خبير دولي : تأثيرالأزمة المالية متفاوت عربيا .. والخليج أقل تضرراً
أكد الدكتور إبراهيم عويس العالم الاقتصادي والخبير الدولي والبروفيسور في جامعة جورج تاون الأمريكية: "أن الأزمة المالية العالمية سيكون لها تأثيرات متفاوتة على الدول العربية، حيث ستختلف قوتها من بلد إلى آخر حيث ستكون أكثر حدة في دول شمال إفريقيا ومصر مقارنة بما عليه في دول الخليج نظرا لوجود ثروات طبيعية على غرار دولة قطر التي تمتلك ثاني مخزون من الغاز الطبيعي في العالم".
وأضاف في ندوة في الدوحة أن الأزمة المالية التي اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية تفاقمت وانتشرت إلى أسواق العالم كله، ما أدى إلى أزمات اقتصادية حاليا ومستقبلا والتي تؤدي إلى حدوث كساد عالمي؛ الذي اعتبره أسوأ مما حدث منذ الكساد العظيم في سنة 1929، تأثير ذلك في البطالة وإفلاس عدد من المؤسسات التجارية والعمرانية بدراجات متفاوتة من بلد إلى آخر وتأثير كل ذلك في الاقتصادات العربية وما قد ينتج عن ذلك من تداعيات سياسية وقلاقل اجتماعية وغيرها من العوامل المترابطة وليس ثمة سبب واحد لما بدأ حدوثه في الولايات المتحدة الأمريكية وهو يعتقد أن جملة أسباب مترابطة ومؤثرة، ما نتج عن ذلك وما سينتج من تداعيات أخرى في أسواق العالم أجمع وأحد تلك الأسباب، إدارة الرئيس بوش الاقتصادية غير الرشيدة حتى الوقت التي رأت تلك الإدارة شن حرب غير مشروعة دوليا ضد العراق و زيادة الإنفاق على تمويل الحرب، حيث حملت الإدارة الكونجرس على تخفيض الضرائب الذي أفاد في المقام الأول الشريحة العليا من دافعي الضرائب أي طبقة الأثرياء والشركات الكبرى فتخفيض الضرائب من ناحية وزيادة الإنفاق العسكري لتمويل حرب العراق من ناحية أخرى أدى إلى زيادة العجز في ميزانية الحكومة. أما بالنسبة لحرب العراق فإن التكلفة المالية التي تقوم حكومة الولايات المتحدة برصدها قد تصاعدت أربعة أضعاف منذ سنة 2003 إلى سنة 2005.
وقال: تبين الإحصائيات التي رصدها من المصادر الرسمية الأمريكية أن تكلفة دقيقة واحدة لحرب العراق سنة 2003 بلغت 93 ألف دولار وسنة 2004 بلغت 111 ألف دولار وسنة 2008 بلغت 188 ألف دولار و371 ألف دولار سنة 2008 ومعنى ذلك أن عبء الإنفاق على حرب العراق يوازي مليونا ومائة ألف دولار كل ثلاث دقائق.
