الإجراءات والمسؤولية
كلما اتخذت حكومتنا إجراءا جديدا زادت الطمأنينة في النفوس، وأيضا زاد الإحساس بالمسؤولية بين المواطنين والمقيمين، خاصة أن المملكة سجلت اليوم واحدة من الدول التي اتخذت إجراءات مشددة لحماية الإنسان، وتقليص فرص العدوى بـ"الفيروس" الذي شغل الدنيا وملأ وسائل الإعلام.
وحتى نشر هذه الكتابة ربما تتخذ إجراءات جديدة، لأن الواضح أن هناك سرعة في اتخاذ القرارات الوقائية، وصرامة في التنفيذ، واستجابة من الناس، وقرارا تعليق الدخول والخروج من محافظة القطيف، وإيقاف الحضور للمدارس والجامعات "وليس التعلم" من الأدلة على ذلك.
في قرار القطيف راعت السلطات في هذا الإجراء الاحترازي تمكين العائدين من سكان المحافظة من الوصول إلى منازلهم، مع توفير وسائل الرعاية الصحية والاجتماعية لهم، لضمان سلامتهم وطمأنتهم، مثله مثل بقية التدابير الأخرى التي توخت فيها عدم تأثر الحالات الإنسانية مع اتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة.
ومع استثناء مرافق الخدمات الأمنية والتموينية والضرورية؛ سيمنح كل المواطنين الذين سيتأثرون بتلك التدابير داخل القطيف، خطابا رسميا معتمدا من وزارة الصحة، لضمان انتظام سير حياتهم الوظيفية ومسيرتهم المهنية والتأكد من عدم تأثرها بالإجراءات المؤقتة، حتى يتم القضاء تماما على فيروس كورونا الجديد.
قرار تعليق الحضور للمدارس والجامعات يصب في الاتجاه ذاته، حماية صحة وسلامة جميع أبنائها المواطنين ومعهم الإخوة والأصدقاء المقيمون دون تفرقة أو تمييز، ولعلها سانحة أن يتم اختبار الجاهزية التقنية للوزارة، والسعة الاستيعابية لوسائل التعلم من بعد، ومدى انتشار الإمكانات التقنية لدى الناس بجميع مستوياتهم الاقتصادية، لأن تفعيل المدارس الافتراضية هو جزء من المستقبل الذي سنختبره حتى في الظروف العادية دونما أخطار متوقعة. القطاع الخاص بدوره سجل تفاعلا سريعا ومحمودا مع الإجراءات الوقائية، وعممت كثير من الشركات على منسوبيها بالرسائل التوعوية، ووضعت احترازات للسفر للتدريب والمؤتمرات، وروابط للإبلاغ عن المخالطة، إضافة إلى وضع ضوابط وقائية على الزوار، وبالطبع على التجمعات والاجتماعات الكبيرة غير الضرورية.
الأزمات تعلمنا كثيرا، ورغم ما فيها من خسائر على مستويات عديدة، فلا بد أن يكون أفضل ما فيها أن نتعلم، ونتعظ، ونعرف حقيقة أنفسنا، ونختبر قدراتنا، علينا أن نفعل ذلك حنى تعود الأمور إلى طبيعتها - بإذن الله.
سيعود الأبناء إلى مقاعد الدراسة، وتمتلئ القطيف بزوارها، وتنتظم الرحلات إلى كل مكان، فنفرح ونفخر بجهود حكومتنا وتفاعلنا معها، ويندم من ارتكب أي حماقة سواء بمخالفة تعليمات، أو إشاعة مخاوف، أو حتى استغلال الوضع بأي طريقة كانت، سيندمون وسيعيشون مع هذا الندم طويلا.