سينما المراكز التجارية .. الخيار الأنسب في السعودية
انطلقت المملكة العربية السعودية نحو حقبة جديدة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أرست معالمها "رؤية 2030" عبر العمل بشكل خاص على تعزيز دور القطاعات غير النفطية في اقتصاد المملكة، ما يقود بدوره إلى تحسين مستوى جودة حياة السكان، حيث تسعى المملكة من خلال توفير خيارات متنوعة وملائمة من الترفيه والأنشطة والفعاليات الثقافية إلى جذب المستثمرين المحليين وإيجاد شراكات مع شركات الترفيه الدولية وزيادة إنفاق الأسر على الترفيه من 2.9 في المائة إلى 6 في المائة، وتطوير سوق خدمات ترفيهية سعودية بقيمة تبلغ نحو 30 مليار ريال سعودي في الخدمات الترفيهية.
من خلال ميزانية استثمارية قدرها عشرة مليارات ريال سعودي، تعمل شركة التطوير والاستثمار للترفيه DIEC كعامل مساعد في تطوير قطاع السينما في المملكة العربية السعودية، ومن المتوقع أن تسهم بشكل مباشر بمبلغ مليار ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي وتوفر ألف فرصة عمل مباشرة بحلول عام 2022، وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة فلاندرز للاستثمار والتجارة.
ويمثل رفع الحظر على دور السينما الذي امتد لنحو 35 عاما واحدا من أكثر المبادرات وضوحا وتأثيرا، التي اتخذتها الحكومة في المملكة، ما فتح فرصة اقتصادية غير مستغلة ومربحة. فوفقا لبيانات برنامج "جودة الحياة 2020"، سيطور ويفتتح أكثر من 45 دار عرض سينمائي في المملكة بحلول عام 2030.
سوق واعدة
حضور قوي للعلامات المحلية، فمنذ اللحظات الأولى للإعلان عن إعادة إطلاق السينما في المملكة، سارعت كبريات شركات السينما العالمية إلى الدخول بقوة إلى هذه السوق الواعدة، حيث تشير إحصائيات شركة بي دبليو سي إلى أن عدد شاشات العرض السينمائي في المملكة سيصل إلى 2600 شاشة، وأن تبلغ إيرادات شباك التذاكر 950 مليون دولار وعدد رواد السينما ما بين 60 إلى 70 مليون مشاهد في عام 2030. وعند إضافة إيرادات مبيعات المأكولات والمشروبات وحقوق الإعلان المصاحبة لدور السينما التي تشكل عادة 35 في المائة من إجمالي الإيرادات، فإن صناعة السينما لديها القدرة على توليد إيرادات إجمالية قدرها 1.5 مليار دولار أمريكي في عام 2030، وأن تتحول إلى قطاع استثماري مربح لشركات دور العرض السينمائي والحكومة.
ومع إدراكه لما يتمتع به قطاع السينما الواعد في المملكة، سارع عديد من الشركات المحلية إلى الدخول بقوة على خط افتتاح دور جديدة للعرض السينمائي، حيث شهد شهر مارس الماضي قيام تركي الشبانة وزير الإعلام السعودي، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، بتسليم الرخصة السابعة لتشغيل السينما في المملكة لشركة الجيل القادم التي ستحمل اسم muvi لتكون أول علامة تجارية سعودية. في مجال دور العرض السينمائي. وتعتزم الشركة افتتاح أول دار سينما لها بالشراكة مع المشغل الأجنبي "ذا لايت" في "العرب مول" في جدة، وتهدف إلى إنشاء ست دور عرض تضم 50 شاشة في الرياض وجدة والمنطقة الشرقية خلال العام الحالي.
