شركات الصلب تراجع ملفاتها بعد إصابتها بشرارة أزمة الأسواق

شركات الصلب تراجع ملفاتها بعد إصابتها بشرارة أزمة الأسواق

مع بدء أثر الأزمة المالية في التسبب في تراجع توقعات قطاع صناعة الصلب، يقول وولفجانج إيدر، الرئيس التنفيذي لشركة فوستالباين, التي تعد أكبر شركات الصلب في النمسا عن الحالة المزاجية لقطاع صناعة الصلب: "لقد كنا في جنة, وقد انتهى ذلك الآن". واتسمت ردود فعل الرؤساء التنفيذيين لشركات الصلب الكبرى, الذين وجدوا في واشنطن لحضور الاجتماع السنوي للاتحاد العالمي للصلب قبل أيام, بالتشاؤم إزاء المؤشرات التي تدل على أن الاقتصاد العالمي آخذ في التردي بمعدل أسرع مما كان يعتقد في السابق.
إذ يقول أندريه جيرداو جوهانبيتر، الرئيس التنفيذي لشركة جيرداو لصناعة الصلب التي يوجد مقرها في البرازيل ولكن نسبة 40 في المائة من الصلب الذي تنتجه تتم في الولايات المتحدة: "إن السؤال الكبير الذي يطرحه الجميع هو إلى أي درجة ستمتد المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة وأوروبا إلى البلدان الأخرى. و"لا بد أن ننظر في مراجعة مشاريعنا التوسعية في ضوء الأحوال السائدة في السوق".
ويقول سكارى تامينين، الرئيس التنفيذي لشركة روترروكي التي تعد أكبر منتج للصلب في فنلندا:" حتى الآن، لم يتأثر الجزء الأكبر من عمل شركتي نسبياً بتداعيات الأزمة. ولكننا جميعاً (في صناعة الصلب) في حاجة إلى أن نتأكد من أن الإجراءات التي تتخذها الحكومات لمعالجة الاضطرابات المالية لها أثرها." وتأتي هذه الملاحظات المتشائمة على عكس التوجه السائد في صناعة الصلب, ففي السنوات الخمس الماضية، نعم هذا القطاع بطفرة في الطلب والأرباح، ساعدته على ذلك زيادة الطلب على هذا المعدن، خاصة من جانب الصين.
وهناك عامل آخر، هو عامل الاندماج الذي كان على رأسه اندماج "آرسيلور ميتال" التي تعد أكبر منتج للصلب، لأن الاندماج عزز قدرة شركات إنتاج الصلب على رفع أسعارها. لكن حتى مع قيام شركات الصلب بتخفيض توقعات النمو لعامي 2009 و2010، إلا أن قلة منها فقط لم تعد تأمل في حدوث بعض الزيادة في الطلب على الأقل.
وتبني كثير من شركات إنتاج الصلب آمالها على فكرة أن الطلب في البلدان النامية سيتحرك إلى الأمام بسرعة لا بأس بها مدفوعاً بالحاجة إلى البنية التحتية كالطرق والسكك الحديدية. وعلى نحو يعكس هذه المشاعر، يقول إيدر من شركة فوستالباين "إننا نشهد تراجعاً في الطلب, ولكن لا يوجد سبب يدعو للاعتقاد بأنه سيكون كارثة".
ويتوقع إيدر أن ينمو الطلب العالمي على الصلب بنسبة 4 ـ 4.5 في المائة في العام المقبل، الأمر الذي ينسجم من توقعات لاكشمي ميتال، رئيس مجلس إدارة شركة آرسيلور ميتال ومالكها الرئيس، ومقارنة بالنمو الذي تحقق على هذا الصعيد بنسبة 8.8 في المائة عام 2006 وبنسبة 6.6 في المائة في العام الماضي. ويقول إيدار: سيكون هناك تفاوت بين النمو الخفيف الذي يحتمل أن يتحقق عام 2009 بنسبة تراوح بين 0.5 و1.5 في المائة في أوروبا الغربية، وأمريكا الشمالية واليابان وبين النمو الأقوى المتوقع حدوثه بنسبة تراوح بين 5 و9 في المائة في الاقتصادات الناشئة، ومن بينها الهند، الصين, وأمريكا الجنوبية.
وبشكل عام، فإن الشركات التي توجد معظم عملياتها في تلك البلدان النامية أكثر إيجابية في تقديراتها الخاصة بالطلب على الصلب من الشركات التي تعمل بصورة رئيسة في الاقتصادات المتقدمة.
إذ يقول دانيال نوفجيل، الرئيس التنفيذي لشركة تيرنيوم التي يوجد مقرها في الأرجنتين وتعد منتجاً كبيراً للصلب لأمريكا اللاتينية: "في الوقت الذي نعتقد فيه أن الأزمة الاقتصادية سيكون لها بطبيعة الحال أثر في بعض عملائنا، فإننا نعتقد أن هذا الأثر سيكون أقل بكثير في أمريكا الجنوبية عن الأجزاء الأخرى من العالم".
ومع أخذ ذلك في الحسبان، يقدر نوفجيل أن تتم زيادة الإنفاق ليصل إلى ثلاثة مليارات دولار على مصنع جديد في البرازيل، وذلك على رأس الخطط التي سبق الإعلان عنها لاستثمار 5.2 مليار دولار بحلول عام 2013 في الموقعين الكائنين لشركة تيرنيوم في الأرجنتين والمكسيك. ويقول ماركو أنطونيو كاستيلو برانكو، الرئيس التنفيذي لشركة يوسيميناس البرازيلية لإنتاج الصلب، إنه ينظر في استثمار مبلغ يصل إلى مليار دولار في عمليات الإنتاج الجديدة في الولايات المتحدة أو أوروبا، وربما يتم ذلك بالاشتراك مع شركات أخرى لإنتاج الصلب.
وفي ضوء حالة عدم اليقين، يحاول عديد من شركات الصلب أن يتحلى بالشجاعة فيما يتعلق بعمليات التطوير. إذ يقول أوجوز أوزجين، الرئيس التنفيذي لشركة إيرديمير التي تعد أكبر شركة لإنتاج الصلب في تركيا، إنه يشعر بالثقة بشأن العام المقبل لأن كثيرا من العملاء حجزوا طلبيات لتسلم الصلب بموجب عقود طويلة الأجل- رغم أنه يرفض الحديث عن الاحتمالات الخاصة بعام 2010.

"فايننشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"

الأكثر قراءة