10 مقدمات من الاقتصاد الإسلامي لمواجهة الأزمة المالية العالمية

10 مقدمات من الاقتصاد الإسلامي لمواجهة الأزمة المالية العالمية

حلول تحتاج إلى صياغة وبلورة

تناولنا في الدراسة السابقة بالتحليل أسباب وتطور أزمة الرهن العقاري والتي ما زالت تعصف بالأسواق المالية العالمية والإقليمية على الرغم من اتخاذ الدول عديدا من الإجراءات للحد من نتائج وتوابع تلك الأزمة، وفيما يلي بعض المقترحات التي تعتمد في غالبيتها على مبادئ الاقتصاد الإسلامي والتي قد تسهم في مواجهة تلك الأزمة:

1 – استمرار الدول في "ضخ السيولة النقدية" في الأسواق المالية وذلك لمقابلة السحوبات النقدية من المودعين، وتوفير السيولة النقدية للمصانع والشركات التي تحتاج إلى تمويل من البنوك لتمويل عملياتها الإنتاجية، وهو ما قام به عديد من الدول .
2 – قيام الحكومات بإعلان "ضمان الودائع" للمودعين بحيث تحافظ علي الثقة بالجهاز المصرفي والذي يشكل عصب الاقتصاد القومي للدول، وهو ما قام به أيضا عديد من الدول.
3 – إلزام الحكومات للبنوك "بالتوقف عن بيع الديون" وهو محرم بالشريعة الإسلامية حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن "بيع الكالئ بالكالئ" أي بيع الدين بالدين، كما يجب "منع جدولة الديون" حيث تتم زيادة المدة مقابل زيادة الفائدة وهو محرم في الشريعة الإسلامية حيث إن النقود لا تلد نقودا.
4 – إلزام الحكومات للبنوك "بالتوقف عن البيع على الهامش" وهو أحد أدوات المشتقات المالية التي انتشرت في الآونة الأخيرة وهو محرم بالشريعة الإسلامية حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لا نملك حيث قال "لا تبع ما لا تملك"، وهي أولي الخطوات التي اتخذتها الحكومة الأمريكية في بداية الأزمة عندما أعلن الرئيس الأمريكي منع البيع على الهامش .
5 – إلزام الحكومات للبنوك "بالتوقف عن خلق النقود" حيث تقوم البنوك بالإقراض بضعف ما لديها من ودائع، مع منع الإقراض مقابل السندات، واستخدام "صكوك الاستثمار" كأداة مالية لتمويل الحكومات والشركات الكبرى بديلة عن السندات بفائدة.
6 – العمل على "منع الممارسات الاحتكارية" لبعض البنوك والشركات من خلال تحميل المدينين بفوائد عالية، حيث نهى الشرع عن الاحتكار، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المحتكر ملعون والجالب مرزوق".
7 – استخدام "صيغ التمويل الإسلامية" من مرابحات ومشاركات واستصناع بديلا عن القروض بفائدة وهي محرمة بإجماع العلماء، ومن مميزات التمويل الإسلامي أن محل العقود هي سلع وبضائع وليس نقودا وهذا يخلق التوازن في العرض بين السلع والنقود، كما يساعد التطبيق العملي لصيغ التمويل الإسلامي على تأكد المصرف من استخدام التمويل في الغرض المخصص له.
8 – استخدام المصارف "لهامش الربحية" بديلا عن أسعار الفائدة، واستخدام "مبدأ المشاركة في الربح والخسارة" الذي يعد حافزا لجميع الأطراف لنجاح المشروع.
9 – أن تعمل شركات التأمين التقليدية وفق مبدأ "التأمين التعاوني" والبعد عن شراء المخاطر واستخدام منهج التكافل المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
10 – زيادة "الرقابة المصرفية" من قبل البنوك المركزية على المؤسسات المالية بغرض التأكد من الالتزام بمقررات لجنة بازل والعمل على تخفيض المخاطر المصرفية والتأكد من تطبيق ضوابط منح التمويل.
وقد يرى البعض أن العديد من تلك المقترحات يعتمد على تدخل الدولة المباشر في حل تلك الأزمة، هذا الأمر يتفق مع مبادئ المالية العامة في الاقتصاد الإسلامي حيث يشكل تدخل الدولة عاملا مهما في ضبط الأسواق المالية، حيث إن للدولة دورا مهما في حالة الكساد من خلال القيام بتمويل تنفيذ بعض المشاريع الاستثمارية للعمل على دوران عجلة الإنتاج وقد قام بذلك عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في عام المجاعة، كما أن لها دورا في حالة التضخم في محاولة كبح والسيطرة على أسباب التضخم، حيث لا يمكن ترك مصير اقتصاد الدول للمؤسسات الخاصة وقد ثبت فشل مقولة "دعه يعمل دعه يمر" بلا ضوابط فلا بد من وجود ضوابط لتعامل المؤسسات المالية في الأسواق، ولا يكون معيار الربحية هو المحرك الرئيس للشركات بل هناك "ضوابط أخلاقية واجتماعية" يجب الالتزام بها وهو ما يعتمد عليه النظام الاقتصادي الإسلامي من "منع الغرر والغش والتدليس والجهالة وأكل أموال الناس بالباطل"، حيث إن المحافظة على المال وتنميته في المجتمع واجب ويعد من مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة وهي "حفظ النفس، الدين، العقل، النسل، والمال".
إن تلك المقترحات العشر والتي تعتمد على مبادئ الاقتصاد الإسلامي هي اجتهاد قد يسهم في الحد من الأزمة والتي كلفت دول العالم خسائر تقدر بمليارات الدولارات وفقد الآلاف وظائفهم ومنازلهم. ويحضرني في هذا السياق ما قاله "رئيس تحرير مجلة تشالينجز" منذ أيام عن الأزمة المالية حيث قال " أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن الكريم من تعاليم وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري لأن النقود لا تلد نقودا".
ولا يوجد تعليق سوى أن النظام الاقتصادي الإسلامي به عديد من الحلول لتلك المشكلات ولكن تحتاج إلى صياغة وبلورة حتى تكون قابلة للاستخدام.

خبير في المصرفية الإسلامية
www.bltagi.com

الأكثر قراءة