مراكز التسوق
عامل نجاح أساسي وتجربة متكاملة من الترفيه والتسوق. وقد حدد تقرير بي دبليو سي أربعة عوامل رئيسة يتحتم على شركات تشغيل دور السينما أخذها في الحسبان بهدف تحقيق أفضل استفادة ممكنة من الفرص الواعدة التي يوفرها قطاع السينما في المملكة، فإلى جانب عوامل مثل المحتوى وتقنيات العرض والتسعير، شدد التقرير على أن اختيار الموقع المناسب لاستضافة دور السينما، يمثل أهم وأبرز عوامل نجاح هذه التجربة، مؤكدا أن مراكز التسوق ذات الإقبال العالي على امتداد مدن المملكة تعد خيارا مثاليا لاحتضان دور السينما، نظرا إلى انتشارها في مختلف المدن الرئيسة واستقطابها أعدادا كبيرة من الزوار والمتسوقين من مختلف شرائح المجتمع السعودي، ما يسهم بدوره في زيادة نسب إقبال الجمهور على دور العرض السينمائي، خاصة أن مراكز التسوق حاليا تركز على توفير تجربة متكاملة لزوارها، تجمع بشكل مثالي أفضل خيارات التسوق والترفيه والترويح التي تلائم متطلبات جميع أفراد الأسرة.
وتأكيدا لذلك يشير خالد الجوهر المختص الاقتصادي، بقوله "جرت العادة أن كثيرا من دور السينما في الدول الغربية أو في منطقتنا العربية أو الخليج ترى أن المراكز التجارية مواقع جاذبة، وهي تبحث عن الأماكن التي فيها قيمة مضافة لتستفيد منها. ومن ناحية أخرى سيحدث وجود السينما فرقا واضحا؛ حيث ستكون المراكز التجارية التي تقدم الخدمات الترفيهية من دون شك أكثر جذبا للمتسوقين، لأن فكرة المراكز التجارية أصبحت جزءا أساسيا من قطاع الترفيه، وتعد السينما عنصرا مكملا للخدمات الترفيهية التي تقدمها المراكز".
وتقول نهاد الشافعي وهي مخرجة أفلام وثائقية "إن المراكز التجارية تعد من الأماكن المفضلة لإنشاء صالات السينما، نظرا إلى تحول جمهور السينما نحو صالات المراكز التجارية لمشاهدة أفلامهم". وأرجعت الشافعي ذلك إلى تغير الفئة العمرية لجمهور السينما؛ إذ أصبحت غالبيته من الشباب دون سن الـ30، وبالتالي اختلفت متطلباتهم ومعاييرهم للسينما وجودة الخدمة المقدمة، وتجهيزات المكان.
على الصعيد ذاته تقول مرام الغامدي وهي إحدى المتسوقات في مركز تجاري في وسط الرياض "إن وجود السينما داخل المراكز التجارية يشجع أكثر على الحجز فيها". وتوضح ذلك بقولها "إن مجتمعنا السعودي ذو طابع عائلي؛ فنحن لا نخرج بالعادة فرادى بل نخرج للترفيه نهاية الأسبوع كعائلة بمن فيها الشباب والأطفال من أفراد العائلة، وبالتالي نحاول أن نجد مكانا يناسب الجميع".
وترى الغامدي أن المواقع الإلكترونية الخاصة بدور السينما والمراكز التجارية، تساعد على تمكين العائلات من ترتيب رحلة الترفيه إلى المراكز التجارية بدءا من اختيار الأفلام ومعرفة مواعيد عرضها وحجز وتحديد المقاعد، وبالتالي تنسيق فترات الانتظار، وترتيب كيفية الاستفادة منها داخل المركز التجاري، من خلال حضور فعاليات أخرى.
وتضيف "من المعروف أن صالات السينما تحرص على تنويع عرض الأفلام ما بين أفلام الأنيميشن والعائلية في مواعيد مبكرة، وأفلام الأكشن والإثارة لفئة الشباب وتعرض عادة في الفترات المسائية المتأخرة، وبالتالي فوجود أماكن أخرى للعائلة كمدن الألعاب للأطفال والمطاعم والكافيهات ومحال التسوق يسهل عملية انتظار أحد أفراد العائلة حتى ينتهي من مشاهدة فيلمه المفضل، من دون أن تمر تلك الساعات بملل أو تذمر".
ويرى عشاق السينما أن السينما داخل المراكز التجارية هي نوع من الفرجة العائلية الأنيقة، وأنها ستكون الخيار الأنسب في السعودية؛ خاصة إذا توافرت فيها التجهيزات الضخمة، والمقاعد الفخمة، وتعددت صالات العرض، وأحسنت اختيار نوعية الأفلام، وعرضها بالتنسيق مع مواعيد العرض العالمية.