المجامع الفقهية الإسلامية ناقشت قضايا اقتصادية وطبية معاصرة قبل 20 عاما

المجامع الفقهية الإسلامية ناقشت قضايا اقتصادية وطبية معاصرة قبل 20 عاما

أكد الدكتور وهبة الزحيلي العضو في عدد من المجامع الفقهية أن المجامع التي يحمل عضويتها كلها تتبنى قضايا 90 في المائة منها اقتصادية حديثة، أو علوم طبية أو علوم فلكية أو علوم كيماوية، كل ذلك دليل على تجاوب هذه المجامع الفقهية مع العصر فيما هو مسموح لنا أن نتجاوب فيه، ونجتهد ونجدّد فيه، ونطبق قواعد الشرع وأصوله ومقاصد هذه الشريعة من الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسب والعرض والمال، وقال إنه مع الأسف الشديد هناك من لا يعرف ولا يطلّع على قرارات هذه المجامع التي صدرت عنها منذ أكثر من 20 سنة في تلك القضايا المعاصرة، بسبب أن بعض الدول الإسلامية التي تبلّغ بهذه القرارات تحبسها في الأدراج ولا تسهم في نشرها. والناس يظنون أننا جامدون على القديم لا نتجاوب مع الحديث، وهذه تهمة باطلة، ونحن نوجد البدائل، ففي جانب المصارف الإسلامية أوجدنا عشرات البدائل حتى لا تنغمس هذه المصارف في المحرمات والربا وفي عقود باطلة أو فاسدة، ونجحت هذه المصارف ـ ولله الحمد ـ والمصارف تحقق الأنشطة التي تقوم بها البنوك العادية وشركات التأمين، ولكن بالطريق المباح، وقد يظن بعض الجهلة أن النتيجة واحدة، ولكن الواقع أن هناك فرقاً بين أن نسلك طريقاً حلالاً يكون العقد فيه صحيحاً والكسب مباحاً ويكون - ما يسمونه - بالفوائد حراماً، وبين أن ننغمس في مبدأ العمل بعقد فاسد أو باطل، إذن نحن نملأ الساحة بهذه الاجتهادات الجديدة.
وأوضح الدكتور الزحيلي أن الإسلام شرع الله ودينه، وأحكامه منها الثوابت ومنها المتغيرات، فالثوابت هذه لا مجال لتغييرها وتبديلها، فهي شرع الله أحكم الحاكمين، ولا يملك أحد في الدنيا أن يغيّر جزءا من هذه الأحكام، لأنها أساس بقاء الشريعة وخلودها إلى يوم القيامة. وهناك زاوية أخرى من الأحكام الأصلية على مسايرة العرف ومراعاة المصالح الزمنية وأحوال القياس والمصالح المرسلة، هذه يمكن أن تتغير بتغير الزمان والمكان، وتتجاوب مع مقتضيات الحياة، وحينئذ الجمع بين الثوابت والمتغيرات هو الذي يحقق لهذه الشريعة خلودها وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وهؤلاء الذين يدعون إلى تجديد الفقه الإسلامي لا يدركون حقيقته.
إنه نظام للحياة الإنسانية برمتها، والدليل على ذلك أن غير المسلمين منذ مؤتمر لاهاي عام 1937 وفي مؤتمر باريس عام 1951 ومؤتمرات عمداء كليات الحقوق في السبعينيات والثمانينيات في القاهرة وبيروت والرياض، كلهم أجمعوا على أن الشريعة الإسلامية - يريدون بها الفقه لا العقيدة - شريعة حية صالحة لكل زمان ومكان وأنها من مصادر التشريع العالمية الكبرى، وأنها تصلح للتطبيق.
هذا الحكم دليل على أن هؤلاء بعقليتهم القانونية الفذّة أدركوا ما في هذا الفقه من عظمة ونظام شامل لكل أنواع الحياة ومجالاتها، فالدعوة إلى تجديد الفقه على هذا الإطلاق دعوة غير سليمة، لأنهم حينما يريدون التجديد فكأن الإسلام فيه قديم وجديد، الإسلام لا قديم فيه ولا جديد، والتجديد بمعنى هدم ما كان في السابق وبناء شيء جديد، هذا يمكن أن يقال في القوانين الوضعية، أما الفقه الإسلامي فلا يقبل ذلك.

الأكثر قراءة