برواز

برواز

في نظامنا الأخلاقي ونظامنا الفكري تحتل المعايير المعنوية في عمليات التقييم مكانة كبيرة، وكلما كانت مستويات الإيمان أعلى كانت هذه المعايير أقوى.

فمثلاً: المريض الذي يُحكم عليه طبياً بالموت بعد أيام أو أشهر، إن كان إيمانه قويا فستكون درجة تصديقه بهذا الحكم - لقائم على معايير مادية- ضعيفة وتبقى ثقته بالله سبحانه مصدر الأمل والصبر والرضا حتى يحل القضاء .. وهكذا.
في وسائل الإعلام تمرر رسائل كثيرة تتكامل فيما بينها لتشكل شخصية مادية لا تؤمن إلا بالمحسوس، ولا تُقيّم (الأشخاص والأشياء والأفكار) إلا من خلال ما يلحق بها من الماديات.
هذه الأفكار تمرر عبر مواد إعلامية متعددة، من أهمها الإعلانات والحملات التسويقية، إذ إنها تحاول إقناع الجمهور بالحاجة إلى المنتج من خلال إضفاء الفخامة عليه عند اقتناء السلعة أو استخدام الخدمة أو تبني الفكرة المسوقة، حتى صارت غالب المنتجات تدخل ضمن المنتجات التفاخرية.
وفي هذه الوضعية (التفاخرية/ المادية) نظن أننا لم نعد نملك القدرة على تقدير المعاني السامية والأخلاقية في واقعنا، لأن الماديات قد أسرتنا .. وننسى أن هذه الوضعية تنطلق من معايير معنوية (شيطانية)، لم نستطع تمييزها لعدم مصادمتها لأهوائنا.
رواج هذه الفكرة والاتكاء على المعايير المادية في تقييمنا واقعنا، يعني تحول حركتنا في الحياة إلى حالة من الاستعراض، والسلوك المبتذل، والتصنع المقيت، وسيكون طموح أبنائنا تحقيق النجومية والشهرة في ميادين العواطف وليس النجاح والإنجاز العقلاني.
ربما يتساءل القارئ: كيف يروج الإعلام هذه الوضعية؟ فهذا يتضح من تأمل واع في نوعية الشخصيات التي تحظى بالحفاوة الإعلامية، والأشياء التي ترتبط بهذا النوع من الشخصيات، وأخيرا الأفكار التي تحملها هذه الشخصيات وتمثله.

الأكثر قراءة