أزمة قناة السويس وارتفاع أسعار النفط جعلت من "ميني" الرابح الأكبر

أزمة قناة السويس وارتفاع أسعار النفط جعلت من "ميني" الرابح الأكبر

بدأت حكاية واحدة من أكثر السيارات التي حصدت الإعجاب في تاريخ بريطانيا حين أوكل ليونارد لورد، رئيس مجلس إدارة شركة السيارات البريطاينة BMC، إلى فريقه مهمّة تصميم "سيارة صغيرة فعلية" ونقلها إلى الطرق بأسرع ما يمكن. وأمّا الرجل الذي أوكلت إليه هذه المهمّة فكان يُدعى أليكساندر (أليك) إيسيغونيس.
تحمّس إيسيغونيس للفكرة ولاسيّما أنّ تحدّي بناء سيارة صغيرة مثالية كان يشكّل أروع طموحاته. وكانت المهمّة تقضي بأن يدوّن أفكاره على اللوح وتطبيق المفهوم بالتعاون مع فريقه. فاقتصرت فكرته على سيارة صغيرة ذات أربعة مقاعد مع التركيز بشكل خاصّ على فكرة الإفادة من كلّ جانب من جوانب المساحة والرحابة مع توفير أقصى درجات الراحة والسهولة في القيادة. وكان من شأن هذه السيارة أن تكون مختلفة جدّاً عن سواها من التصاميم المتوافرة حينها في الأسواق سواء من حيث المواصفات التقنية أو الشكل، وفوق كلّ شيء، أن تكون سيارة قريبة إلى متناول الجميع.
وكان من حسن حظّ شركة السيارات البريطانية أنّها قرّرت تطوير "ميني" بالتوازي مع أزمة قناة السويس. ونتيجة للأحداث التي طرأت ما بين المصريين والبريطانيين والفرنسيين، ارتفع ثمن النفط عالمياً. وللمرّة الأولى في التاريخ شهد العالم تشديداً على الاقتصاد في استهلاك النفط فكانت "ميني" الرابحة الأكبر.
بعد ثلاثة أعوام من التطوير، والاختبار والتجميع أُطلقت MINI في 26 آب (أغسطس) 1959، وبيعت في ذلك الحين بثمن معقول بلغ 495 باونداً أي ما يوازي 2800 درهم، وكانت ثاني أرخص سيارة في السوق.
بعد خمسة أشهر من انطلاق "ميني" رسمياً، تمّ الكشف عن ثلاثة تصاميم من العلامة التجارية نفسها وهي الشاحنة المقفلة Van، وPick-Up، وEstate. وقد تمّ تصميم كلّ طراز بالتوجّه إلى الطبقتين العاملة والريفية اللتين كانتا تبحثان عن مزيد من المساحة في السيارة. وخلال هذه الفترة أيضاً، صنّعت شركة السيارات البريطانية BMC طرازات جديدة ومختلفة بما في ذلك MINI Cooper وMINI Cooper S المتخصّصين في السباق واللتين تمكّنتا من تخطّي سيارة السباق الأولى في أستراليا Elite من Lotus، التي كانت السيارة الأبرز حينها في بريطانيا.
وعلى الرغم من أنّ الأرقام المبدئية الصادرة عن BMC أشارت إلى تحقيق السيارة نجاحاً باهراً، غير أنّها لم تأت بحسب توقّعات المجموعة. ولكنّ الأمور تبدّلت مع اكتشاف فرقة The In Crowd هذه السيارة الصغيرة والرشيقة في لندن، فكانت حينها انطلاقتها الحقيقية. وبات لورد سوانسون، زوج الأميرة مارجريت من أشدّ المعجبين بهذه السيارة، حتّى إنّ الملكة شوهدت تستمتع بعرض قُدّم لها عن هذه السيارة الصغيرة الجديدة. وهكذا بدأت شهرة السيارة تزداد شيئاً فشيئاً, وقد حقّقت إلى السنة الثانية من تاريخ صنعها مبيعات بلغت 116677 وحدة.
عام 1965، كانت MINI قد حقّقت نتائج مذهلة, إذ بلغت مبيعاتها مليون سيارة، وفي السنة ذاتها، أنجز أليك إيسيغونيس صناعة ناقل حركة أوتوماتيكي, ما جعل من MINI واحدة بين قلّة من السيارات ضمن فئتها التي تتمتّع بهذه الخاصية, كانت حينها حكراً على سيارات الطبقة العالية.

