الشيخ حسين آل الشيخ : التعجُّل في التكفير بلا تأصيل شرعيٍّ جناية عظيمة

الشيخ حسين آل الشيخ : التعجُّل في التكفير بلا تأصيل شرعيٍّ جناية عظيمة

أكد الشيخ حسين آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف, أنّ التّسارعَ في التّكفير والوقوعَ فيه دون القواعد التي قعّدها العلماء المحقِّقون، ودون النّظر إلى الشّروط وانتفاءِ الموانع المرعيّة في النّصوص وفقَ فهمٍ لا تلابسه غمّة ولا تعتريه لُبسة، كلّ ذلك خطرٌ عظيم وشرّ مستبين، عانت الأمّة منه منذ عصرِ الصحابة ـ رضي الله عنهم، عانَت منه رزايَا كبرى ومحنًا شتّى، وقال: إنه حريٌّ بالمسلمين جميعًا أن يدرِكوا الضّررَ الذي يصيب الأمّةَ من التّسارع في تلك القضايا أو الكلام عليها من كلِّ أحدٍ، ممّا يفرِض على العلماء والدّعاةِ والمفتين والفقهاء السّعيَ في بيان الحقّ الذي يرضَى به ربّ العالمين ويتبيّن معه الحقّ من الباطل والصّوابُ من الخطأ ، وأوضح أنّ من أساليب النّصوص الشرعيّة في منع تكفيرِ المسلم بلا حجّةٍ من القرآن ولا فهمٍ من السنّة ما هو معلوم من دين الإسلامِ بالضرورة مِن وجوب صيانةِ عِرض المسلم واحترامه وتجنُّب القدحِ في دينهِ بأيّ قادحٍ إلاّ بدليل جليّ وبرهان نبوي، فكيف إذا كان القدحُ بالتكفير لشبهة عارضة أو فهم غير سوي, فذلك حينئذ جنايةٌ عظيمة وجراءة واضحة، والله ـ جلّ وعلا ـ يقول: ( وَلاَ تَنَابَزُواْ بِ?لأَلْقَـ?بِ بِئْسَ ?لاسْمُ ?لْفُسُوقُ بَعْدَ ?لإِيمَانِ ) [الحجرات:11]، قال جماعة من المفسرين: "هو قول الرّجل لأخيه المسلم: يا فاسق، يا كافر"، ونبيّنا  يقول في الحديث الصّحيح: ((سِباب المسلم فُسوق، وقِتاله كفر))[2]،
وبين آل الشيخ أن الشّريعة وهي تعتمِد على إقامةِ الحجّة وقطعِ المعذِرة لم تكتفِ نصوصُها بتلك التّوجيهات العامّة، بل جاءت الأدلة الخاصّةُ في موضوعِها الصّريحةُ في توجيهاتها، كلُّها تحذّر من التعجُّل في التكفير والتسارع في ذلك بلا تأصيل شرعيٍّ ولا منهج نبويّ، يقول : "من حَلف بملّة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال، ومن قتل نفسَه بشيء عُذب به في نار جهنّم، ولعنُ المؤمن كقتلِه، ومَن رمى مؤمنًا بكُفر فهو كقتلِه" رواه البخاري[3].
لقد حذّر النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ  أمّتَه من التّساهل في تكفير المسلمين أو التّهاون في الأحكام عليهم بذلك بما هو أعظمُ زاجر وأكبرُ واعظٍ، فيقول: "أيّما رجلٍ قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدُهما، إن كان كما قال وإلاّ رجعت عليه" [5]، قال ابن حجر ـ رحمه الله: "إنّ المقول له إن كان كافرًا كُفرًا شرعيًّا فقد صدَق القائل وذهب بها المقول له، وإن لم يكن كذلك رجعَت للقائل معرّةُ ذلك القول وإثمُه"[6].

الأكثر قراءة