بالنسبة للفتاوى التي صدرت من هيئة كبار العلماء وما رأته اللجنة الدائمة للإفتاء وكذلك بعض الآراء التي تنسب لبعض علمائنا الموثوق في علمهم الشرعي.
كما يطلب العنزي أن تكون هناك دراسة وافية من قبل العلماء الشرعيين لمنظومة صناعة التأمين للتعرف على الجوانب الفنية فيها، وأن يكون هناك تنظيم قانوني يستوعب المعايير والضوابط الشرعية المتعلقة بالتأمين التعاوني بعد الاتفاق عليها من العلماء وألا يقتصر على الجوانب الشكلية في التأمين فقط ، ويطلب العنزي من شركات التأمين العاملة في السوق باستيعاب الضوابط المتعلقة بنشاط التأمين التعاوني،
وفي ورقه أخري يؤكد الدكتور مراد زريقات مدير التطوير بشركة التأمين العربية التعاونية، إن وجود سوق تأمين سليم ومتطور يعتبر عنصراً أساسياً لأي اقتصاد ناجح، ويضيف قائلاً أنه يمكن التأكد من ذلك بالنظر إلى اقتصاديات العديد من دول العالم .
ويتناول زريقات في الورقة التي تحمل عنوان "الاحتيال على شركات التأمين" مفهوم الاحتيال في التأمين والذي يعرفه على أنه : أي عمل أو إهمال يقصد منه تحقيق كسب غير شريف أو غير شرعي أو غير قانوني للطرف الذي يرتكب الاحتيال ، ويعدد زريقات هنا الوسائل التي يجملها في التعمد في تقديم، أو إخفاء، أو كتم، أو عدم الكشف عن إحدى أو كل الحقائق المادية المتصلة بقرار مالي، أو عملية أو تصور لوضع شركة التأمين ، وإساءة المسؤولية، أو موقع ثقة أو علاقة وكالة، وسوء توزيع الموجودات المؤمن عليها من أجل تقديم مطالبات في وقت لاحق.
ويضيف أن الاحتيال في التأمين هو اصطناع مطالبة تأمين أو رفع قيمة مطالبة تأمين بزيادة قيمة الضرر أو تغيير طبيعته بوسائل غير مشروعة بغرض تحقيق مكاسب غير مستحقة.
ويؤكد زريقات من خلال الورقة أن الاحتيال يعد من أهم معوقات التأمين إذ إنه على الرغم من أهمية صناعة التأمين في حماية الأفراد والمؤسسات ، إلا أنها لم تكن بعيدة عن العبث من قبل المجرمين ، فقد كانت وما زالت ميداناً واسعاً لما يعرف بجرائم الاحتيال بصور وأشكال مختلفة ، الأمر الذي جعل منها ضحية تتكبد نتيجتها الخسائر المالية على الرغم من وجود عديد من الاحتياطات التي تتخذها، إلا أن المحتال الذي يحاول الاحتيال على شركات التأمين دائما يكون في موقع متقدم في التفكير بكيفية الحصول على مكاسب من صور أو أنماط أخرى للاحتيال على شركات التأمين .
ويؤكد زريقات أن ورقته والتي سيتم مناقشتها في اليوم الثاني من الملتقي تعتبر محاولة للتعريف بجريمة الاحتيال والوقوف على أهم آثارها على مستوى المؤمن لهم كأفراد أو على مستوى شركات التأمين نفسها ويضيف أن الوقاية من هذه الجرائم تتطلب مزيدا من البحث والدراسة من قبل الجهات والمؤسسات العلمية المتخصصة، على اعتبار أن الاحتيال يعتبر أحد المعوقات التي تعيق تقدم صناعة التأمين التعاوني .
وعلى مستوي السوق السعودية يقول زريقات إن المعالجة العلمية لهذه الظاهرة لا تزال في بداياتها نظراً لحداثة هذه السوق من الناحية التنظيمية ، ونوه في ذلك إلى قانون تنظيم صناعة التأمين الذي صدر في عام 2004 م عن مؤسسة النقد العربي السعودي، إضافة إلى وجود بعض الاعتبارات التي تحول مرحلياً في الأقل دون انتشارها مثل قلة عدد الذين لديهم تغطيات تأمينية، ووجود الوازع الديني الذي يحد نسبياً من سلوك بعض المتعاملين مع شركات التأمين، إضافة إلى انخفاض الوعي التأميني بشكل عام وما تتطلبه عمليات الاحتيال من فهم دقيق لقواعد التعامل مع شركات التأمين وتفاصيل وشروط الوثائق، ولذلك كما يقول لم تسبب المطالبات الاحتيالية خسائر كبيرة لسوق التأمين السعودي حتى الآن كما يحدث في الأسواق العالمية مثل سوق التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية الذي خسر 79 مليارا دولار عام 2001 بسبب مطالبات الغش والاحتيال في جميع أنواع التأمين.
وفي ورقة ثالثة ضمن المحور نفسه أي معوقات صناعة التأمين التعاوني يتناول الدكتور السيد حامد حسن محمد نائب المدير العام بشركة البركة للتأمين بالتحليل والتقييم صيغ إدارة مخاطر واستثمار أقساط التأمين التعاوني ويبين الصِّيغ الإسلاميَّة التي يمكن أنْ تؤسس شركة التَّأمين الإسلاميَّة وفقهها، و التي تنسجم مع أحكام الشريعة الإسلامية مع تقييمها ويتساءل السيد عن مدي جاذبية صناعة التَّأمين الإسلامي ، وهل تعتبر سلبياتها أكثر من إيجابياتها من وجهة نظر المستثمرين وذلك إذا ما نظر إليها من زاوية العائد الاستثماري، والالتزامات، المترتِّبة عليها ، ويضيف أن السبب لطرح هذه التَّساؤلات وهو بسط و تقييم النماذج المقبولة شرعاً ،و التي تقوم وفقاً لها شركات التَّأمين الإسلامي، أو تلك التي يمكن أن تنشأ وفقاً لها خدمات التَّأمين الإسلامي مع توضيح العلاقة بين المؤسِّسين وهم حملة الأسهم والمؤمَّن لهم وهم حملة وثائق التَّأمين.
كما يضيف أنَّ التَّطبيقات العملية للنظرية الإسلامية في مجال التأمين قد أبرزت عددا من المدارس في العالم الإسلامي وذلك منذ نشأة صناعة التَّأمين الإسلامي في عام 1979م وحتى عام 2008م، أبرزها كما يقول التَّجربة السُّودانيَّة ، التَّجربة السعوديَّة ، التَّجربة الماليزيَّة ، التَّجربة الخليجيَّة، التَّجربة الأُردنيَّة، التَّجربة الباكستانيَّة، التَّجربة الجنوب إفريقيَّة ثم التَّجربة المصريَّة.