تأثيرات الأزمة العالمية في قطاع البتروكيماويات السعودي لن يصل إلى حد الخسائر
رجحت ندوة حول آثار الأزمة المالية العالمية في قطاع الصناعات البتروكيمياوية في المملكة، أن يطال هذا القطاع جزء من التأثيرات غير المباشرة للأزمة العالمية. ووفق الندوة التي تحدث فيها سليمان المنديل العضو المنتدب للمجموعة السعودية للاستثمار الصناعي والذي كان يشغل منصب وكيل وزارة المالية ثم مديرا عاما لبنك الرياض، ستتركز التأثيرات على قطاع البتروكيماويات السعودي في حدوث تراجع في الربحية والعوائد المالية بشكل عام، وربما يقتصر لدى بعض الشركات في تراجع معدلات نموها. ويشير المنديل إلى أن التأثيرات على شركات البتروكيماويات في الخارج قد تصل إلى تكبدها خسائر وبالتالي قد يضطر بعضها إلى تقليص نشاطها وإغلاق عدد من مصانعه.
وأوضح المنديل في محاضرة نظمتها الجمعية الكيميائية السعودية على هامش اجتماعها السنوي البارحة الأولى في الرياض تحت عنوان "الأزمة المالية العالمية وآثارها المحتملة في صناعة البتروكيماويات"، أنه من الطبيعي أن يطال صناعة البتروكيماويات على مستوى العالم جزء من التأثيرات التي من أهمها تراجع نمو هذه الصناعة وانخفاض أسعارها، والتي بدأت تظهر بوادرها حاليا، حيث شهدت الأسواق في الآونة الأخيرة انخفاضا في أسعار البتروكيماويات بلغت نسبته نحو 60 في المائة. وهو الأمر الذي يتوقع أنه سينعكس على النتائج المالية للشركات العاملة في هذا القطاع خلال الربع الأخير من هذا العام.
وحول إيجابيات هذه الأزمة على شركات البتروكيماويات في المملكة، قال المنديل إن الأزمة سينتج عنها إغلاقات للطاقات الإنتاجية في مواقع كثيرة من العالم وبالتالي سيساعد الشركات المحلية على ملء هذا النقص في الأسواق العالمية وفي هذه الحالة قد تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية. وأشار إلى أن تخبط سياسات كثير من دول العالم لمواجهة تداعيات الأزمة المالية أسهم في زيادة الهلع لدى الناس وهو ما عكس بدوره على الأسواق المالية، لافتا إلى أنه بالرغم من ما اتخذ حتى الآن من إجراءات لتقليص آثار الأزمة المالية العالمية في اقتصادات الدول وخصوصا في أمريكا، إلا أن حجمها لم يتحدد بعد، مع توقعات بتفاقم تداعياتها وتسببها في ركود اقتصادي.
وأبرز العضو المنتدب للمجموعة السعودية للاستثمار الصناعي أهم الأسباب التي أسهمت في نجاح صناعة البتروكيماويات السعودية، والتي تتمثل حسب قوله في عدم اعتماد هذه الصناعة وقت تأسيسها على التمويل البنكي وإنما على التمويل الحكومي، وتنوع الغاز المتوافر في المملكة وبأسعار جذابة، إلى جانب الحوافز البترولية المقدمة من الحكومة للشركات الأجنبية التي أسهمت في خلق شراكات استفادت منها الشركات المحلية.
كما استعرض المنديل أهم الدروس المستفادة من التعامل مع الشركات الأجنبية، مبينا أن الشركات الأجنبية أسهمت في دخول دور المحامين في حماية الشركات المحلية قانونيا وماليا وتفادي أي إفلاسات، وتعميق مفهوم السلامة داخل بيئة العمل في المصانع للوقاية من المخاطر وربطها بالحوافز فيها ووضعها في أول الأولويات قبل الربحية، إلى جانب تغيير مفهوم ومهام إدارة شؤون الموظفين في الشركات وتوجيه اهتمامها نحو العنصر البشري من خلال البرامج التدريبية وتطوير الأداء.
وكانت تقارير اقتصادية رجحت في وقت سابق أن يبلغ حجم الاستثمارات الخليجية في صناعة الكيماويات والبتروكيماويات نحو 120 مليار دولار بحلول 2010، وأن النمو في إنتاج الإيثيلين، وهو أحد المنتجات البتروكيماوية الأساسية، سيتركز خلال السنوات الخمس المقبلة في منطقة الشرق الأوسط. ونتيجة لذلك، فإنه بحلول 2010 سيتضاعف إنتاج الإيثيلين في دول مجلس التعاون ليشكل 20 في المائة من القدرات الإنتاجية العالمية.
وحققت الاستثمارات الخليجية في صناعة الكيماويات والبتروكيماويات نموا نسبته 5 في المائة خلال الفترة من 2000 إلى 2006 مرتفعا من 52 مليار دولار إلى 70 مليار دولار، التي كانت تشكل 59 في المائة من إجمالي الاستثمارات الخليجية في الصناعات التحويلية البالغة 118.3 مليار دولار. بينما بلغ عدد العاملين في هذا القطاع 163.134عاملاً في 2006 مرتفعاً من 122.735 عاملاً في 2000، أي بنسبة نمو بلغت 32.5 في المائة خلال الفترة. ووفقا لتقرير منظمة الخليج للاستشارات الصناعية "جويك" يمثل قطاع البتروكيماويات واحدا من دعائم اقتصاد منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وقد شهدت صناعة البتروكيماويات في العقدين الماضيين في معظم الدول الأعضاء مرحلة غير مسبوقة من التطور المستمر يتوقع لها أن تستمر بالقوة ذاتها في المستقبل المنظور. ويتفق كثير من المراقبين على أن المنطقة مؤهلة للعب دور الصدارة في قطاع البتروكيماويات في القرن الحادي والعشرين.