محللون كويتيون: الافتقار لجهات رقابية يفاقم تأثير الأزمة المالية في البلاد

محللون كويتيون: الافتقار لجهات رقابية يفاقم تأثير الأزمة المالية في البلاد

يقول المحللون إن إنقاذ الكويت لبنك كبير وإعلانها ضمان ودائع البنوك هذا الأسبوع يلقي الضوء على مشكلات الافتقار لجهات رقابية، الأمر الذي زاد من أثر الأزمة المالية على البلاد.
واضطرت الكويت المنتج الكبير للنفط للتدخل في وقت سابق هذا الأسبوع لإنقاذ بنك الخليج خامس أكبر بنك في البلاد من حيث القيمة السوقية بعد خسائر تكبدها في تعاملات على عقود مشتقات في العملات بعد أسبوع واحد من صدور تقرير إيراداته الذي جاء فيه أن البنك يتمتع بقاعدة رأسمالية قوية.
ولدى الكويت ثاني أكبر بورصة عربية غير أن مشاحنات سياسية تعطل خططا لإقامة هيئة للرقابة على سوق الأسهم والافتقار للرقابة يعني أن الشركات يمكنها إخفاء خسائر كبيرة حتى اللحظة الأخيرة.
وبين المحللون أن قواعد الإفصاح المعمول بها تكشف فقط عن التفاصيل المالية الأساسية، ما يجعل من المستحيل عمليا التنبؤ بما إذا كانت مشكلات بنك الخليج حادثا منعزلا أم قمة جبل جليد ضخم.
والافتقار للشفافية والمخاوف من المزيد من المشكلات دفعت الحكومة للعمل على استعادة الثقة في سوق الأسهم المتهاوية بعد أسابيع من بدء الصندوق السيادي الكويتي في ضخ مئات الملايين من الدولارات في الأسهم.
وقالت أماني بورسلي أستاذة الاقتصاد في جامعة الكويت المشاركة في وضع مشروع قانون إقامة هيئة للرقابة على البورصة الذي تعطل لأكثر من عام "الافتقار لهياكل مثل هيئة رقابية زاد من أثر الأزمة"، وأضافت أن الحكومة كانت بطيئة في الرد فلم تتحرك سوى هذا الأسبوع لتشكيل مجموعة عمل رسمية أخرى للتعامل مع الأزمة المالية بعد أن فشلت المجموعة الأولى في إحداث أثر يذكر رغم الوعود العامة الكثيرة.
وتراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بنسبة 37 في المائة منذ تموز (يوليو) الماضي مقارنة بـ 28 في المائة خسائر "داو جونز" الأمريكي، واحتج مستثمرون ومتعاملون غاضبون خارج مقر البورصة ومكاتب حكومية على مدى أيام في حين طالب المودعون في بنك الخليج الحكومة ببذل المزيد لحماية استثماراتهم مما زاد من الضغوط على الدولة لزيادة مساعداتها.
وأوضح مصطفي بهبهاني مدير الشركة الكويتية الخليجية للاستشارات أنه يجدر بالحكومة بدلا من تشكيل مجموعات عمل غير فاعلة أن تتعاون مع القطاع الخاص والخبراء الاقتصاديين واتخاذ إجراءات أكثر تنسيقا لاستعادة الثقة.
وأضاف "على الرغم من فوائضنا النفطية إلا أننا نواجه العديد من المشكلات. الافتقار للشفافية زاد الأمر سوءا. ما نحتاج إليه هو فريق طوارئ للتعامل مع الوضع".
وفي حين تطالب قواعد البورصة الشركات أساسا بالكشف عن أرباحها الصافية ونصيب السهم من الأرباح يقول المحللون إنهم يجدون مشكلة في تقييم الوضع المالي للشركات المدرجة في البورصة بسبب الافتقار لمعلومات مطبوعة.
وأضافوا أنه لم تكن هناك بيانات متاحة للمستثمرين والمحللين لتحديد ما
إذا كانت بنوك كويتية أخرى تواجه مخاطر بسبب تعاملات على عقود مشقات في العملات ـ وهي استثمارات تراهن على الأسعار المستقبلية - مثل التي أضرت ببنك الخليج.
وقال ناصر النفيسي رئيس مركز الجمان للاستشارات "لا نعرف"، وأضاف "طلبنا من سوق الأسهم عدة مرات إلا تكشف الشركات فقط عن البيانات الأساسية... في بعض الأحيان يقفز سهم بعد بيان الأرباح ثم ينخفض بعد أن يظهر البيان المفصل الذي يصدر بعد أسبوع أن90 في المائة من الأرباح يرجع إلى بيع أصول وليس لنشاط".
وقال بنك الخليج الأسبوع الماضي في بيان إيراداته إنه يتمتع بقاعدة رأسمالية قوية دون أن يوضح أي تفصيل للوحدات أو الأنشطة الأساسية في حين أن بنك الكويت الوطني رائد السوق يصدر مؤشرات رئيسية مثل الدخل من الفائدة مرة واحدة فقط كل عام.
وقدم بنك الكويت الوطني في أحدث بيان أرباح مفصل بيانات مثل العائد على الأصول والعائد على الأسهم عن الأشهر التسعة الأولى من العام فقط في حين قدمت شركة الاتصالات المتنقلة "زين" بيانات مقارنة عن أرباحها في الربع الثالث من العام في أول بيان لها.
وقالت الكويت سابع أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم مرارا إنها ملتزمة بتنويع اقتصادها لتصبح مركزا ماليا ينافس دبي والبحرين لكن المحللين يتشككون في ذلك.
وكانت سنوات من المشاحنات السياسية بين البرلمان والحكومة قد عطلت جهود تحديث الاقتصاد.
وقال بنك الاستثمار المجموعة المالية القابضة "هيرميس" إنه لا يتوقع تقدما يذكر فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية الكويتية إذ إن 14 في المائة فقط من إجمالي الاستثمارات الحكومة المقررة هي التي بدأت أو استكملت.
وقالت مونيكا مالك الاقتصادية في "هيرميس" في أحدث تقرير لها عن البلاد "الكويت مازالت تعاني توتر العلاقات بين الحكومة والبرلمان فيتعطل تنفيذ السياسيات المطلوبة بشدة".
وعلى الرغم من الضغوط الإضافية بسبب الأزمة المالية العالمية قال أحمد باقر وزير التجارة والصناعة في حديث الأسبوع الماضي إن الحكومة ترى أن كانون الثاني (يناير) هو الموعد المستهدف لعرض مشروع قانون طال انتظاره لإقامة هيئة للرقابة على سوق الأسهم.
وكان من المقرر عرضه للموافقه عليه العام الماضي وهو الأمر الذي يقول المحللون إنه لو تحقق لكان أعد الكويت بشكل أفضل لمواجهة الأزمة المالية.
وحتى عندما يعرض مشروع القانون على البرلمان يقول المحللون إن الموافقة السريعة عليه غير مؤكدة على الإطلاق إذ إن البرلمان والحكومة كثيرا ما يختلفان على مشاريع أساسية.

الأكثر قراءة