اليابانيون يعدون بدور أكبر في التجمعات الصناعية السعودية
كشف منتدى الحوار العربي الياباني الذي اختتم أعمال اجتماعه السادس أمس في الرياض، عزما يابانيا على تنويع قاعدة مشاركته في أنشطة التجارة البينية والاستثمار بالقطاعات الصناعية المختلفة في الدول العربية وبالأخص في السعودية، وذلك تحقيقا لمطالب القطاع الخاص في المنطقة في هذا الخصوص.
وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور عبد الرحمن الزامل عضو مجلس الشورى، أن الجانب الياباني أكد اهتمامه الكبير في القطاعات الصناعية العربية وبالأخص الخليجية وحرصه على توسيع قاعدة مشاركته الاستثمارية في هذه القطاعات، استنادا إلى أن لدى اليابانيين حضورا في برامج التجمعات الصناعية التي يجري تطويرها حاليا من قبل لجنة متخصصة بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة البترول والثروة المعدنية في المملكة.
وفي ورقة عمل خاصة بالمحور الاقتصادي بعنوان "العلاقات الاقتصادية والتجارية العربية اليابانية"، أشار الزامل إلى أن العلاقات العربية اليابانية الاقتصادية اتصفت بأسلوب عمل متحفظ وذي طبيعة تتغلب عليها الاستمرارية في نوعية الأنشطة سواء كانت متعلقة بالتجارة البينية من استيراد وتصدير أو استثمارية صناعية أو خدمية أو تطوير العلاقات الإنسانية ذات العلاقة بالاقتصاد والقوى البشرية.
واستعرضت الورقة مختلف أوجه التعاون الاقتصادي في قطاعات التجارة البينية وتنمية الاستثمار والمساعدات اليابانية الفنية والتدريبية.
ففي قطاع التجارة البينية، قال الزامل إن الإحصائيات تظهر عند أخذنا العلاقات اليابانية السعودية كمثل لهذه العلاقات العربية اليابانية أن الميزان التجاري في السنوات الثلاث الماضية هو باستمرار لصالح السعودية وذلك بسبب اعتماد اليابان على استيراد النفط من السعودية وبمعدل يقدر بـ 35 مليار دولار سنوياً، أما المنتجات الصناعية الأخرى فهي تمثل نسبة بسيطة في التجارة البينية وهي تبلغ نحو نصف مليار دولار ومعظمها منتجات بتروكيماوية والتي قفزت من نحو 350 مليون دولار في عام 2005 إلى 540 مليون دولار في عام 2007، ومعظمها منتجات بتروكيماوية من مصانع سعودية بمشاركة يابانية. وأضاف "فيما حافظت صادرات اليابان إلى المملكة خلال ثلاث سنوات على مستواها مع زيادة واضحة سواء من حيث النوعية أو المبالغ المحققة، فأغلب صادرات اليابان للمملكة كانت منتجات صناعية حيث تمثل نحو 97 في المائة من قيمة الصادرات والتي زادت بنسبة 50 في المائة من عام 2005 إلى 2007، كما أن حصة اليابان في سوق السعودية والأسواق العربية هي في الحقيقة أكبر ما توضحه هذه الإحصائيات للتجارة البينية المباشرة، فسوق المملكة يستورد كميات هائلة من المنتجات اليابانية من خلال الأسواق المجاورة وخاصة الإمارات وذلك بإعادة التصدير لنا، وكذلك كل المنتجات اليابانية المصنعة في بلدان أخرى غير بلدها الأصلي اليابان مثل الصين (المنتجات الكهربائية والإلكترونية)، أستراليا (السيارات)، وماليزيا وتايلاند (المعادن)".
وبينت الورقة أن العائق الرئيسي أمام إمكانية توسع التجارة واستحواذ حصة اليابان على حق أكبر في السوق العربية وخاصة الخليجية هو تراجع الدور القيادي المعهود لشركات المقاولات والبناء للمشاريع العملاقة EPC Contractors والتي من خلالها يمكن الاستحواذ على نسبة أكبر من سوق البنية التحتية للوطن العربي وخاصة في قطاع الطاقة والكهرباء والماء، أما قطاعات التقنية مثل الاتصالات فلقد تنازلت اليابان عن حصتها لكل من الهند وأوروبا وأمريكا في السوق العربية وهذا قطاع مهم وواعد.
