تقديرات: حجم الدين العام اللبناني يقفز العام المقبل إلى 50 مليار دولار

تقديرات: حجم الدين العام اللبناني يقفز العام المقبل إلى 50 مليار دولار

اعتبر خبراء ماليون واقتصاديون أن الأخطار الاقتصادية المرتقبة على الاقتصاد اللبناني قد تكون أسوا من تلك المتوقعة في الدول الغربية وذلك بسبب غياب الرعاية الرسمية المباشرة للقطاع الاقتصادي وغياب المشاريع الإصلاحية عن الموازنة العامة لسنة 2009 وتنامي حجم الدين العام الذي ستصل قيمته إلى 50 مليار دولار أواخر العام الجاري.
وأوضح لـ "الاقتصادية" الخبير المالي الدكتور جان رياشي أن المرحلة الآتية ستضع المصارف اللبنانية أمام تحدي نقص السيولة العالمية وما يترتب عليها من ارتفاعات في تكلفة الإقراض مما سيدفع القطاع الخاص - كما العام - إلى الاستدانة الداخلية وعدم اللجوء إلى الأسواق العالمية. وأضاف أنه إذا كان القطاع المصرفي قد حافظ على استقراره وثقة المودعين ونجح في استقطاب تدفقات مالية تفوق مليار دولار، فإن مواجهة المرحلة المقبلة تفرض مواكبة التحديات الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي في منطقة الخليج وتراجع الاستثمارات الخليجية في بيروت وتراجع تحويلات العاملين اللبنانيين في الخارج.
وتحدث الخبير المالي عن تأجيل بعض المشاريع العقارية والسياحية وتجميدها من قبل مستثمرين لبنانيين وعرب وتقلص الحركة الاستهلاكية وتراجع طفيف للحركة السياسية وانخفاض في حركة الصادرات باتجاه أوروبا، لافتاً في المقابل إلى استقرار في بورصة بيروت رغم الانخفاض المسجل بنسبة 8.1 في المائة في الشهر الماضي، وعن ارتفاع في الودائع في القطاع المصرفي بنسبة 15 في المائة واستقرار في الفوائد.
وكانت البيانات الاقتصادية الصادرة عن مصرف لبنان المركزي قد أظهرت أن الموجودات من العملات الأجنبية حققت مستوى قياسياً جديداً مع بلوغها نحو 19 مليار دولار مع نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. في موازاة ذلك تصل سيولة المصارف اللبنانية الخاصة إلى 30 مليار دولار وهي باتت موقع اهتمام عديد من عملاء المصارف العالمية الذين يزورون بيروت منذ مدة ويعرضون بيع هذه المصارف ديوناً على شركات ومشاريع موّلتها في المنطقة العربية أو في الدول الناشئة. واستدعى هذا الأمر مواكبة من المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف هذه التحركات من خلال الطلب من كل مصرف إبلاغ لجنة الرقابة مسبقاً عن أي ديون إقليمية أو خارجية تريد شراءها.
في مقابل ذلك فإن مسألة تقدير حجم الأضرار غير المباشرة التي ستصيب الاقتصاد اللبناني شكلت نقطة خلاف بين أكثر من محلل ومسؤول في الحكومة اللبنانية عشية مناقشة موازنة 2009. ويبرز في هذا المجال خطران محتملان: الأول ارتفاع نسبة البطالة في الداخل كما في صفوف اللبنانيين في الخارج والثاني استمرار التضخم الذي قدّر في الأشهر العشرة الأولى بـ 12 في المائة.
وبالأرقام فإن عدد الشباب اللبناني المهاجر سنوياً بلغ في الأعوام القليلة الماضية معدلاً راوح بين 15 و25 ألفاً في مقابل خروج ما يقارب 35 ألفاً سنوياً إلى سوق العمل. وبنتيجة الأزمة المالية العالمية سجلت حالات صرف في غالبية الشركات العالمية كما أقفلت بعض هذه الشركات مكاتبها في بيروت، مما أدى إلى تراجع حجم التحويلات الخارجية المتأتية من العاملين الذين باتوا مهددين اليوم.
ويخلق هذا الواقع تحديات مهمة أمام الحكومة إذ إن لبنان سيكون في حاجة إلى استثمارات سنوية توفر فرص عمل لا تقل عن ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار لاستيعاب الخارجين إلى سوق العمل والعائدين إليها. كما أن القطاع الاقتصادي لا يبدو قادراً على استيعاب هذه الأرقام في ظل غياب الإجراءات التحفيزية والتشريعات الحكومية. وفي رأي وزير المال الأسبق والخبير الاقتصادي الدكتور دميانوس قطار، أن معظم الملفات الإصلاحية مجمدة لأسباب سياسية بعد أن دخلت الحكومة أو غالبية الوزراء فيها في اللعبة الانتخابية قبل أشهر معدودة على الانتخابات النيابية العامة.
وفي هذا الإطار كشف الوزير السابق لـ "الاقتصادية" أن الأزمة الاقتصادية العالمية قد وضعت الحكومة الحالية أمام مجموعة تحديات أبرزها خفض نسبة التضخم التي وصلت إلى 12 في المائة هذا العام.

الأكثر قراءة