MINI Clubman الأخ الكبير
تُعد MINI Clubman تجسيداً للتصاميم الثلاثة السابقة، Van، وPick-up، وEstate، وإنّما في سيارة واحدة. فكانت هذه التصاميم مصدر الإيحاء الأساسي بالنسبة لسيارة Clubman التي أكثر طولاً وارتفاعاً من سيارة MINI Classic.
مبدئياً، تمّ الكشف عن MINI Van بعد خمسة أشهر فقط من إطلاق MINI Classic، ولقيت السيارة شهرة واسعة بين التجار, كما استخدمها مكتب البريد البريطاني. كان موضع الشحن في السيارة خالياً من النوافذ، ولكنّها زُوّدت بأبواب خلفية, وبفضل حجمها المدمج ورحابتها في الوقت عينه، كانت MINI Van سيارة مثالية للنقل, ولا سيّما في المدن والشوارع الضيقة. وعلى مرّ السنوات، أكثر من نصف مليون عميل اختاروا MINI Van.
وعلى ضوء النجاح الذي حصدته MINI Van، قرّرت شركة السيارات البريطانية BMC الكشف عن طرازين جديدين هما Estate وPick-up. كانت Estate سيارة رباعية المقاعد بحجم سيارة Van, وإنّما تتمتّع بنوافذ زجاحية، وكانت النوافذ الخلفية تفتح وتُقفل بالانزلاق.
واستناداً إلى العلامة التجارية، حملت سيارة Estate شعاري Countryman (سيارة الريفي) أو Traveller (سيارة المسافر) اللذين يشيران بالتأكيد إلى شرائح المجتمع التي تستهدفها هذه السيارة. كان طراز Countryman موجّهاً بشكل خاص للطبقة الريفية، وهذا ما تعكسه صورة الإعلان، حيث نجد الحيوانات في السيارة، والعائلات الشابّة التي تحبّ السفر، والصناعيين والتجّار في الريف، كما أتت السيارة مجهّزة بإطار خشبي من الخارج.
وتوجّه طراز Morris Minor Traveller عام 1953 إلى هذه الشريحة بالتحديد، واختيرت لتكون علامة تجارية في حدّ ذاتها ضمن هذه الفئة. زُوِّدت Minor MINI Traveller بأعمدة خشبية على النهاية الخلفية للسيارة، وخلافاً لنسيبتها Morris Minor، لم يكن الخشب هنا سوى لمسات بسيطة.
وابتداءً من 1961، باتت Estate متوافرة دون اللمسات الخشبية, وتمّ طرح MINI Pick-up. وتمتّعت هذه السيارة المتينة التي نُفّذت في 60 ألف وحدة بأعمدة خشبية أعرض لتعزيز مظهر السيارة الصلب وبقسم خلفي مفتوح مخصّص للتحميل. وقد تمّ تسهيل النفاذ إلى الخلف بفضل عتبة التحميل المثبّتة في الأسفل، كما زوِّدت السيارة بغطاء مستقلّ يمكن إقفاله من جميع النواحي على غرار الشاحنات لحماية البضاعة المنقولة على متنها، وكان هذا الغطاء مزوّداً بنافذة تكشف للسائق الرؤية الخلفية.
توقّف إنتاج MINI Estate في خريف 1969 مع وصول MINI Clubman التي بقيت في الأسواق, وكانت الإصدار الوحيد من فئة Estate. ولم يقتصر حبّ هذه السيارة ذات المواصفات المميّزة على المجتمع الريفي فحسب. وخلال فترة إصدارها، باعت Estate بكلّ طرازاتها، ما يوازي 400 ألف مركبة.
عام 2000، حصلت BMW AG على ميني من شركة السيارات البريطانية British Motor Corporation. وعزمت ميني على تحديث هذا السيارة البريطانية الكلاسيكية وإعادتها إلى مكانتها المتقدّمة في التصميم والابتكار. أُطلقت "ميني" الجديدة عام 2001 تحت علامة BMW وحصدت نجاحاً مذهلاً. فما إن تمّ الكشف عن المولودة البريطانية الجديدة حتّى بدأت تحظى بشهرة واسعة ومتزايدة وبمزيد من التصاميم بروايات تشبه روايات سالفتها التي أُطلقت في الستينيات.