وفيما يخص قطاع تنمية الاستثمار، لفتت الورقة إلى أن العلاقات بين اليابان والدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي منها في قطاع الاستثمار المشترك اتصفت بندرتها وتركيزها على مشاريع محددة حيث إن أغلب استثمارات اليابان في الدول العربية وخاصة في السعودية هي في قطاعي الطاقة والبتروكيماويات، مؤكدة في هذا الصدد أن الفرص المتوافرة لليابان في هذا القطاع غير محدودة وخاصة في الصناعات البتروكيماوية والبلاستيكية. أما استثمارات الجانب السعودي في اليابان فهي في قطاع النفط والتكرير. كما أبرزت الورقة جانب المساعدات اليابانية الفنية التدريبية، مبينة أن لليابان دوراً بارزاً في تطوير برامج تدريبية للقوى العاملة العربية والسعودية والخليجية وهي برامج متميزة استفاد منها القطاعان الحكومي والخاص.
واستعرض الزامل خلال الورقة دور هيئة التجارة الخارجية اليابانية "جيترو جايكا" في الأسواق العربية، مفيدا أن المؤسسة الرسمية اليابانية "جيترو" في الرياض أو كل العواصم العربية تحاول جاهدة في توسيع قاعدة المشاركة اليابانية في الأسواق العربية سواء في قطاعات التجارة أو الصناعة أو الخدمات أو المساعدات الفنية، إلا أن محاولاتها لم تنجح مع القطاع الخاص الياباني وخاصة المؤسسات المتوسطة والصغيرة اليابانية وذلك لطبيعة السوق اليابانية، وكذلك للظروف المالية التي مر بها الاقتصاد الياباني خلال السنوات الخمس الماضية، إلى جانب اهتمامات الشركات اليابانية العملاقة بأسواق أخرى واعده لها أكثر. مبينا أن الإحصائيات والمعلومات المتوافرة من "جيترو" أظهرت أن زيارات واجتماعات مشتركة كثيرة تم ترتيبها بين القطاعين الخاصين في كلتا المنطقتين، إلا أن الجانب السعودي يشتكي من عدم متابعة الجانب الياباني لأي مشروع يطرح للنقاش. وأشار إلى أن نشاط "جيترو جايكا" في الأسواق العربية يتمثل في ترتيب زيارات الوفود من اليابان وإليها وتنمية الاستثمار ومنها افتتاح المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات، موضحاً أن من أهم عوائق تشجيع الاستثمار الياباني في الدول العربية هي العقبات الإدارية وسلبياتها الواضحة على مناخ الاستثمار في الخليج والدول العربية. وأفاد أن الإمكانيات المتاحة والفرص المتوافرة للجانب الياباني في الدول العربية وخاصة دول الخليج لم تستغل بعد، وهناك حاجة ماسة إلى عمل مشترك من جانب الطرفين لتحقيق الهدف المشترك وهو عقد علاقات إنسانية وتجارية واستثمارية أفضل للطرفين.
وتطرق الزامل في ختام ورقته إلى تأثير الأزمة المالية العالمية في العلاقات الاقتصادية الثنائية العربية اليابانية، قائلا إن أهم تأثير مباشر للأزمة وهو توافر التمويل الخارجي للمشاريع العملاقة العربية. وأضاف "أن مشاركة الشركات اليابانية تكون عادة في مشاريع البنية التحتية العملاقة في المنطقة معتمدة على مشاركتها مع الشريك المحلي وتوافر التمويل من المؤسسات والبنوك العالمية سواء كانت يابانية أو غربية وأحياناً بمساعدة بنك الصادرات الياباني، إلا أنه ونتيجة لهذه الأزمة فإن توافر التمويل الدولي سينعدم وبدأت بوادره واضحة في المشاريع العملاقة في المنطقة، ولذا لن يتمكن القطاع الخاص العربي والياباني المشاركة في تطوير المشاريع العملاقة مثل محطات الكهرباء والماء والقطارات وغيرها، إلا بمساندة مباشرة وتمويل واضح من المؤسسات التمويلية الحكومية العربية واليابانية وخاصة من خلال برامج تمويل الصادرات، وإلا فالخيار هو تأجيل هذه المشاريع في أغلب المناطق العربية، ولذا فإن من الأهمية أخذ هذا التأثير بعين الاعتبار وإعطاؤه أهمية خاصة لضمان مواصلة المشاريع وتنمية التجارة بين المنطقتين".