رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مزيد من الاهتمام لمكافحة الغش التجاري

مع تراجع المستوى العام للأسعار نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار السلع الأولية، من المهم أن تقوم وزارة التجارة بالاهتمام بعمليات مكافحة الغش التجاري. فتبعات وآثار الغش التجاري تتعدى الجانب الاقتصادي البحت لتطول الجوانب الصحية والاجتماعية والأخلاقية للمجتمع، خصوصاً حين يكون الغش التجاري ممثلاً بسلع رديئة ومقلدة للأدوية وقطع غيار الطائرات والسيارات والمواد المدرسية والاستهلاكية للأطفال. وتقدر عمليات الغش التجاري بنحو 8 في المائة من مجمل التجارة الدولية، أي تبلغ نحو 400 مليار دولار على مستوى العالم. إذن فالغش التجاري هو صناعة دولية قائمة بذاتها، ولها حصتها السوقية ودورها في الاقتصاد العالمي والدولي، ولكن غالباً ما يصعب التكهن بحجم هذه الصناعة وتأثيرها نظراً لعدم قانونية هذه الصناعة وتشديد الرقابة عليها بنسب متفاوتة في مختلف دول العالم.
ومن أهم أشكال الغش التجاري نشاط تصنيع وترويج وبيع السلع الرديئة والمقلدة، حيث شهد هذا النشاط زيادة سنوية كبيرة تزامنت مع تسارع وتيرة التوجه الدولي نحو تحرير التجارة العالمية وارتفاع الحصة السوقية للشركات متعددة الجنسية والتي تعتمد على اسم السلعة Brand Name بشكل كبير في التسويق لمنتجاتها في الأسواق العالمية، علماً أن انتشار منتجات وخدمات الشركات متعددة الجنسية هو في الأساس لتلبية الطلب المتعاظم في السوق المستهدف واحتياجات المستهلكين في مختلف المناطق لكون الطلب الاستهلاكي العالمي ينحو في النهاية إلى توافق نوعية الطلب، أي أن المستهلك غدا رقماً أو رمزاً يتميز بخصائص دخل الفرد والتفضيلات وغير ذلك من الخصائص التسويقية التي تحدد نوع الطلب وخصائصه.
واستيعاباً من مقتنصي الفرص وقراصنة التجارة لحجم الربح الممكن تحقيقه من الدخول في صناعة التقليد باستخدام مدخلات إنتاج وتقنية تقل تكلفتها وجودتها عن تلك التي تقوم بتوظيفها واستخدامها الشركات المصنعة للمنتج الأصلي، بدأت السلع المقلدة والرديئة بالظهور والانتشار بصورة غير مسبوقة. ومن المهم التأكيد على أن قرار التصنيع أو البيع والاتجار بالسلع الرديئة والمقلدة يخضع لدراسات جدوى مستفيضة يتأكد من خلالها لمنتجي هذه السلع والخدمات المقلدة والرديئة قدرتها التنافسية وإقبال المستهلكين عليها سواء عن طريق انخفاض التكلفة مقارنة بالسلع الأصلية أو من خلال خداع المستهلكين وإيهامهم أن السلع المقلدة هي السلع الأصلية بعينها.
ويتراوح تأثر الدول والاقتصاديات من الغش التجاري تبعاً للهيكل الاقتصادي للدولة وموقع صناعة السلع الرديئة والمقلدة من القطاعات الاقتصادية. فعلى سبيل المثال، تدعم صناعات السلع الرديئة والمقلدة بعض القطاعات التصديرية لعدد من دول جنوب شرق آسيا بينما تتضرر القوائم المالية لعدد من الشركات القيادية في اقتصاديات بعض الدول ما يؤدي إلى الإضرار بالاقتصاد وحركة التجارة الخارجية لهذه الدول.
ولتحقيق نوع من الفعالية في مكافحة الغش التجاري، من المهم الابتعاد عن السرية والتكتم الشديدين تجاه عمليات الغش التجاري وتفادي عمومية وسطحية وشمول التصريحات المتضمنة على أرقام لا تدل المستهلك على أي شيء مثل "ضبط 50 سلعة غذائية مقلدة" و"التبليغ عن 30 منتج مضر" مما لا يعني شيئاً للمستهلكين، فقد يكون في أقرب بقالة لمنزل المستهلك 100 سلعة غذائية مقلدة أخرى من النوع المضبوط نفسه لا يعلم بها المستهلك!
وفي الختام، يجب أن تسبق الشفافية إيجاد الحلول خصوصاً أن وباء الغش التجاري يطول المستهلك قبل التاجر ويضر المستخدم في صحته وحقوقه قبل أن يطول ربحية التاجر ورجل الأعمال، فأي سياسات واستراتيجيات وإطار عام لن ينفع في القضاء على العدو المتمثل في السلع والمنتجات الضارة بالمستهلك دون طرح القضايا لصاحب الشأن، أعني أن يكون المستهلك هو الهدف الأول والأخير للندوات والملتقيات المتعلقة بالغش التجاري والسلع الرديئة والمقلدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي