العراق يجذب شركات صغيرة باحثة عن المغامرة.. والمال
أصبح العراق مصدر جذب لنوع معين من الشركات.. تلك الصغيرة الحجم، القابلة للتواؤم مع التهديدات الأمنية وعدم الاستقرار السياسي.
ففي غياب الشركات الكبيرة والمعروفة عالميا أمثال شيفرون/تكساكو، أكسون/موبيل وبريتش بتروليوم، برزت أسماء جديدة: بترول ريسورسس الأيرلندية، آيفرآسيا التركية، أيرون هورس للنفط والغاز الكندية وغيرها من الشركات التي تبحث عن فرص في مجالات الهندسة والحفر والصيانة في بلاد العراق، التي تملك ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم، وبالتالي فهو يشكل فرصة لهذه الشركات أن تنمو فيما إذا ساعدها الحظ وتمكنت من تحقيق اختراق في مجال العمل الذي تؤديه أو العائدات التي تحصل عليها لتكتسب عضوية نادي الشركات الكبيرة.
وفي الوقت الذي قصرت الشركات الكبيرة نشاطها في العراق على القيام بعمليات تدريب للموظفين العراقيين أو إجراء الدراسات من على البعد من لندن أو كاليفورنيا، فإن الشركات الصغيرة ولبعضها موظف واحد فقط تمد خيوط اتصالاتها مع مختلف الأجهزة الحكومية وتمكنت بصورة عامة من الحصول على عقود تقارب المليار دولار، وهي بهذا تمثل الحضور الأجنبي الوحيد في مجال الأعمال بالنسبة للعراق وفرصته في الحصول على نصيب من كعكة أسعار النفط العالية واللحاق بالطفرة التي لم تشهدها السوق منذ عقود.
المتاعب التي تحيط بالصناعة النفطية العراقية متعددة وعلى رأسها عمليات التخريب المستمرة التي تطول خطوط الأنابيب وعدم الاستقرار السياسي والأمني، الأمر الذي يجعل الأفق محكوما بالواقع الحالي، حيث يراوح الإنتاج في حدود مليوني برميل يوميا، مقابل 2.6 مليون قبل الحرب. وتحتاج الصناعة إلى إنفاق 20 مليار دولار خلال فترة السنوات الخمس أو الست المقبلة لرفع الطاقة الإنتاجية، كما يقدر ثامر الغضبان أول وزير للنفط في العراق بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق صدام حسين، لكن التوقعات تشير إلى عدم إمكانية حدوث تغيير يذكر حتى نهاية هذا العقد. وحتى الدستور لم يحقق اختراقا يذكر فيما يخص الصناعة النفطية, إذ يغطي في جانب منه فقط الحقول المنتجة حاليا، كما يحمل تناقضا مبطنا بالإيحاء أن النفط يعامل فيدراليا في بعض أجزائه، كما يتحدث في أخرى عن حق الأقاليم في إدارة شؤونها النفطية.
وانعكس هذا الوضع حتى على تلبية الاحتياجات المحلية إذ لا يستطيع العراق مقابلة الطلب الداخلي على المنتجات المكررة فيضطر إلى الاستيراد من الخارج وينفق نحو 250 مليون دولار شهريا على استيراد منتجات مكررة مثل الجازولين.
على أن الشركات الصغيرة لا ترى أن وجودها في العراق بسبب رغبتها في تحقيق عائدات كبيرة فقط، وإلا لذهبت إلى سوق المال في نيويورك، كما قال أحد العاملين فيها، لكن يبدو أن رغبتها في تأكيد وجودها في بيئة صعبة لاكتساب مزيد من السمعة والخبرة إضافة إلى المال طبعا.