2008: MINI Clubman الابتكار في حدّ ذاته
كان عام 2008 بداية فصل جديد في تاريخ النجاح العالمي بالنسبة لمنتجات "ميني"، وذلك مع إطلاق MINI Clubman.
تتمتّع المجموعة الجديدة لسيارة MINI Clubman بتصميمها الفريد ومرونة قيادتها التي لا مثيل لها في سيارة فاخرة صغيرة، فضلاً عن أعلى معايير الجودة والسلامة، إضافة إلى خيارات التعديل بحسب طلب العميل مع أكثر من 40 توليفة مختلفة من الطلاء الخارجي فقط، ممّا يسمح باختيار السيارة وفقاً للتفضيلات الشخصية.
يفوق طول سيارة ميني "العادية" بـ 24 سنتيمتراً ممّا يعزّز رحابة الجزء الخلفي من المقصورة بثمانية سنتيمترات لمزيد من الراحة للركّاب. وأمّا خصائص Clubman فتقدّم ترجمة حديثة ومميزة لتفاصيل سيارات ميني الكلاسيكية السابقة، يشمل ذلك المفهوم الجديد والمبتكر الذي يميّز الأبواب الجانبية للسيارة في حين أنّ باب الصندوق مؤلّف من جناحين منفصلين، فضلاً على امتيازها من حيث الاقتصاد في استهلاك الوقود ضمن فئتها، كما تعد MINI Clubman بالاستجابة لأكبر شريحة ممكنة من العملاء مختلفي الأذواق، ومنحهم مزيداً من الرحابة.
ومع MINI Clubman، وMINI Cooper S، توفّر ميني خصائص قيادة أولى من نوعها بالنسبة لسيارة فارهة صغيرة من حيث التحكّم في السيارة ومطواعيتها إضافة إلى أعلى معايير الجودة والسلامة. ويعود ذلك إلى قاعدة العجلات الأكثر امتداداً ممّا يمنح السيارة طابعاً أكثر تشبّثاً بالأرض، كما تمنح الهيكل مطواعية أكبر مقارنة بالتصميم الشقيق MINI Cooper. تمتاز سيارة MINI Cooper S Clubman التي تمّ فحصها من قبل لجنة الحكم بمحرّك سعة 1.6 ليتراً، بأربع أسطوانات، بقوّة 175 حصاناً مقابل 5500 دورة في الدقيقة، ممّا يوفّر للسائق قيادة في غاية المتعة مع استهلاك ممتاز للوقود. ومن ناحية أخرى، تتمتّع MINI Cooper Clubman بمحرّك سعة 1.6 ليتر بقوة 120 حصاناً مقابل 6600 دورة بالدقيقة. وأمّا الطراز الشقيق John Works Cooper فيمتاز بقوّة تسارع من صفر إلى 100 كيلومتر/ ساعة في غضون 6.8 ثانية ممثلاُ بذلك المجموعة الأقوى أداءً بين سيارات ميني.

الأكثر قراءة