مرض الإجازات
نحن اليوم على مشارف إجازة ما بين الفصلين أو الربيع كما كنا نطلق عليها سابقا، نسارع في إنهاء أعمالنا المتراكمة قبل أن تبدأ الإجازة، نحسب لها الساعات والدقائق ونحلم بالراحة والتمتع بفترة الإجازة، لنعود إلى أعمالنا أو مدارسنا وجامعاتنا أكثر نشاطا وحيوية، ولا يدور في خلدك أن إجازتك ربما تتحول إلى رحلة أخرى من العناء والمرض دون أن تدري!
عقلك وجسدك ينشدان الراحة، لكن جهازك المناعي الذي أرهقته فترة العمل يستل سيوفه ليصيبك بمرض وقت الراحة، فتشعر بحرقة مزعجة في حلقك، صداع وسعال وسيلان الأنف. شعور مزعج خصوصا إذا كان مع بداية الإجازة حين تودع طاولة مكتبك أو قاعة الدرس ليستقبلك فراش المرض. إنه جسمك الذي يبدو أنه ينتقم لكل ساعات العمل الثقيلة، فتظهر أعراض المرض، وقد يبدو الأمر تناقضا خياليا وفألا سيئا، لكنها حقيقة تتكرر مع كثير من الأشخاص.
الأمر ليس كما تظن، ما يتسبب في المرض ليست الراحة المفاجئة التي يحصل عليها الجسم في وقت الفراغ، وإنما قلة الاسترخاء والعمل الجنوني المتواصل في المرحلة السابقة لوقت الإجازة. ففي دراسة حديثة، ثبت أن 22 في المائة من أكثر من ألفي مشارك سبق لهم الإصابة بـ"مرض وقت الراحة". أي واحد من خمسة أشخاص و18 في المائة من المشاركين في الدراسة أكدوا أنهم أصيبوا بأعراض مرضية خلال إجازة نهاية الأسبوع أو الإجازات دون سبب واضح. ما يحدث لك ناتج عن الضغط النفسي في الدماغ. في أوقات الإجهاد التام يلجأ الجسم إلى استخدام أنماط من رد الفعل التطوري، حيث ينبض القلب بشكل أسرع ويتم تزويد العضلات بالأكسجين بشكل أفضل ويتم شحذ الحواس، ويحاول الدماغ تحديد مدى خطورة ما نتعرض له من ضغوط وهل هي مهددة لحياتنا أم لا ويقوم الدماغ بتخزين ردة الفعل تلك فيما أسماه البروفيسور الألماني تشارك بمكتبة الحياة!
هذا التحفيز المستمر لجهاز المناعة أثناء الإجهاد الحاد، يضعفه أثناء فترات الراحة المفاجئة بعد العمل الشاق فنصبح أكثر عرضة للإصابة بالأمراض بعد أن اختل الجهاز المناعي.
وعلاج الأمر يكمن في أخذ فترات راحة متقطعة أثناء ضغط العمل الشديد لتمنح الجسم فرصة لينسق مع العقل وينقل له أن الأمر مجرد ضغط عمل وغير مهدد للحياة ولا يحتاج إلى إطلاق جهاز المناعة دفاعاته، ما يقلل من الخلل الحاصل وتنعم بإجازة خالية من المرض.