تاريخ طمرته المياه

يكاد الماء يغطي سطح الأرض بالكامل، فهو يشكل ثلثي الكرة الأرضية وكأن هذه المساحة لا تكفيه فيخرج من مكمنه ليغمر مدنا ويبتلع أخرى. هناك في الأعماق حياة أخرى صامتة يحكي صمتها روايات عن أصحاب تلك الأماكن المطمورة كأنك تسمع صرخاتهم وقت الكارثة.
وللتغيرات المناخية و يد الإنسان العابثة دور في تغيير وجه الأرض ومصير الشعوب واندثار الحضارات، التي كنا نظن أنها من نسج الخيال إلى أن أثبت العلماء، والمستكشفون، والأطلال الغارقة تحت الماء حقيقة وجودها، مثل: مدينة باناجوريا التي كانت مجرد قصة تحكى في الأساطير حتى اكتشف علماء الآثار قبرا لهيبسكريسات الأسطورية ، زوجة ميثرادس السادس. تقع هذه المدينة تحت مياه البحر الأسود ، لكنها كانت منذ فترة طويلة أكبر مدينة يونانية. أجريت مزيد من الاستكشافات وشاهد الغواصون طوابق رخامية ومصنوعات يدوية وهذه علامات وشواهد مميزة، وهي الآن موجودة تقنيا على الأراضي الروسية تحت الماء.
وفي الهند تقبع مدينة اللورد كريشنا الأسطورية المسماة دواركا في قاع بحر مدينة دواركا الحديثة على عمق 130 قدما؛ اكتشفها الغواصون في عام 2000 م لتتحول الأسطورة إلى واقع دلت عليه مبانيهم ومرسى السفن التجارية ومصنوعاتهم اليدوية، ولازال البحث جاريا عن قصورهم المبنية من الذهب لتكتمل الأسطورة.
وفي الأرجنتين حطمت مياه الأمطار سدا تحت الأرض ليغمر قرية “فيلا إبيكوين” أو “ الربيع الأبدي”  الواقعة على بحيرة باسمها يقصدها الناس للاستشفاء - تقول الأسطورة إن مياه البحيرة تكونت من دموع رئيسها من شدة ألمه لفراق حبيبته -  زاد عدد السياح إلى أن وصل 25 ألف في السنة، وازدهرت القرية ليبلغ عدد سكانها خمسة آلاف نسمة، وتأسست 300 شركة بما فيها الفنادق والمنتجعات والمتاحف، غاصت تحت الماء على عمق عشرة أمتار. وبعد 25 عاما عادت المدينة للظهور من جديد بعد أن انحسر الماء عنها، الغريب أنه لم يبق من سكانها إلا شخص واحد رفض مغادرتها منذ ذلك الحين.
وفي البحر الأبيض المتوسط وتحت شواطئ الإسكندرية تم اكتشاف مدينة هرقليون التي يعتقد أنها كانت مبنية على مدينة ثونيس المصرية والميناء المهم قبل الميلاد بنحو 600 عام، في عملية معقدة وباستخدام أجهزة دقيقة؛ لتظهر المعابد والتماثيل الحجرية والمنحوتات الضخمة وحطام 69 سفينة وكمية من المجوهرات فتصبح شاهدا على واقعية الأساطير!