جماعة ضغط متشددة تطالب بحظر فوري لتبني أدوات التمويل الإسلامي في مؤسسات المال الأمريكية

جماعة ضغط متشددة تطالب بحظر فوري لتبني أدوات التمويل الإسلامي في مؤسسات المال الأمريكية

طالبت جماعة ضغط يمينية متشددة وزارة الخزانة الأمريكية بوقف فوري للدراسات التي تجريها حول أدوات التمويل الإسلامي وأنظمته مع اتخاذ إجراءات لحظر تبنيه في مؤسسات المال الأمريكية على نطاق واسع.
وكان من اللافت بحسب البيان الصحفي الذي حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه و الصادر من هذه الجماعة "قلقهم " الشديد حول الأثر الذي قد يحدثه نيل كاشكاري داخل أروقة وزارة الخزانة الأمريكية فيما لو اقتنع بفكرة ضخ منظومة التمويل الإسلامي داخل النظام الرأسمالي الأمريكي.
ويعتبر كاشكاري الذراع اليمنى التي يثق بها وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون و التي على إثرها منحه إحدى أصعب المهام في تاريخ وزارة الخزانة وهي رئاسة برنامج الحكومة لإنقاذ المؤسسات المالية الذي أقره الكونجرس وقيمته 700 مليار دولار.
كانت "الاقتصادية" قد نقلت الأسبوع الماضي عن مصادر غربية موثوقة أن وزارة الخزانة الأمريكية تنظر "بجدية" إلى أبرز ملامح أعمال الصيرفة الإسلامية، في خطوة يرجى من ورائها معرفة المدى الشرعي الاقتصادي الذي يمكن الاستفادة منه في التصدي للأزمة المالية التي ضربت شرايين الاقتصاد العالمي و حيرت معها الخبراء الاقتصاديين بكافة أطيافهم.
وشهد الأربعاء الماضي إطلاق تحالف جديد من منظمات السياسة العامة والناشطين في حقوق الإنسان والجماعات الدينية لمعارضة ما يصفونه "بتسلل" تعاليم النظام المالي الإسلامي إلى نسيج اقتصادهم. ويهدف هذا التحالف إلى وقف برنامج المالية الإسلامية الذي بدأت وزارة الخزانة الأمريكية في دراسته.
وعقد أبرز أعضاء هذا الحلف المناوئ لتعاليم النظام المالي الإسلامي مؤتمراً صحفياً الأسبوع الماضي من أجل الضغط على مسئولي وزارة الخزانة لإلغاء المؤتمر المصغر الذي ترعاه وزارة الخزانة في نفس اليوم وتشارك فيه أبرز هيئة أكاديمية أمريكية تشجع التمويل الإسلامي، وهي "برنامج التمويل الإسلامي في كلية الحقوق" في جامعة هارفارد.
ووفقا للبيان الصحفي، فإن التحالف "اليميني"المتشدد ينوي "وقف الذين يريدون فرض التمويل الإسلامي على ثقافتنا ونظامنا القانوني وأسواقنا الرأسمالية".
وقال فرانك جافني رئيس هذا التحالف، الذي عمل في إدارة الرئيس ريجان في منصب مساعد وزير الدفاع للأمن الدولي، إن روبرت كيميت، مساعد وزير الخزانة، قد ذهب لدول الخليج من أجل الترويج لإعادة تدوير أموال النفط على شكل استثمارات أجنبية في الولايات المتحدة. إلا أن هذه الدول قد "طالبت" بالمقابل أن تتعامل وزارة الخزانة مع برنامج التمويل الإسلامي.
"الاقتصادية" بدورها تحدثت مع أحد المصادر الغربية القريبة من وزارة الخزانة الأمريكية و التي عبرت عن استغرابها من الجهود المناوئة و التي لا تصب في مصلحة الاقتصاد الأمريكي.
وقال المصدر،الذي فضل عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع، "في الوقت الذي يحتاج فيه العالم إلى أية سيولة يمكنه الحصول عليها، وفي الوقت الذي يصادف أن يتوافر هذا النوع من التمويل في الشرق الأوسط، تتفاجأ باتساع رقعة الفجوة الاستثمارية بدلا من تضييقها".
وكشف مصدر آخر لـ "الاقتصادية" خلال المقابلة الهاتفية التي أجريت معه من واشنطن أن البنك الفدرالي يعمل هو الآخر بصمت لفهم أساليب التمويل الإسلامي. وقال المصدر"على سبيل المثال، فسارة بيل، إحدى المتحدثات في المؤتمر المصغر، درست التمويل الإسلامي خلال الأعوام الخمسة الماضية إبان عملها لدى البنك الفدرالي. فقد حضرت عديدا من المؤتمرات التي تم عقدها في عواصم التمويل الإسلامي".
إلا أن ما يقلق مضاجع هذا الائتلاف اليميني المتشدد هو العقلية الاستثمارية التي يحملها فتى جولدمان ساكس السابق كاشكاري ذو الأصول الهندية.
و ترى المصادر التي تحدثت معها "الاقتصادية" أن كاشكاري، أحد مهندسي خطة الإنقاذ، يحمل في يده "مفاتيح" إدخال أنظمة التمويل الإسلامي للاقتصاد الأمريكي نظرا لقدرته الحادة على الإقناع و لقربه من صناع القرار الاقتصادي على الرغم من صغر سنه (35 سنة).
ولكن كيف كانت بدايات "فتى الـ 700 مليار دولار" الذي انتهى به المطاف لتولي واحدا من أكثر المناصب السياسية حساسية في الولايات المتحدة، حيث إنه مسئول عن إنفاق مليارات الدولارات و التي أخذت من عرق دافعي الضرائب الأمريكيين، وهو برنامج يكرهه كل من اليمين واليسار على حد سواء.
هذا الصيف، حين كان وزير المالية هنري بولسون يطلب المساعدة في التعامل مع الانهيار الذي أصاب وول ستريت، لجأ إلى شركته القديمة، بنك جولدمان ساكس، واختطف عدداً من المصرفيين السابقين وخبراء آخرين في إعادة هيكلة المؤسسات المالية وكان كاشكاري من ضمنهم .
وصل نيل كاشكاري إلى واشنطن في عام 2006 بعد أن أمضى سنتين كمصرفي استثماري عادي في التكنولوجيا في فرع جولدمان في سان فرانسيسكو، حيث كان يقدم النصح والمشورة للشركات الناشئة في مجال أمن الكمبيوتر. وهو حاصل على شهادتين في الهندسة إضافة إلى ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة بنسلفانيا.
في البداية أوكلت إلى كاشكاري مهمة الإشراف على الصندوق الذي تبلغ قيمته 700 مليار دولار والذي أشرف على تشكيله بولسون لشراء الموجودات البنكية السامة والمعقدة، ولكن هذا الدور تطور في الوقت الذي قرر فيه الوزير استثمار الأموال بصورة مباشرة في المؤسسات المالية المعتلة.
كاشكاري، الذي التقى بولسون لفترة قصيرة قبل توليه وزارة الخزانة، مسئول أيضا عن اختيار هيئة الموظفين الذين سيتولون إدارة برنامج الإنقاذ.
ويعتبر كاشكاري شخصاً موهوباً وعلى درجة عالية من الذكاء. وهو الساعد الأيمن لبولسون، وظله الملازم له في المحافل العامة أثناء الأزمة المالية. وقيل عنه إنه لعب دورا محوريا في عملية البيع السريعة لبنك بير شتيرنز إلى بنك جيه بي مورجان في آذار (مارس) الماضي.
رغم مواهب كاشكاري في عقد الصفقات، إلا أن هناك تساؤلات على نطاق واسع حول ما إذا كان يتمتع بالخبرة أو المهارة اللازمة لإدارة مشروع بهذا الحجم.

الأكثر قراءة