وهذا الإنفاق على حرب غير مشروعة دوليا كان على حساب ما تنفقه الحكومة الأمريكية على جميع المشاريع الأخرى المهمة مثل الصحة العامة إذ إنه يوجد 49 مليون أمريكي دون تأمين صحي، وأدى هذا الإنفاق أيضا إلى زيادة العجز في ميزانية الحكومة الأمريكية من فائض حققته إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون إلى عجز كبير اتسمت به إدارة الرئيس الحالي جورج بوش والذي بلغ حاليا 455 مليار دولار طبقا لآخر إحصائيات لذلك دخلت الحكومة الأمريكية مقترضة من أسواق المال العالمية بإصدار سندات وأذونات على الخزانة الأمريكية إلى غير ذلك من وسائل الاقتراض المباشر وغير المباشر التي تمول داخليا وخارجيا من أفراد وشركات وبنوك تجارية وصناديق سيادية إلى غير ذلك في سوق عالمي كبير، فمن ناحية نجد هناك استيعابا في الأسواق المالية العالمية لإقراض الحكومة الأمريكية حتى وإن كان العائد أقل من عائدات استثمارية وذلك للإيمان الراسخ بأن تلك القروض مضمونة، حيث لا يتصور إفلاس الحكومة الأمريكية، ما أدى إلى إقبال على شراء ما تصدره الحكومة الأمريكية من سندات وأذونات أي أن حجم الإقراض الكبير الذي تقدم عليه حكومة الولايات المتحدة التي أصبحت أكبر مدين في التاريخ مما كان له تأثير في كل القطاعات الأخرى التي تعتمد على التمويل في مشاريع إنشائية أو استثمارية في التمويل العقاري وهو ما أدى إلى نقص السيولة النقدية في أسواق التمويل العقاري وتفاقمت حدة أزماته إلى جانب أن إدارة بوش طالبت بتخفيض الضرائب في وقت تزداد فيه النفقات التي تستفيد منها شرائح الدخول العالية وكبار الممولين ظنا أن تلك الشرائح المستفيدة ستستثمر في مشاريع اقتصادية تؤدي إلى ازدهار ونمو اقتصادي ولكن العكس حدث فعلا إذ إن النمو الاقتصادي تباطأ سنة تلو الأخرى مما نتج عنه زيادة في البطالة إلى 6.1 في المائة وأن كل شهر يشهد ارتفاعا أكبر في معدلات البطالة، حيث فقدت في أيلول (سبتمبر) الماضي 190 ألف وظيفة وأن الرقم مرشح إلى الارتفاع خلال تشرين الأول (أكتوبر).
زيادة البطالة أدت إلى انكماش في الدخول وبالتالي عدم قدرة ملاك العقارات المرهونة على دفع الأقساط المستحقة عليهم وزادت بذلك مخاطر التمويل العقاري مما انعكس على قطاعات اقتصادية عدة وأدى إلى أزمات في الشركات والمؤسسات المتخصصة في التمويل العقاري وانتفخ يوما بعد يوم بفقاعات هوائية، حيث قلت السيولة الضرورية لبقاء تلك المؤسسات المتخصصة في التمويل العقاري فتداعى بعضها حتى العملاقة وبدأت أمواج الإعصار المالي تزعزع ما بقي منها وانتشر الذعر والخوف في أسواق العالم أجمع، حيث تكالب المستثمرون على بيع ما في حوزتهم من أسهم وسندات وانخفضت بورصات العالم، كذلك انتشرت بطاقات الائتمان في الدول الغربية بصفة مذهلة عموما، حيث عجز المقترضون عن سداد ما عليهم، هذا وقد لعب ارتفاع أسعار العقارات على مدى الأربع سنوات الماضية دورا في تأزم الأزمات الاقتصادية والمالية، حيث أدت المضاربات إلى استمرار الارتفاع.
وفيما يخص تأثير الأزمة المالية على الدول العربية. أكد الدكتور إبراهيم عويس أن التأثيرات ستكون متفاوتة من بلد إلى آخر، حيث ستكون أكثر حدة في دول شمال إفريقيا ومصر مما ستكون عليه في دول الخليج نظرا لوجود ثروات طبيعية على غرار دولة قطر التي تمتلك ثاني مخزون من الغاز الطبيعي في العالم.
وتخللت الندوة نقاشا ثريا تم التطرق فيه إلى الرأسمالية وكيف أنها أدت إلى ظهور الأزمة المالية العالمية إلى جانب هل أن الحل الإسلامي يمكن أن يكون الحل الأمثل لتجاوز مثل هذه الأزمات فيما تطرق أحد المتدخلين إلى مفهوم العولمة وكيف أدى إلى نهب مقدرات الدول إلى جانب أن أحد المتدخلين ذكر أنه في ظل الأزمات العالمية نعرف حروبا تشنها الدول التي تعاني مشكلات مالية وتقوم بالانقضاض على الدول التي فيها سيولة والدول العربية يمكن أن تكون هدفا للأطماع في الفترة المقبلة وأكد الدكتور عويس أن كل شيء جائز.