دراسة خليجية: دول التعاون لن تواجه ضائقة مالية بسبب الأزمة العالمية .. الفوائض عالية

دراسة خليجية: دول التعاون لن تواجه ضائقة مالية بسبب الأزمة العالمية .. الفوائض عالية

أكدت دراسة خليجية أن دول الخليج لن تواجه ضائقة مالية في حال انخفض سعر النفط عن 40 دولارا للبرميل، حيث يمكنها استغلال الاحتياطي النقدي الضخم الذي بنته على مدار السنوات الخمس الماضية.
ووفقا للدراسة التي أعدها مصرف الإمارات الصناعي، فإن دول مجلس التعاون الخليجي اعتمدت سعرا يقدر بـ 40 دولارا للبرميل أثناء إعداد موازناتها السنوية، وبالتالي فإن انخفاض سعر البرميل إلى هذا المستوى لا يشكل ضائقة مالية لدول المجلس، التي استطاعت في السنوات الخمس الماضية بناء احتياطي نقدي ضخم يمكن استغلاله إذا ما تدنت أسعار النفط إلى ما دون 40 دولارا للبرميل، الذي يعد أمرا مؤقتا في حالة حدوثه.
وأوضحت "مع أن الاقتصادات الخليجية لم تستثن من التحديات التي نتجت عن الأزمة المالية العالمية، إلا أن حدة الأزمة وانعكاساتها السلبية تتفاوتان من دولة إلى أخرى وذلك تبعا لمدى ارتباط استثمارات كل دولة بالمؤسسات المنهارة من جهة، وقدرتها وإمكاناتها المتوافرة التي تتيح لها الحد من تداعيات هذه الأزمة من جهة أخرى".
وفيما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي فقد صدرت بعض التقارير العالمية التي بالغت في حجم الانعكاسات السلبية للأزمة على الاقتصادات الخليجية, والحقيقة أن تأثيرات وانعكاسات الأزمة العالمية على الاقتصادات الخليجية مازالت محدودة، وذلك لاعتبارات عديدة تتمثل في كون المصارف التجارية والشركات المساهمة المدرجة في البورصات الخليجية لم تتورط في استثمارات كبيرة مع المؤسسات المالية المنهارة في الغرب، كما أن الصادرات الخليجية للسوق الأمريكية محدودة وتعتمد أساسا على الأسواق الآسيوية المزدهرة التي لم تتأثر كثيرا بالأزمة العالمية.
وحسب المؤشرات المتعلقة بالرهن العقاري في الولايات المتحدة، فقد بلغت قيمة الرهونات العقارية 13.5 تريليون دولار، بما يعادل 96 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي البالغ 14 تريليون دولار، وهو ما يعكس خللا هيكليا في النظام المالي الأمريكي، حيث تسابقت البنوك في تحقيق أقصى نسبة من الأرباح، ما أدى إلى انهيار قطاع العقارات وامتداد الأزمة إلى القطاع المالي والمصرفي، ليس في الولايات المتحدة فحسب، إنما في مختلف بلدان العالم
وتضيف أنه في الوقت الذي شملت الأزمة في الولايات المتحدة وأوروبا القطاع المالي والمصرفي برمته، إضافة إلى القطاع العقاري وقطاع الخدمات والسياحة والأسواق المالية، فإن حدود الأزمة في دول مجلس التعاون اقتصرت على البورصات الخليجية، التي تدنت إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل، وذلك لأسباب نفسية ليس لها علاقة بالأداء الجيد للشركات المدرجة في هذه البورصات أو أرباح الشركات التي أعلنت نتائج جيدة للربع الثالث من العام الجاري.
وتؤكد الدراسة أن تأثير الأزمة يعتبر مؤقتا، خصوصا بعدما أعلنت الإمارات إجراءات عززت كثيرا من الثقة في أسواق الدولة كضمان الودائع وضمان القروض بين المصارف لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى ضخ سيولة تقدر بنحو 130 مليار درهم، كما تبنت دول مجلس التعاون أيضا هذه الإجراءات، ما أدى إلى بث مزيد من الثقة في الأسواق المحلية في الأسابيع القليلة الماضية.
وترى أن الخسائر حتى الآن تقتصر على مؤسسات التمويل الخليجية بصورة أساسية كبنك الخليج الدولي ومؤسسة الخليج للاستثمار والمؤسسة العربية المصرفية، التي قدرت خسائرها مجتمعة بثلاثة مليارات دولار، إما من خلال ودائعها في المؤسسات الأمريكية المنهارة وإما من خلال استثماراتها في المشتقات المالية التي فقدت قيمتها المتضخمة.
وتؤكد أن الأزمة المالية توفر فرصة مثالية للإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وذلك بفضل سلامة نظامها المالي والمصرفي الذي لم يتأثر بالأزمة أولا، وبفضل الفرص الاستثمارية المجزية التي تتوافر في مختلف دول المجلس ثانيا، وبالأخص في الأسواق المالية وفي قطاعي الخدمات والصناعات التحويلية والاستخراجية.
وأوضحت أن عديدا من وسائل الإعلام الأجنبية أثارت محاذير عديدة من إمكانية حدوث تأثيرات سلبية مستقبلية في الاقتصاديات الخليجية، إلا أن هذه المحاذير لا تؤيدها المؤشرات الخاصة بالاقتصادات الخليجية، فالإنفاق الحكومي الذي يعد المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون ما زال في حدوده التي تسمح بالمحافظة على معدلات نمو جيدة في هذه البلدان.
وتقول الدراسة إن جميع الاحتمالات مفتوحة لتحديد مسار الأزمة، إلا أن الإجراءات التي اتخذت في معظم بلدان العالم، وبالأخص في الولايات المتحدة، أوربا، واليابان تؤدي في نهاية المطاف إلى تجاوز هذه الأزمة، إلا أن عملية الوصول إلى بر الأمان ستصاحبها تغيرات جذرية كبيرة في العلاقات الاقتصادية والمالية في العالم، وبالأخص انتهاء عصر هيمنة القطب الواحد في العلاقات الدولية، فالاتحاد الأوروبي، مدعوما من قوى اقتصادية صاعدة كالصين والهند، يطالب بإعادة النظر في الأسس التشريعية والقانونية التي حكمت العلاقات الاقتصادية الدولية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن.
وتتوقع أن تشهد فترة ما بعد الأزمة بروز عالم اقتصادي ومالي متعدد الأقطاب يعكس حجم ثقل البلدان والتكتلات الاقتصادية المستجدة في عالم ما بعد الحرب الباردة، ما يتيح لمختلف بلدان العالم احتلال مواقع جديدة في هذه العلاقات المستجدة، حيث يمكن لمجلس التعاون الاستفادة من هذا التغيير الجذري من خلال تدعيم واستكمال مقومات السوق الخليجية المشتركة وإطلاق العملة الخليجية الموحدة في موعدها لجني المكاسب نفسها التي تجنيها بلدان الاتحاد الأوروبي بعد إطلاق عملتها الموحدة "اليورو"، التي تحقق مزيدا من المكاسب على المستوى العالمي، ما منح أوروبا وضعا تفاوضيا قويا في معالجة الأزمة المالية، وبالأخص وضع التشريعات والأنظمة التي ستحدد طبيعة العلاقات الدولية في العقود المقبلة.

الأكثر قراءة