رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بين الحذاء والإنجاز يمكن السؤال

ربما يعد حذاء الصحافي العراقي منتظر الزيدي أشهر حذاء في العالم وقد يدخل كتاب جينيس للأرقام القياسية. ففي بحث أولي على موقع جوجل خلال الأسبوع الماضي تم التوصل إلى أكثر من 690 ألف رابط يتحدث عن بوش والحذاء، وربما أن عدد المواقع والمقالات والروابط قد زادت أثناء قراءتك المقال. كما أن بعض القنوات الفضائية خصصت برامج مباشرة وحية لتغطية الحدث. أضف إلى هذا وذاك حدثت مظاهرات في مناطق مختلفة من الوطن العربي تأييدا لما قام به الزيدي.
قد يكون الزيدي قد استخدم أسلوبا مغايرا عما تعودنا عليه من طرق مشروعة أو غير مشروعة للتعبير عن الرأي مما يبرر جزئيا هذا التفاعل غير المسبوق. فالزايدي استطاع أن يفعل ما عجزت العمليات التفجيرية توصيله وبطريقة فيها من الغرابة والطرافة والجرأة الشيء الكثير.
لكن رغم كل الزخم الإعلامي المصاحب للحادثة ينبغي ألا يفهم سياق تلك الحادثة أكثر من كونها محاولة من صحافي أو مواطن عراقي للتعبير عن رأيه برفض الاحتلال. فالحادثة لا تزيد عن كونها تعبيرا عن رفض الاحتلال بغض النظر عن شرعية أو عدم شرعية الطريقة التي استخدمها. لكن المبالغات في تمجيد الحدث وكأن الزيدي تسبب في تحقيق نصر قومي لم يكن صائبا. فالبعض بالغ في الفرح والابتهاج لدرجة المطالبة بتخصص هذا اليوم كعيد وطني للعراقيين. كما أن البعض الآخر طالب بإقامة احتفال سنوي تخليدا للذكرى وغيرها من المطالبات. فضلا عن العروض الشخصية من وظيفة وزوجة وعروض لشراء الحذاء بمبالغ خيالية وغيرها.
الحادثة تذكرني بتعامل الإعلام مع حادثة المزارع العراقي الذي "ادعى" أو طلب منه أن يدعي أنه أسقط طائرة الأباتشي أثناء الغارة الأمريكية على العراق. فانهالت على المزارع وقتها عروض مشابهة لما عرضت على الزيدي كما كتبت القصائد تمجيدا لهذا المزارع البطل الشهم.
لدي سؤال في خضم كل تلك الأحدث وبعيدا عن العاطفة الجياشة التي تقودنا من القرارات غير المنضبطة، هل وصلت بنا الحال إلى درجة الافتقار لمنجزات نفتخر بها أو انتصارات على المستوى الحضاري مما يجعل مجرد التعبير عن الرأي إنجازا في حد ذاته؟ فالعراق ما زال يعاني وطأة الاحتلال والخلافات العرقية والسياسية ولم تكن الحادثة قد أحدثت أو ستحدث تغيير الوضع القائم في العراق. وهل قادت حادثة الحذاء أو المزارع العراقي البسيط إلى خروج المحتل؟
لا شك أن المنجزات العربية في والوقت الحالي ضعيفة، وأذكر أنه في استفتاء أقامه التلفزيون المصري قبل نهاية عام 2007 عن ما أهم الأحداث السعيدة خلال هذا العام؟ وكانت إجابات عديد من المشاركين أنه لا يوجد شيء!!
لا أستطيع أن أفهم هذه الحوادث إلا في نطاق غياب المنجزات والانتصارات العربية مما جعلنا نحتفل بأي حدث وإن كان في إطار التعبير عن الرأي ورفض المحتل. فلا يزال قطاع غزة القريب من العراق يعاني حصارا يستحق النظرة والتفاعل كما تفاعلت الجماهير الغاضبة من سجن الزيدي. فأنا على يقين من أن في غزة ألف منتظر غير أن منتظر الزايدي عبر عن موقفه لكن أهل غزة لم يستطيعوا ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي