مصرفيون: عمليات البنوك السعودية الخارجية لا تتجاوز 15 %

مصرفيون: عمليات البنوك السعودية الخارجية لا تتجاوز 15 %

توقع خبراء اقتصاديون أن يشهد الاقتصاد السعودي انطلاقة متوازنة حتى في ظل الكساد العالمي المتوقع، مع استمرار الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية، إذا ما حافظت أسعار النفط على مستويات فوق 40 دولاراً للبرميل.
ولفت الاقتصاديون أنفسهم خلال الندوة، التي عقدت في ديوانية المهيدب والفوزان في جدة، إلى أن الركود الاقتصادي العالمي الذي بدأت آثاره تظهر فعلاً في بعض الدول الصناعية، من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر في أسعار النفط وانخفاض أسعاره، الذي ربما يدفع بعض الدول الخليجية إلى إعادة أولوياتها للمشاريع التنموية فيها، مؤكدين أن وزير المالية السعودي أكد أن الحكومة ستسد أي عجز في تمويل المشاريع بفعل الأزمة المالية.
وألمح الدكتور مقبل الذكير أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز إلى أن هناك تخوفاً من أن انخفاض أسعار النفط سيدفع الدول الخليجية إلى إعادة الأولويات لديها في مشاريع التنمية المختلفة. وأضاف الذكير "وفقاً لتصريحات وزير المالية أكثر من مرة التي أكد فيها أن برامج التنمية في البلاد لن تتأثر بالأزمة، لأن الحكومة ستستخدم الاحتياطي النقدي لمواصلة هذه البرامج".
ويستطرد الدكتور مقبل "التأثير في المشاريع مؤكد، لأن بعضها كان مرتباً مسبقاً على الحصول على تمويلات من بنوك محلية بمشاركة بنوك أجنبية خططوا لتوفير التمويل اللازم لهذه المشاريع، أما الآن يمكننا الجزم بأن البنوك الأجنبية لا تستطيع الإيفاء بتلك التعهدات ويبدو أن الحكومة هي من سيغطي هذا العجز في حال حدوثه بناء على تصريحات وزير المالية".
وفي معرض توضيحه آثار الأزمة قال الذكير "هناك جانبان لأثر الأزمة المالية العالمية في الاقتصادات الخليجية، هنالك آثار مباشرة تتمثل في خسائر القطاع الخاص سواء أفراد أو مؤسسات تورطوا في بعض الصكوك العائدة لأزمة الرهن العقاري الأمريكي، أو خسائر في القطاع الحكومي، رغم أن استثماراته كانت في أدوات محافظة جداً منها سندات حكومية، وفيما لو تحدثنا عن السعودية حتى الآن بحسب البيانات فإن الأصول الأجنبية في البنوك السعودية لا تتعدى 15 في المائة، لهذا سيكون الضرر محدوداً جداً مقارنة بما حصل في بنوك أوروبية وأجنبية أخرى".
وتابع أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز "أما الآثار غير المباشرة التي هي أقرب لإلحاق بعض الضرر في اقتصادنا نتيجة الركود في الاقتصاد العالمي الذي تؤكد معظم المؤشرات أنه بدأ فعلاً، ويتوقع ألا يكون عابراً فقد يستغرق بين سنة وثلاث سنوات، وفي ظل الركود في الدول الصناعية التي تخلق طلباً على المادة الأساسية "النفط" فمن المتوقع أن يكون تأثير ذلك مباشراً في أسعار النفط وانخفاضها، ورأينا فعلاً تأثر الأسعار خلال الأشهر الأربعة الماضية تراجعت من 150 دولارا تقريباً إلى حدود 60 دولاراً وهذا يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن أسباب الارتفاع غير المنطقي في أسعار النفط كان بفعل المضاربات كما سبق وأوضح ذلك المهندس علي النعيمي وزير البترول والمعادن، وليس هنالك أي دخل للعرض والطلب أو قلة المعروض النفطي كما صور ذلك الإعلام الغربي".
من جانبه، يؤكد فهد السيف الخبير المصرفي أن موقف البنوك السعودية أفضل بكثير جداً من جميع الموجودة في دول المنطقة. ويضيف "التخوف الحاصل في الوقت الراهن من المستثمرين أمر طبيعي في ظل التذبذب الكبير الذي حدث أخيراً، وأصول البنوك السعودية في الداخل تتجاوز 90 في المائة، والتأثير سيكون طفيفاً جداً في صناديق الاستثمار لدى خزائن البنوك".
وأشار السيف إلى أن البنوك حالياً في مرحلة إعادة تفكير وإعادة ترتيب الأوراق من جديد، وقال "أتوقع أن تعود البنوك مرة أخرى لتكون عاملاً مساعداً في استمرار عمليات التنمية في البلاد، خصوصاً في الربع الأول من العام المقبل، ومعلوم أن العمليات البنكية تهدأ قليلاً في الربع الأخير، نظراً لأن معظم الشركات تكون قد أخذت أغلب طلباتها، كما أن البنوك نفسها تقوم بدراسة وضعها والتأكد من توافر السيولة اللازمة لديها".
وأكد الخبير المصرفي أن ما قامت به مؤسسة النقد في الأيام الماضية كان له أثر إيجابي كبير في القطاع المالي السعودي. وأردف "الرسائل التي وجهت للقطاع المصرفي، المستثمرون، الأفراد وضخ السيولة كل ذلك ساعد موقف البنوك، ولا يوجد ما يدعو للخوف، بالعكس نحن متفائلون بتخطي الأزمة بصورة سليمة".
وتابع فهد السيف "الآن وبعد خفض الفائدة نعتقد أن ذلك أعطى ثقة للمستهلك، والمستقرض، إضافة إلى البنوك نفسها، وتوقعاتنا للنمو في المحافظ الاقتصادية تشير إلى أن هناك نمواً سيحدث، لكنه ليس بالصورة التي حدثت عام 2008 وهذا أمر طبيعي، لأن فورة النمو الاقتصادي كانت في هذا العام وكان لا بد من أن يقابل ذلك قليلاً من الهدوء الاقتصادي دون وجود أي علاقة لذلك بما يحدث في الخارج.
وعن قدرة البنوك السعودية على مواصلة تمويل المشاريع الإنمائية، قال السيف "البنوك مولت الجزء الأكبر من الخطط الموجودة للمشاريع، وبالنسبة للخطط التكميلية أعتقد أن البنوك ستلتزم بتمويلها ولا توجد لديها أي مشكلات في ذلك".
وشدد السيف على أن البنوك السعودية هي المؤهلة الوحيدة القادرة على تمويل المشاريع الجديدة في القطاعات كافة، الصناعية، والخدماتية وغيرهما، لافتاً إلى أن الحكومة تدعم هذه المشاريع بقوة وهو ما يبعث الاطمئنان لدى البنوك وأن تكون جزءاً من عملية التنمية في البلاد.
وأشار المصرفي إبراهيم السبيعي عضو مجلس إدارة بنك البلاد وعضو مجلس الغرفة التجارية الصناعية إلى أن جميع التوقعات تشير إلى أن الربع الثاني من العام المقبل 2009 سيكون بداية لاختفاء آثار الأزمة المالية العالمية وعودة الأسواق بشكل تدريجي للوضع الطبيعي. وتوقع السبيعي أن يسجل تراجع التضخم وارتفاع أرباح الشركات داعماً لاستمرار تدفق الأموال إلى السوق السعودية وازدهار النمو الاقتصادي للمملكة.
في الشأن ذاته، علق رجل الأعمال خالد الفوزان متوقعا أن يشهد الاقتصاد السعودي نموا جيدا قياسا بأسواق الدول الأخرى، مشيرا إلى متانة الوضع الاقتصادي في المملكة.
وبيّن الفوزان أن السعودية تمكنت، بفضل السياسة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، من بناء مخزون كبير من الاحتياطات المالية القادرة على امتصاص أي انعكاسات على اقتصاد السعودية، مضيفا بالقول إن تأكيدات مؤسسة النقد مع استمرار أرباح الشركات القيادية يعطي دلالة كبيرة على قوة اقتصاد السعودية.
أما الدكتور خالد البسام الخبير الاقتصادي فأشار إلى أن نشوء الأزمة المالية في السوق الأمريكية، وعمليات بيع الدين الذي أدى إلى تراكم الديون على المقترضين، بعد من الزمن تفجر هذا البالون وتطايرت آثاره لتصيب القريب والبعيد، وما أعقب ذلك من اختلال واضح في معظم اقتصادات العالم، وإفلاس وانهيار مؤسسات وبنوك مالية أمريكية وأوروبية عريقة، وعدد من شركات التأمين، ما اضطر الحكومات المركزية في جميع الدول إلى التدخل لحماية تلك المؤسسات المالية من الانهيار.
وأردف الدكتور خالد "دخول الاقتصاد العالمي في كساد طويل سيلقي بظلاله على أسعار السلع المختلفة، إلى جانب انخفاض أسعار البترول ومدى تأثيره في المشاريع التنموية في الخليج، وقدرة الدول على مواصلة التمويل في حال انخفض سعر النفط بدرجات أكبر".
وأعاد البسام التأكيد على متانة الاقتصاد السعودي وامتصاصه الضربات التي تلقاها بسبب الأزمة المالية والسياسات الحكيمة التي انتهجها المشرعون في السعودية.
وفي مداخلته قال الدكتور ياسين الجفري الخبير الاقتصادي وعميد كلية الأمير سلطان للسياحة إن إقراض غير القادرين السبب الرئيس لتفاقم الأزمة المالية في أمريكا. وأضاف "أصول الأزمة بدأت عندما كانت الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس السابق كلينتون أرادت أن تقرض الناس الذين ليس لديهم القدرة على القروض، فتدخلت عن طريق إنشاء شركتين لهذا الغرض عام 1968 تضمن هذه القروض، وفي عام 2007 بدأت تظهر ملامح وعلامات هذه الأزمة من خلال عدم قدرة المقترضين على السداد وهو ما أدى إلى الوضع الحالي".
وأشار الجفري إلى أن 85 في المائة عمليات البنوك السعودية محلية، وبالتالي فإنها مقارنة بدول الخليج الأخرى قادرة على تلافي آثار الأزمة المالية العالمية، وقال "تأثير الأزمة محدود في البنوك السعودية، وبالرغم من أهمية القرارات التي اتخذتها الحكومة إلا أن بعضها كان متأخراً بعض الشيء، كما أن الدول الخليجية ضمنت الودائع في جميع بنوكها، في حين أن هذا لم يتحقق حتى الآن لا في الولايات المتحدة ولا أوروبا".
وعن سوق الأسهم السعودية أشار الدكتور ياسين بقوله "يمكننا أن نقسمها إلى نوعين بناء على جنسية الشركات الموجودة فيها، هناك شركات محلية، وأخرى عالمية، ومعلوم أن تأثير الأزمة في الشركات المحلية سيكون أقل بكثير من تلك الدولية التي لها عمليات خارجية مثل (سابك) وغيرها".
واستطرد الجفري "نتوقع أن تكون هناك انطلاقة للاقتصاد السعودي حتى في ظل الكساد العالمي المتوقع، واستمرار الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية إذا ما حافظت أسعار النفط على مستويات فوق 40 دولاراً للبرميل".

الأكثر قراءة