رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مخاطر الانكماش !!

في السنوات الأخيرة ومع ارتفاع معدلات نمو التضخم إلى مستويات قياسية، كان الكثير منا ينظر إلى مخاطر نمو التضخم على أنها العائق الرئيسي للنمو الاقتصادي الذي كان بدوره يسجل مستويات قياسية أيضا وهي بلا شك نظرة صائبة يتم العمل بها في أي اقتصاد حول العالم حيث تتمثل نقطة الخطر عندما تتفوق معدلات نمو التضخم على معدلات النمو الاقتصادي وظهور ما يعرف بحالة "النمو الحقيقي السلبي للاقتصاد"!!
إلا أن ما حدث أخيرا هو أن معدلات نمو التضخم العالمية بدأت في الانخفاض بوتيرة متسارعة لم يتوقعها أحد ترافق ذلك مع انخفاض في معدلات النمو الاقتصادي بنسب متفاوتة، بل إن بعض الدول الصناعية الكبرى اعترفت بدخول اقتصادياتها مرحلة الركود الاقتصادي. كانت نتيجة ذلك قيام العديد من البنوك المركزية في تلك الدول بتخفيض أسعار الفائدة إلى مستويات منخفضة حتى وصلت هذه الأسعار في الولايات المتحدة مثلاً إلى نقطة الصفر تقريباً في سابقة تاريخية لم يسبق حدوثها من قبل في الاقتصاد الأمريكي.

ماذا يعني ذلك ؟؟

هذا يعني أن التضخم لم يعد يشكل خطراً على الاقتصاديات العالمية في هذه المرحلة تحديداً في حين بدأت البنوك المركزية تفقد أحد أهم أسلحتها لإدارة السياسة النقدية المتمثل في أسعار الفائدة بعد أن وصلت أو اقتربت إلى مستويات قريبة من الصفر، وبالتالي أصبحت أنظار الاقتصاديين حول العالم الآن متوجهة نحو مخاطر الانكماش على أنه الخطر الحقيقي الذي يواجه هذه الاقتصاديات، وهنا يبرز التساؤل المهم: ما مخاطر الانكماش؟؟ ولماذا نهتم بها الآن؟؟
يرى البعض أن انخفاض تكاليف المعيشة يعد مؤشراً جيداً لتقييم الوضع الاقتصادي لأي دولة وهذا كلام صحيح، لكن إن ترافق ذلك الانخفاض مع انخفاض في النمو الاقتصادي وبنسب أكبر فإن الوضع هنا سيكون مقلقاً بكل تأكيد. هنا يجب أن نعود إلى الأساسيات التي تفضل دائماً وجود نمو اقتصادي مع نمو معقول للتضخم بدلاً من وجود انكماش اقتصادي مع انكماش - وإن كان كبيراً - للتضخم، لأن النشاط الاقتصادي يستهدف بشكل رئيسي النمو وليس الانكماش!!
لذلك وبشكل عام، يجب أن نتفق جميعاً أن مخاطر الانكماش هي أشد ضرراً على أي اقتصاد من مخاطر التضخم وقد تتعقد الأمور مستقبلاً لو استمر انكماش التضخم إلى المنطقة السالبة مما يعني أننا قد نرى أسعار فائدة بالسالب وهي حالة نادرة عاناها الاقتصاد الياباني لسنوات طويلة، لكنها بلا شك ستشكل تحدياً حقيقياً وصعباً للمسؤولين عن السياسات النقدية التي ستواجه مثل هذه الحالة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي